اتفقت كلمة الباحثين الشيعة على أنها دفنت ليلا. وجاء في تاريخ اليعقوبي: ودفنت (عل) ليلاً، ولم يحضرها أحد إلا سلمان وأبوذر، وقيل عمار. وروى الشيخ الطوسي في أماليه أنه لما مرضت فاطمة مرضها الذي توفيت فيه جاءها العباس بن عبد المطلب عائدا، فقيل له إنها ثقيلة، و ليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره، فأرسل إلى علي فقال لرسوله قل له يا ابن أخ، عمك يقرئك السلام، و يقول لك: إن كان من أمر فاطمة ما لا بد منه، فأجمع أنا المهاجرين والأنصار حتى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للدين. فقال علي لرسوله: إنها وصتني بستر أمرها.
وروى ابن سعد من أعلام العامة أن فاطمة دفنت ليلا دفنها علي. وهذا ما أكده البلاذري في روايتيه. وروى البخاري أنه: لما توفيت -فاطمة -، دفنها زوجها على ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها.
وروى الكليني وهو من كبار محدثي الشيعة في القرن الرابع الهجري في كتابه الكافي الذي صنفه في النصف الثاني من القرن الثالث بسند يعد من اقدم الاسانيد الشيعية، أنه: لمَّا قبضتْ فاطمةُ دفنها أَميرُ المؤمنين سرّاً وعفا على موضع قبرها ثمَّ قام فحوَّلَ وجههُ إِلى قبرِ رسول اللَّه (ص) فقال:
السلامُ عليكَ يا رسُول اللَّه عنِّي والسلامُ عليكَ عن ابنتك وزائرتك والبائِتَةِ في الثَّرى ببقعتكَ والمختار اللَّهُ لها سُرعةَ اللِّحاق بكَ قلَّ يا رسُولَ اللَّه عن صَفِيَّتِكَ صبرِي وعفا عن سَيِّدَةِ نساءِ العالمينَ تجَلُّدِي إِلّا أَنَّ لي في التَّأَسِّي بِسُنَّتِكَ في فُرْقَتِكَ موضعَ تَعَزٍّ فلقَدْ وسَّدْتُكَ في ملحُودَةِ قبرِكَ وفَاضتْ نفسُكَ بينَ نحرِي وصدرِي بلَى وفي كتَابِ اللَّهِ لي أَنْعَمُ القَبُولِ إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ قد اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ وأُخذتِ الرَّهِينَةُ وأُخْلِسَتِ الزَّهْرَاءُ فما أَقبحَ الخضراءَ والغبراءَ! يا رسُولَ اللَّهِ أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ وأَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ وهَمٌّ لا يَبْرَحُ من قَلْبِي أَوْ يَخْتَارَ اللَّهُ لي داركَ الَّتي أَنت فيها مُقيمٌ، كمدٌ مُقَيِّحٌ وهَمٌّ مُهَيِّجٌ سرعانَ ما فرَّقَ بَيْنَنَا و إِلى اللَّهِ أَشكو وسَتُنْبِئُكَ ابْنَتُكَ بِتظافُرِ أُمَّتكَ على هضمها فَأَحْفِهَا السُّؤَال واستخبِرها الحالَ فكمْ منْ غَلِيلٍ مُعْتَلِجٍ بصدرهَا لمْ تجدْ إِلى بَثِّهِ سبيلًا وستقولُ ويحكمُ اللَّهُ وهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ. سلامَ مُوَدِّعٍ لا قَالٍ ولا سَئِمٍ، فَإِنْ أَنصرِفْ فلا عن ملالَةٍ وإِنْ أُقِمْ فلا عنْ سُوءِ ظنٍّ بِما وعدَ اللَّهُ الصَّابِرِينَ، وَاهَ وَاهاً والصَّبْرُ أَيْمَنُ وأَجْمَلُ، ولولا غَلَبَةُ الْمُسْتَوْلِينَ لَجَعَلْتُ الْمُقَامَ واللَّبْثَ لزاماً مَعْكُوفاً و لأَعْوَلْتُ إِعْوَالَ الثَّكْلَى على جَلِيلِ الرَّزِيَّةِ فَبِعَيْنِ اللَّهِ تُدْفَنُ ابْنَتُكَ سِرّاً وتُهْضَمُ حَقَّهَا و تُمنعُ إِرثها ولم يتباعد العهدُ ولمْ يَخْلَقْ منكَ الذِّكرُ وإِلَى اللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ المشتكى وفيكَ يا رسولَ اللَّهِ أَحسنُ العزاءِ صلَّى اللَّهُ عليكَ وعليها السَّلامُ و الرِّضْوَانُ.