دستور الجمهورية الاسلامية في ايران 1

الإثنين 23 يناير 2017 - 09:22 بتوقيت مكة
دستور الجمهورية الاسلامية في ايران 1

يعبر دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن الركائز الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع الإيراني، وذلك على أساس القواعد والمعايير الإسلامية التي تجسد أهداف الأمة الإسلامية، وآمالها القلبية. الجزء الاول من دستور الجمهورية الاسلامية في ايران ...

لقد أعرب الشعب صراحة عن هذه الأهداف من خلال وقائع الثورة الإسلامية العظمى التي خاضها، وعن طريق شعاراته، وهتافاته المدوية التي شارك فيها جميع طبقاته.

واليوم وقد حقق شعبنا النصر الساحق فإنه يتطلع بكل وجوده إلى تحقيق هذه الأهداف الكبرى.

إن الميزة الأساسية لهذه الثورة بالنسبة إلى سائر النهضات التي قامت فـي إيران خلال القرن الأخير إنما هي عقائدية الثورة وإسلاميتها. ولقد توصل الشعب الإيراني المسلم بعد مروره بنهضة (المشروطة) المضادة للاستبداد ونهضة تأميم النفط المحاربة للاستعمار، توصل إلى هذه التجربة القيمة ألا وهي أن السبب الأساسي البارز لعدم نجاح هذه النهضات إنما هو عدم عقائديتها، ورغم أن المساهمة الرئيسة والأساسية كانت على عاتق الخط الفكري الإسلامي وقيادة علماء الإسلام المجاهدين إلا أنه بسبب ابتعاد هذه الحركات النضالية عن المواقف الإسلامية الأصيلة فإنها كانت تتجه بسرعة نحو الركود، ومن هنا فإن الضمير اليقظ للشعب بقيادة المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى الإمام الخميني قد أدرك ضرورة التزام مسار النهضة العقائدية الإسلامية الأصيلة، وهكذا كانت هذه المرة انطلاقة لحركة تغييرية جديدة بقيادته الحكيمة حيث قام بها علماء الإسلام المجاهدون فـي إيران - الذين كانوا دائماً فـي مقدمة صفوف النهضات الشعبية وشاركهم فيها أيضاً الكتاب والمفكرون والمثقفون الملتزمون بالإسلام.

(ابتدأت النهضة الأخيرة للشعب الإيراني عام ألف وثلاثمئة واثنين وثمانين هجري قمري، الموافق لسنة ألف وثلاثمئة وإحدى وأربعين هجرية شمسية).

طليعة النهضة:

لقد كانت المؤامرة الأمريكية المسماة بـ (الثورة البيضاء) خطوة نحو تثبيت قواعد النظام الدكتاتوري، وتركيز تبعية إيران السياسية والثقافية والاقتصادية للأمبريالية العالمية، ومن هنا فإن المعارضة الشديدة التي أبداها الإمام الخميني ضد هذه المؤامرة كانت حافزاً لحركة الشعب الشاملة، وتبعاً لذلك انطلقت الثورة الدامية العظمى للأمة الإسلامية فـي شهر خرداد عام 1342 هـ.ش (حزيران 1963م) حيث كانت فـي الحقيقة نقطة انطلاق لهذه الحركة العظيمة الواسعة النطاق، ومن جراء ذلك ترسخت قيادة الإمام الخميني الإسلامية واستحكمت، وعلى الرغم من نفـي الإمام فـي 13 /آبان/ 1343 هـ.ش (4/11/1964م) إلى خارج إيران بعد اعتراضه على قانون (الكابيتالسيون) المخزي (منح الحصانة القضائية للمستشارين الأمريكيين) توطدت العلاقة الوثيقة بين الأمة والإمام، وواصل الشعب المسلم - وخصوصاً المفكرين الملتزمين بالإسلام وعلماء الإسلام المجاهدين - طريقه الجهادي رغم النفـي والسجن والتعذيب والإعدام.

وفـي هذا الوقت قامت الطبقة الواعية من المجتمع – والتي كانت تشعر بالمسؤولية – بعملية توعية فـي المساجد والحوزات العلمية والجامعات باعتبارها حصوناً لها، وابتدأت هذه الفئة تعمل بجهد متواصل ومثمر فـي رفع مستوى الوعي الثوري واليقظة الإسلامية للشعب المسلم، مستلهمة ذلك كله من العقيدة الإسلامية الثورية. وفـي سبيل قمع الثورة الإسلامية شن النظام الطاغي هجوماً غادراً على المدرسة الفيضية (فـي مدينة قم) والحرم الجامعي، وسائر المراكز الثورية المنتفضة، وحاول يائساً إنقاذ سلطته الخيانية من غضب الشعب الثائر فارتكب الإعدامات، ومارس أعمال التعذيب الوحشية الشبيهة بجرائم القرون الوسطى، بالإضافة إلى السجون طويلة الأمد. فكانت هذه التضحيات السخية ثمناً يقدمه الشعب المسلم ليبرهن على عزيمته الراسخة فـي مواصلة الجهاد. وهكذا استمدت ثورة إيران الإسلامية استمراريتها من دماء آلاف الشباب المؤمن من الرجال والنساء الذين كانوا يهتفون عند الفجر فـي ميادين الإعدام بنداء (الله أكبر) واستهدفتهم أسلحة العداء فـي الأزقة والشوارع، وكانت بيانات الإمام وخطبه المستمرة فـي مختلف المناسبات تؤدي دورها التعبوي الرسالي فـي توعية الأمة الإسلامية، وشحذ عزائمها.

الحكومة الإسلامية :

عندما كان النظام الطاغي فـي قمة جبروته وسيطرته على الشعب، قدم الإمام الخميني فكرة الحكومة الإسلامية على أساس (ولاية الفقيه)، مما أوجد فـي الشعب المسلم دافعاً جديداً متميزاً ومنسجماً ورسم له الطريق الأصيل نحو الجهاد العقائدي الإسلامي، وازداد التلاحم الثوري بين صفوف المجاهدين المسلمين والملتزمين، فـي داخل البلاد وخارجها.

وفـي هذا المسير استمرت النهضة واشتدت المعارضة فـي الداخل على أثر الاضطهاد المتزايد يوماً بعد آخر، فقام علماء الإسلام والطلبة الجامعيون المجاهدون بتعميم الجهاد وفضح النظام على المستوى العالمي مما أدى إلى تزلزل الدعائم التي يقوم النظام عليها، فاضطر الحكام وأسيادهم إلى التخفيف من الضغوط التي يمارسونها، أو كما يقال اضطروا إلى التنفيس عن الجو السياسي للبلاد، وظنوا ذلك صمام أمان يحفظهم من السقوط المحتوم.

إلا أن الشعب الثائر الواعي والمصمم واصل حركته المظفرة بصورة شاملة، وعلى جميع المستويات بقيادة الإمام الخميني الحكيمة.

غضب الشعب :

فـي السابع عشر من شهر (دي) سنة 1356 هـ.ش (7 كانون الثاني 1978م) نشر النظام البائد مقالة أهان فيها علماء الإسلام وخصوصاً الإمام الخميني، مما أدى إلى تعجيل الحركة وإثارة غضب الشعب فـي جميع أرجاء البلاد، فحاول النظام - من أجل السيطرة على بركان الغضب الشعبي الثائر - أن يقمع هذه المعارضة عن طريق سفك الدماء، ولكن هذا العمل بالذات زاد من غليان الدماء فـي عروق الثورة، فانطلقت الجماهير المسلمة تنتفض بصورة متوالية خلال كل أسبوع أو أربعين يوماً تمر على استشهاد شهداء الثورة، وبذلك ازدادت حيوية النهضة ونشاطها وحركتها فـي جميع البلاد، ومع استمرار الحركة الشعبية شاركت جميع أجهزة البلاد بصورة فعالة فـي إسقاط النظام الطاغي عن طريق الإضراب العام والاشتراك فـي المظاهرات. وهكذا فإن التلاحم بين جميع الفئات والأجنحة الدينية والسياسية رجالاً ونساء كان يعتبر أمراً مصيرياً، وخصوصاً النساء اللواتي كان لهن دور فعال وبصورة ملحوظة فـي كافة ميادين هذا الجهاد العظيم، ومن المشاهد التي تعكس تواجد هذه الفئة الكبيرة من المجتمع ومساهمتها المصيرية فـي الجهاد مشهد أم تحتضن طفلها مسرعة نحو ساحة المعركة فـي مواجهة فوهات الأسلحة الرشاشة.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 23 يناير 2017 - 08:05 بتوقيت مكة
المزيد