وزارة الخارجية السورية الأمم المتحدة وفي رسالتين وجهتهما إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، يوم الجمعة، اكدت ان الغارة قد: “تم التخطيط لها في أروقة الاستخبارات الإسرائيلية والفرنسية والبريطانية والأميركية وعملاء هؤلاء في السعودية وتركيا وقطر وغيرها من الدول التي أرادت بسط سيطرتها وهيمنتها على سورية وعلى المنطقة”.
من المعروف ان هذا العدوان الصهيوني لم يكن الاول على سوريا، ففي تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ، اعلن الجيش السوري إن طائرات “إسرائيلية” أطلقت صاروخين على منطقة غربي العاصمة بالقرب من الطريق السريع بين دمشق وبيروت في هجوم انطلق من المجال الجوي اللبناني.
كما شنت “اسرائيل” غارة في كانون الأول/ ديسمبر 2015 على سوريا اسفرت الى استشهاد سمير القنطار ، كما استشهد في ذلك العام ستة أعضاء من حزب الله بينهم الشهيد جهاد مغنية نجل القائد العسكري السابق للحزب الشهيد عماد مغنية ، في غارة جوية شنتها “اسرائيل” قرب مرتفعات الجولان.
من الواضح ان الاعتداءات “الاسرائيلية” ضد سوريا ، لم يكن هدفها كما يروج الاعلام الصهيوني ، منع ارسال الصواريخ والسلاح من سوريا الى حزب الله في لبنان ، فهذه الكذبة اصبحت مكشوفة ، بعد ان تزامنت هذه الاعتداءات مع كل انتصار يحققه الجيش السوري على الجماعات التكفيرية في سوريا وعلى راسها “داعش” والقاعدة.
هذه صحيفة (يديعوت أحرونوت) “الإسرائيليّة” ، ذكرت في عددها الصادر في 13 كانون الثاني / يناير ، ان مصادر أمنية وسياسية في تل أبيب ، وصفتها بأنّها رفيعة المستوى ، اعربت عن مخاوفها في ضوء توالي تداعيات انتصار الجيش السوري وحلفائه ، باستعادة مدينة حلب ، وتجلى ذلك بالاتصالات التي تجريها الدولة السورية مع الجماعات المسلحة في الجولان بهدف التوصل إلى تفاهمات على إخلاء المناطق التي يسيطرون عليها.
وشددت الصحيفة على انه بدأت تُسمع اصوات داخل “إسرائيل”، تطالب بالعودة إلى التمسك بمعاهدة فض الاشتباك التي تم التوقيع عليها بين “إسرائيل” وسوريّة في العام 1974 بعد حرب تشرين من العام 1973، والقاضية بنشر قوات تابعة للأمم المتحدة (أوندوف) في المكان، والذين كانوا قد انسحبوا تقريبا من قواعدهم إثر سيطرة جبهة النصرة (القاعدة) وحليفاتها على أجزاء من الجولان المحرر.
يبدو ان زعماء “اسرائيل” ، كما بينت صحيفة “يديعوت احرانوت” ، لم تحرك ساكنا عندما سيطر مسلحو القاعدة على اجزاء من المناطق المحررة من الجولان ، وطردوا قوات “حفظ السلام” الاممية من هناك ، ولم تستشعر اي خوف من مسلحي القاعدة فحسب ، بل فتحت ابواب مشافيها لهم ، ودعمتهم بالسلاح والعتاد ، وتدخلت لصالحهم ضد الجيش السوري وحلفائه كلما اقتضت الضرورة ، الا ان “اسرائيل” بدات تحس بالخطر من عودة الجيش السوري وحلفائه الى مناطق الجولان المحررة وطرد القاعدة منها.
في هذا الشان تقول صحيفة “يديعوت احرانوت” : ان ما يقلق تل أبيب هو ما خلصت إليه الاستخبارات “الإسرائيلية”، وفيه أنه بعد استعادة مدينة حلب ازدادت الثقة بالنفس لدى الرئيس السوري بشار الأسد ورغبته في استغلال الفرصة لاستعادة السيطرة على الجولان، موضحة، أنّه بحسب دوائر صنع القرار في تل أبيب، فإن الجولان يحتل أهمية متقدمة في أولويات الرئيس السوري، أولا لبعده الرمزي المتصل بالصراع مع “إسرائيل”، والثاني لكونه يُحسّن مكانته الاستراتيجيّة في العالم العربي.
الاعتداءات “الاسرائيلية” على سوريا كانت ومازالت تستهدف سوريا كوجود ، فهذه الاعتداءات ، هدفها اضعاف الجيش السوري ، ورفع الروح المعنوية للجماعات التكفيرية ، من اجل مواصلة مهمتها القذرة في تجزئة سوريا ، وهذه الحقيقة اشار اليها وزير “الأمن الإسرائيلي” أفيغدور ليبرمان ، في مقال نشره بموقع “ديفينس نيوز″ الأمريكي ، حيث وصف ما يحدث في سورية والعراق واليمن وفي باقي بلدان المنطقة بالزلزال التاريخي ، ويرى ان الحل لمشاكل المنطقة يكمن في رسم حدود جديدة لبعض الدول، فتغيير الحدود بشكلها الحالي وتحديدا في العراق وسورية، ووضع خطوط فاصلة بين مناطق الشيعة ومناطق السنة من شأنه أن يقضي على الفتنة الطائفية، ويفتح الطريق أمام قيام دول تتمتع بشرعية داخلية!.
وشدد ليبرمان في مقاله على أن تأسيس العديد من البلدان في الشرق الأوسط قد تمّ بشكل مصطنع، وذلك كان نتاجا لاتفاقية سايكس بيكو، التي تمت بناء على الاعتبارات الاستعمارية، هذه الاعتبارات لم تأخذ بعين الاعتبار نمط عيش السكان والخلافات الطائفية والعرقية العميقة داخل مجتمعات معينة، وان من الخطأ الاعتقاد أن هذه الدول يمكنها التعايش في حدودها الحالية، موضحا أن الحل الذي يسوقه ينطبق على الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي”، الذي سيؤول في آخر المطاف إلى دولتين!.
يبدو ان “اسرائيل” ومن ورائها امريكا ، عاقدتا العزم على تدمير سوريا والمنطقة ، وتجزأتها الى دويلات طائفية وعرقية ، من اجل اقناع العالم بقيام “اسرائيل اليهودية” او “الكيان اليهودي” الخالص في فلسطين المحتلة ، فمن دون هذه الفوضى التي تضرب المنطقة ، بسبب الجماعات التكفيرية المدعومة من “اسرائيل” والغرب ، لا يمكن تحقيق حلم الصهاينة في تاسيس كيان يهودي خالص في “اسرائيل”.
هذا هو حلم صقور وعتاة “اسرائيل” ، ولكن ما يجري الان في سوريا والعراق ، يؤكد ان هذا الحلم لن يجد طريقه الى التحقيق ، فالانتصارات التي يحققها الجيش العراقي والحشد الشعبي على “الدواعش” في الموصل ، آخر معاقلهم في العراق ، قبر والى الابد حلم تقسيم العراق ، اما سوريا ، فقد قبرت بدورها ، بهمة الجيش السوري وحلفائه ، بعد انتصار حلب الكبير ، هذا “الحلم الاسرائيلي” الامريكي الغربي العربي الرجعي والى الابد ، وان الاعتداءات “الاسرائيلية” على سوريا ، تكشف اكثر من اي شيء اخر عجز “اسرائيل” عن رفع معنويات مرتزقتها في سوريا من “الدواعش” والقاعدة.
المصدر:شفقتا