كالينينغراد الذراع الجيوسياسية الروسية وحصان طروادة في أوروبا

الجمعة 6 يناير 2017 - 07:22 بتوقيت مكة
كالينينغراد الذراع الجيوسياسية الروسية وحصان طروادة في أوروبا

بعد أن كانت كوينزبيرغ منطقة تابعة لألمانيا حتى الحرب العالمية الثانية، انتقلت الى "بيلا روسيا" وبعدها الى روسيا لتصبح ذراعا روسية ممتدة تمنح روسيا تفوقا في الجغرافيا السياسية ولتوصف بحصان الطروادة الروسي في أوروبا.

 وقد أثار نشر منظومات أس400 للدفاع الجوي ومنظومات اسكندر الصاروخية في كالينينغراد الروسية قلق حلف الناتو، فهذه المنطقة تعد مركزاً لقيادة أسطول البلطيق الروسي، ولها اهمية استراتيجية كبيرة.

وتطل كالينينغراد على بحر البلطيق وتقع بين ليتوانيا وبولندا وتعد ذراعا ممتدة ومنعزلة للأراضي الروسية.

وفي الجغرافيا السياسية يُطلق على هذا النوع من المناطق اسم "exclave" أي الجيب الداخلي.

وبالنظر الى انعزال الجيب الداخلي فإنه قد يكون عرضة لأخطار الإنفصال أو الاستقلال أو الالتحاق بأراضي دول اخرى.

ومنح جيب كالينينغراد الداخلي روسيا تفوقا جيوسياسيا، فهي تبعد بمسافة 365 كيلومتر عن الأراضي الروسية الرئيسية، وتعد الميناء الروسي الأوروبي غير المتجمد الوحيد، وتلعب دورا كبيرا في العلاقات بين روسيا ودول البلطيق، وأوروبا وأمريكا.

وقبل الحرب العالمية الثانية، بلغ عدد الألمان في هذه الناحية 2.2 مليون شخص، ولكن بعد الحاق هذه المنطقة بروسيا تراجع عدد الألمان الى أقل من 150 ألفا، فيما ارتفع عدد الروس فيها إثر الهجرة الروسية المنظمة الى المنطقة، ليصل عددهم الى 611 ألف شخص.

وعلى مدى سني الحرب الباردة لعبت كالينينغراد دورا كبيرا في خط المواجهة، وكانت هذه المنطقة المقر الرئيسي لقيادة القوات ضد حلف الناتو بالإضافة الى كونها ميناءً استراتيجيا لاسطول بحر البلطيق والذي كان يضم قرابة 300 ألف عسكري من جيش الاتحاد السوفيتي، ليتم استعمالهم كقوات للدفاع أو للهجوم المحتمل ضد أوروبا الغربية.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واجهت روسيا تهديدات مختلفة ومنها المطالب الانفصالية كما في القوقاز وصولا الى ادعاء بلدان أخرى ملكيتها للأراضي الروسية كما في قضية اليابان وجزر الكوريل، اما كالينغراد فكانت مهددة بالأمريْن، فظهرت مطالب من قبل ليتوانيا، بولندا وحتى ألمانيا للحصول على المنطقة، وعلى الرغم من حل هذه المشكلة لصالح روسيا بعد مدة قصيرة، إلا أن مخاطر استقلالها أو انفصالها بقي قائما كما في السابق.

والآن تراجعت المطالبات بالانفصال عن روسيا، ووفقا للاحصائيات يرى 70% من سكان منطقة كالينينغراد أنهم روس بالدرجة الأولى.

ورغم ذلك تبقى هناك شكوك عن ميل الجيل الشاب على الخصوص الى الثقافة الألمانية في هذه المنطقة، كما تم اقتراح اعادة استخدام الاسم الألماني القديم للمنطقة أي "كوينزبرك".

ومؤخرا قامت روسيا ببناء كنيسة أرثوذكسية شرقية في أهم ساحة بالمدينة سعيا منها لمنع اعادة اعمار أو ترميم المباني القديمة للمدينة مثل الكنيسة الألمانية.

وعلى مدى سني الحرب الباردة كان لكالينينغراد حدود مشتركة مع دول حلف وارسو، وكان من المستبعد ان تقع هذه المنطقة البعيدة والمنعزلة في يوما ما وسط دول الاتحاد الأوروبي.

وحاليا مع توسع حلف الناتو نحو الشرق ونشر الانظمة الصاروخية الأمريكية في هذه المنطقة، أصبحت روسيا تستخدم كالينينغراد كذراع جيوسياسية، حتى أن البعض يصف كالينينغراد على أنها حصان طروادة في أوروبا.

ومن جهة أخرى تعتبر روسيا أن لهذه المنطقة دوراً كبيراً في حماية خط أنابيب الغاز الممتد بين روسيا وألمانيا.

وقد نشرت روسيا في هذه المنطقة أنظمة رادارية وأنظمة دفاع صاروخي بالإضافة الى صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية يصل مداها الى مناطق مهمة تقع ضمن نطاق 700 كيلومتر منها العاصمة الألمانية برلين، وهذا الأمر لم يكن متاحا لروسيا لولا امتلاكها هذا الجيب الداخلي، مما يُثبت مرة أخرى أهمية كالينغراد في المعادلات الدولية.

المصدر : الوقت

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 6 يناير 2017 - 07:22 بتوقيت مكة
المزيد