إذ دخلت الصحافة الالكترونية منافسة شديدة التطور مع نظريتها الورقية، كون الاولى تميزت عن الاخيرة، بأنها جمعت بين المقروء والمرئي والعاجل، وتميزت ايضا بهامش كبير من حرية التعبير، وهذا ما ادخل الصحافة المكتوبة ازمة المقروئية امام منافستها الالكترونية التي يصل عدد متلقيها بالملايين وفي تزايد مستمر.
ويرى المختصون في هذا المجال إن اوساط الصحافة تشهد تحولا وهذا التغيير اطلق شرارته القراء، هم يظهرون لنا أن المستقبل للمجال الرقمي، وافضل مثال "ذي اندبندنت" التي استغنت عن صحيفتها الورقية وحصرات اصداراتها بالنسخة الرقمية، بعد التدهور الكبير في مبيعاتها خلال السنوات الاخيرة، على ما اعلن مالكها، لم يكن الإعلان مفاجئا للكثيرين الذين كانوا يراقبون الأداء المتراجع للاندبندنت خلال السنوات الاخيرة، فبعد أن حققت الصحيفة في الثمانينيات طفرة في المبيعات وصلت الي 428 الف نسخة يوميا انهارت مبيعاتها إلي أقل من 28 الف نسخة في منتصف الاسبوع خلال العامين الماضيين.
ولكن لماذا تمكنت الغارديان التي تتخذ منهجا سياسيا مشابها للاندبندنت وتميل لليسار من البقاء وفشلت الاندبندنت في الثبات في وجه متغيرات السوق؟.
يؤكد احد خبراء الاعلام أن الغارديان هي الاخري منيت بخسائر ضخمة تقدر بما بين 60 الي 70 مليون جنيه استرليني خلال العام الماضي فقط، أما كيف تمكنت من البقاء على قيد الحياة فذلك يرجع إلي امتلاكها عددا كبيرا جدا من الاسهم في صحيفة أتو تريدر Auto Trader وهي صحيفة إعلانية للراغبين في بيع سياراتهم.
وقامت إدارة الغارديان ببيع هذه الاسهم في مقابل 600 مليون استرليني، الامر الذي مكنها من البقاء على مدى العشر سنوات الماضية من خلال المضاربة في مشروع تجاري بحت ناجح.
أما مجلة نيوزيوك الامريكية تمكنت من العودة إلي طبعتها الورقية بعد أن احتجبت ورقيا لشهور طويلة لكن الكثيرين يشككون في قدرة الاندبندنت على تكرار نفس التجربة خاصة أن جميع الصحف المطبوعة التقليدية في موقف صعب حاليا فيما يتعلق بقضية التمويل.
هذا الموقف نابع من الركود الاقتصادي ونقص عوائد الاعلان، وأيا كان الحال تبقى تجربة الاندبندنت تجربة فريدة في الصحافة المكتوبة على مستوى العالم، ظهرت في سوق إعلامي متخم بالحسابات السياسية على التيارات اليمينية واليسارية فنجحت خلال الثمانينيات من القرن الماضي في أن تظهر بصورة مختلفة وشابة وجديدة وسط مشهد صحفي يموج بالتقلبات والصراعات والتنافس.
على الصعيد نفسه تتجه أكبر صحيفة في اسبانيا لوقف النسخة المطبوعة، فقد قال رئيس تحرير صحيفة الباييس الإسبانية صاحبة أكبر توزيع في البلاد إن الصحيفة تتجه لوقف نسختها المطبوعة والاكتفاء بالموقع الالكتروني وهو اتجاه عالمي بين الصحف القومية تحت ضغط من تنامي استخدام الإنترنت.
في سياق ذاته أعلنت "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" التي تعتبر من ابرز الصحف الناطقة بالانكليزية في هونغ كونغ ان عملاق الانترنت الصيني "علي بابا" سيدفع 266 مليون دولار للاستحواذ عليها، في خطوة اثارت مخاوف من ان تؤدي لفقدانها استقلاليتها.
على صعيد ذي صلة انتقلت "واشنطن بوست" الى مقر جديد اكثر تماشيا مع مستلزمات التكنولوجيا، في حين أطلقت صحيفة "نيويورك تايمز" نسخة الكترونية جديدة باللغة الاسبانية بهدف توسيع الانتشار العالمي لهذه الصحيفة الأميركية العريقة.
وعليه لم يعد خافيا على احد إن السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضي والعشر الأولى من القرن الحالي كانت مسرحا لانفجار معلوماتي هائل بفضل ثورة الاتصال التي طال تأثيرها كل مناحي الحياة ... وقد كانت الصحافة احد ابرز المتأثرين بثورتي الاتصال والمعلومات، ومن المعطيات الراهنة يبدو ان زمن الصحافة المكتوبة يتجه صوب الافول، بينما مستقبل الصحافة الالكترونية ربما يكون رقمي بامتياز في المستقبل القريب.
ذي إندبندنت
أرسل موظفو صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، المواد الأخيرة التي ستصدر في طبعة ورقية، حيث تتهيأ الصحيفة التي تراجعت مبيعاتها إلى الانتقال بشكل كامل نحو الصحافة الرقمية، ونشر صحافيون من "ذي إندبندنت" التي تأسست قبل نحو 30 عاما، صورا على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر العاملين يقرعون على الطاولات، وهو تقليد يستخدم لتوجيه التحية عند رحيل أحد الزملاء.
وفي افتتاحيتها الأخيرة، أكدت الصحيفة أننا سنتذكر هذا "التحول الجريء" نحو الصحافة الرقمية بشكل كامل "كنموذج تحتذي به صحف أخرى في العالم"، وتابعت أن "اليوم توقفت المطابع، وجف الحبر، وقريبا لن يصدر الورق حفيفا"، وأضافت "لكن مع إغلاق فصل، يفتح آخر، وستواصل روحية ذي إندبندنت الازدهار". بحسب فرانس برس.
وصحيفة "ذي اندبندنت" التي تأسست في تشرين الأول/أكتوبر العام 1986، هي الأقل توزيعا في المملكة المتحدة، خلف صحف عدة مثل "صان" أو "دايلي مايل"، و"تايمز" و"ذا غارديان" أو "دايلي تلغراف"، وكانت "ذي إندبندنت" في أوجها في العام 1989، حيث بلغت مبيعات الصحيفة التي تمثل اليسار الوسطي واشتهرت بإيلاء أهمية للصورة، أكثر من 420 ألف نسخة في اليوم، في حين لم تعد قادرة على بيع أكثر من 40 ألف نسخة في الفترة الأخيرة.
صحيفة الباييس الإسبانية
قال رئيس تحرير صحيفة الباييس الإسبانية صاحبة أكبر توزيع في البلاد إن الصحيفة تتجه لوقف نسختها المطبوعة والاكتفاء بالموقع الالكتروني وهو اتجاه عالمي بين الصحف القومية تحت ضغط من تنامي استخدام الإنترنت.
وشهدت الصحيفة اليومية التي اكتسبت شهرة واسعة بوصفها صحيفة إسبانيا الديمقراطية بعد موت الدكتاتور فرانشيسكو فرانكو تراجعا مستمرا في عدد قرائها منذ الأزمة الاقتصادية في البلاد عام 2008، تأتي هذه الخطوة من جانب إحدى أقوى الصحف التي تصدر بالإسبانية في العالم بعد اختفاء صحيفة الإندبندنت البريطانية من أكشاك بيع الصحف في مارس آذار عندما قرر مالكها الاكتفاء بالنسخة الالكترونية. بحسب رويترز.
وقال رئيس تحرير الباييس أنطونيو كانو للموظفين في خطاب مفتوح "خطوة التحول من الورق إلى النسخة الرقمية هي جزء واحد فقط وليست حتى الخطوة الأكبر من عدة خطوات سيتعين على الصحف اتخاذها حتى نجد مكاننا الحقيقي في المستقبل"، وطمأن كانو العاملين في الصحيفة أن الباييس ملتزمة بالصدور في النسخة المطبوعة "لأطول مدة ممكنة" لكنه قال أيضا إن الصحيفة ستعمل أيضا على بناء وسيط رقمي يستجيب بشكل أفضل لمطالب القراء، وقال كانو "يمكننا أن نفترض بالفعل أن عادة شراء صحيفة من أكشاك الجرائد أصبحت عادة للأقلية... الأغلبية وبالذات الأصغر سنا يبحثون عن المعلومات التي يريدونها على عدد من الأجهزة المختلفة ويطلعون عليها بطريقة مختلفة."
ومثل العديد من الصحف الإسبانية واجهت الباييس التي تأسست عام 1976 مشكلات ديون عندما تراجعت عائدات الإعلانات بشكل حاد خلال الأزمة الاقتصادية، وشهد توزيع الباييس تراجعا مستمرا وهبط بنسبة 15 بالمئة العام الماضي ليصل إلى نحو 220 ألف نسخة. لكن موقعها على الإنترنت شهد في المقابل زيادة في مستخدمي النسخة الرقمية بلغت 15.3 بالمئة العام الماضي ووصل عدد المتصفحين إلى 13.5 مليون شخص شهريا.
نيويورك تايمز
أطلقت صحيفة "نيويورك تايمز" نسخة الكترونية جديدة باللغة الاسبانية بهدف توسيع الانتشار العالمي لهذه الصحيفة الأميركية العريقة، وأشارت الصحيفة في بيان ترحيبي اصدرته نائبة رئيس التحرير المسؤول عن القسم الدولي ليديا بولغرين الى انها تقدم من خلال نسختها الجديدة "مجموعة مختارة من افضل مضامين +نيويورك تايمز+ مترجمة الى اللغة الاسبانية" بالإضافة الى مقالات تنشر للمرة الأولى بالاسبانية. بحسب فرانس برس.
وخلال اليوم الاول نشرت "نيويورك تايمز" بنسختها الاسبانية تحقيقا صحافيا عن الرحلة الشاقة للمهاجرين من دول اميركا الوسطى الساعين للانتقال الى الولايات المتحدة، فضلا عن مقالات بشأن فيروس "زيكا" من البرازيل وأخرى عن السياسة المحلية في البيرو وفنزويلا، وقالت بولغرين "لدينا فريق رائع مع صحافيين من انحاء مختلفة من اميركا اللاتينية واسبانيا ومهمتنا تقضي بتقديم عمل صحافي بجودة عالية يوميا"، ولفتت "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي الى انها ترمي الى اجراء تعديلات اخرى في اقسام التحرير لمواجهة التحديات المتزايدة على صعيد الصحافة الرقمية.
واشنطن بوست
بنت "واشنطن بوست" مبناها الخاص في قلب العاصمة الاميركية سنة 1972، إلا أن المقر التاريخي لهذه الصحيفة بات قديما بعد اكثر من اربعة عقود على انشائه ما دفع بموظفيها البالغ عددهم 1400 الى الانتقال الى مقر إخباري أكثر تركيزا على التكنولوجيا الحديثة، وأوضحت المديرة المساعدة للصحيفة ترايسي غرانت أن المبنى الذي دخل التاريخ مع الكشف عن فضيحة "ووترغيت" في سبعينات القرن الماضي "كان تقدميا جدا كموقع للانتاج لكن حاجاتنا تغيرت"، وأضافت الصحافية المكلفة شؤون نقل المقر "الموقع ليس مثاليا لغرفة تحرير في القرن الحادي والعشرين. كانت مساحته أكبر بكثير من اللازم" منذ تغيير موقع طباعة الصحف قبل سنوات، وبعدما كانت الصحيفة تبيع في ايامها الذهبية حوالى مليون عدد يوميا، باتت مبيعاتها حاليا تقارب 400 الف عدد كل يوم.
إلا أن الموقع الالكتروني للصحيفة بات من أكثر المواقع الاخبارية تصفحا عبر الانترنت مع حوالى 67 مليون قارئ من حول العالم في تشرين الاول/اكتوبر، ما جعلها تتخطى اخيرا صحيفة "نيويورك تايمز" على صعيد عدد الزيارات الفردية الشهرية، وفق غرانت.
ومن أجل التكيف مع هذه التطورات، انتقل الصحافيون الـ700 في "واشنطن بوست" قبل ايام قليلة الى قاعة تحرير تبعد بضعة شوارع عن المقر التاريخي حيث بنت فيه الصحيفة شهرتها التي سمحت لها بالحصول على عشرات الجوائز العالمية.
وجرى نقل الفرق المختلفة في الصحيفة الى مساحة تمتد على 22 الفا و500 متر مربع. وتنص الخطة الجديدة على "دمج" المصورين الصحافيين واولئك العاملين في النسخة الالكترونية مع ادارة النسخة الورقية للسماح بكتابة اكثر تركيزا على مضامين الوسائط المتعددة، بحسب ترايسي غرانت، وأوضحت غرانت "نريد طريقة تفكير عابرة للاقسام عند تلقينا خبرا معينا"، مشيرة الى ان "القيام بذلك كان مهمة صعبة في الموقع السابق".
لكن بالنسبة لكثير من الصحافيين، فكرة ترك المقر القديم لم تثر حماسة لديهم خصوصا بسبب تعلقهم الكبير بتاريخ هذه المؤسسة الصحافية وهيبتها، وقال مارك فيشر الكاتب الصحافي في "واشنطن بوست" منذ 29 عاما "ثمة شعور بالعظمة والطاقة تشعرون به بمجرد المرور في هذا المكان والأمر لن يكون كذلك مع مساحة مستأجرة داخل مبنى يضم مكاتب محامين".
وقد جرى تصميم المقر السابق للصحيفة ليكون "مبنى نموذجيا" لمدينة واشنطن في سبعينات القرن الماضي تلبية لحاجات المؤسسة التي تم تأسيسها سنة 1877 وتطويرها بعد شرائها سنة 1933 من جانب رجل الاعمال يوجين ميير، وكانت قاعة كبيرة للتأليف والطباعة تؤمن كامل الانتاج الخاص بالصحيفة في موقع واحد.
غير أن التغييرات في "واشنطن بوست" التي اشتراها مؤسس مجموعة امازون رجل الاعمال جيف بيزوس سنة 2013، تشبه تلك التي طالت الكثير من الصحف الاميركية. فقد تخلت صحيفتا "ديترويت فري برس" و"ميامي هيرالد" عن مقرهما التاريخي خلال السنوات الماضية كما أن صحيفة "شيكاغو تريبيون" تطرح مقرها للبيع.
وشدد الصحافي روبرت ميتشل على وجود "تعلق كبير بتاريخ المؤسسة" في "واشنطن بوست" ويمثل مقر الصحيفة جزءا من هذا التاريخ، لكن ميتشل الذي يعمل في "واشنطن بوست" منذ قرابة عقدين أكد أن "المؤسسة أهم من المبنى"، وأوضحت غرانت من جهتها أن "ارث +واشنطن بوست+ مهم جدا بالنسبة الينا (...) لدينا تاريخ حافل وننقل الكثير من هذا كله" الى المقر الجديد للصحيفة.
ساوث تشاينا مورنينغ بوست
أعلنت "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" التي تعتبر من ابرز الصحف الناطقة بالانكليزية في هونغ كونغ الاثنين ان عملاق الانترنت الصيني "علي بابا" سيدفع 266 مليون دولار للاستحواذ عليها، في خطوة اثارت مخاوف من ان تؤدي لفقدانها استقلاليتها.
وقالت الصحيفة في بيان الى بورصة هونغ كونغ انه بموجب هذه الصفقة التي اعلن عنها الجمعة وافق علي بابا "على ان يشتري قطاع الاعلام في مجموعة ساوث تشاينا مورنينغ بوست مقابل مليارين و60 مليون دولار هونكوكغي".
ويشمل قطاع الاعلام التابع ل"ساوث تشاينا مورنينغ بوست" اضافة الى الصحيفة على سلة من المطبوعات بينها النسخات المحلية لمجلات "ايل" و"كوزموبوليتان" و"اسكواير" و"ذي بيك" و"هاربرز بازار"، اضافة الى طبعات خاصة ونسخ الكترونية وتطبيقات على الهواتف الذكية وموقعي نانزو دوت كوم ونانزوزينان دوت كوم. بحسب فرانس برس.
وتأسست صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" في 1903 وهي تعتبر مرجعا في ما خص شؤون المقاطعة البريطانية السابقة وكذلك ايضا شؤون الصين نفسها، واثار الاعلان عن هذا الاستحواذ مخاوف لدى البعض من ان يؤدي الى وضع بكين يدها على سياسة الصحيفة المستقلة.
السفير اللبنانية
الى ذلك أعلن ناشر صحيفة "السفير" اللبنانية ورئيس تحريرها طلال سلمان أن الجريدة وموقعها الإلكتروني سيتوقفان نهائيا عن الصدور اعتبارا من 31 مارس آذار الجاري ملقيا باللائمة على تراجع عائدات الإعلانات والانقسامات الطائفية والمذهبية في لبنان والعالم العربي.
كانت جريدة السفير المقربة من جماعة حزب الله الشيعية قد انطلقت في 26 مارس آذار عام 1974 وحملت شعار "صوت الذين لا صوت لهم". ويعكس إغلاقها أزمة أوسع نطاقا تعاني منها وسائل إعلام لبنانية منها صحيفتا النهار واللواء.
ويعمل في السفير الآن حوالي 150 شخصا بين محررين وكتاب ورؤساء أقسام ومخرجين وإدرايين، وقال بعض العاملين في الجريدة إن سلمان أرسل رسالة إدارية قبل أيام يطلب فيها أن يكتب جميع الصحفيين عن تجربتهم الخاصة في المؤسسة وعن نشأة الجريدة وأهم المحطات الزمنية والمهنية وأهم التحقيقات الاجتماعية والبيئية والمقالات السياسية والأمنية ليكون عدد 31 مارس آذار هو العدد الأخير الذي سيصدر للصحيفة. بحسب رويترز.
وقال سلمان في اتصال مع رويترز يوم الخميس "سنعقد الأربعاء المقبل مؤتمرا صحفيا نشرح فيه الأسباب والظروف والأحوال القاسية التي تمر بها الصحافة والإعلام عموما .. المكتوبة منها أو المرئية والمسموعة. أصبحنا في زمن آخر .. أليس كذلك؟"، وأضاف "أولا الصحافة مرتبطة بالحياة السياسية عموما. في لبنان لا يوجد سياسة. لا حياة سياسية نهائيا. اندثرت الحياة السياسية. يوجد بلد بلا دولة بلا مؤسسات بالمطلق لا رئيس جمهورية. مجلس نواب لا يُجمع وحكومة كلما التأمت نشهد صراعا. لا يوجد أحزاب بالمعنى الكبير للكلمة بمعنى الحياة الديمقراطية يمين ويسار ووسط وفوق وتحت .. إلخ. لا يوجد نقابات عمالية .. نقابات مهنية"، وما زال منصب الرئيس في لبنان شاغرا منذ ما يقرب من عامين مما يزيد من حالة الجمود السياسي الذي أصاب مؤسسات الدولة بالشلل. وانعكست الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات على البلاد أيضا حيث تزايدات الانقسامات الطائفية والمذهبية خصوصا بين السنة والشيعة، ويلعب مقاتلو جماعة حزب الله دورا حاسما في الحرب الأهلية السورية حيث يقاتلون إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد ضد مقاتلين معارضين تدعمهم دول خليجية عربية سنية في مقدمتهم المملكة العربية السعودية وتركيا.
وقال سلمان "حاولنا وحاولنا وحاولنا وفي النهاية مع الانقسام الطائفي الفظيع صار أول ضحية من ضحاياها الوسائل التي يفترض أنها تتوجه إلى رأي عام موحد وطني. رجع السم الطائفي دخل وقسم وفرز الناس والدولة صارت رمزية ولكن عمليا غير موجودة"، وأشار إلى الصعوبات المالية التي تعاني منها وسائل الإعلام اللبنانية قائلا "كانت ميزانية الإعلانات في لبنان أكثر من 110 ملايين دولار في السنة لكل أجهزة الإعلام بما في ذلك المرئي والمسموع والصحف. كانت هناك حصة مقبولة نسبيا للصحف على الأقل مرتبطة بنجاحات الصحف بالمعنى المهني. هذا راح أو على الأقل تناقص إلى أكثر من النصف"، وقال سلمان "كلما زاد التوزيع في غياب الإعلان كلما نخسر أكثر. يوجد نقص فاضح في الإعلان. يوجد نقص نتيجة الانقسام الطائفي والمذهبي"، ومضى يقول "على الأقل هناك ثلاث صحف إذا لم تفعل مثلنا فهي مهددة أن تفعل كما فعلنا .. ومن بينهم النهار واللواء".
كان سلمان كتب في السفير في وقت سابق هذا الأسبوع "لا بد أن تخرج إلى العلن الأزمة الخانقة التي تعيشها الصحافة في لبنان على اختلاف توجهاتها السياسية وانتماءات أصحابها وأقلامها المشرقة بالفكر وحب الناس والرغبة في خدمتهم فتصيب الجميع بالوجوم.. ولادة الحزن.. وهم ينتبهون إلى خطورة الزلزال الذي يتهدد وطن الأرز في بعض أعز ما يتباهى به من مزايا تزكي نظامه الفريد.. برغم كل ما فيه من عيوب.. وتعزز الادعاء بأنه موطن الحرية"، أضاف "بل إن الوجوم الذي سيستدعي الحزن الجماعي لن يقتصر على اللبنانيين وحدهم.. فالعرب في مشارق أرضهم الواسعة وفي مغاربها قد سارعوا إلى التعبير عن صدمتهم بما تتعرض له الصحافة في لبنان من مخاطر قد تودي بها."اما نايلة تويني رئيسة تحرير جريدة "النهار" العريقة التي تعاني أيضا من أزمة مالية فكتبت افتتاحية تحت عنوان "أزمة الإعلام من أزمة لبنان".
وجاء في الافتتاحية "ليس عيبا أن يقر الإعلام اللبناني بأزمته وخصوصا الصحافة المكتوبة التي بلغت أزمتها مرحلة غير مسبوقة. وإذا كنا نحن في الإعلام نتناول مشكلات الناس وقضاياهم ونسعى معهم إلى البحث عن حلول فإننا بتنا غارقين في مشكلاتنا التي لا نجد مسعى حقيقيا لاخراجنا منها"، وأضافت "في خضم الأزمة التي كشفتها الزميلتان "السفير" و"اللواء" الأسبوع الماضي ارتفعت أصوات كثيرة منها ما يدافع عن الصحافة ومنها ما يرى أن لا ضرورة للصحافة وأن لبنان من دونها يمكن أن يكون "أحلى" لأنها تبرز الانقسامات والمشكلات وتدافع عن المحاور المتصارعة بل تساهم في إذكاء الخلافات والصراعات."وأشارت تويني إلى أن "الأزمة باتت مستحكمة في قطاعات عدة في لبنان وسببها مالي."
ماجاء في هذا المقال لايعبر بالضرورة عن وجهة نظر القناة