وقد استفاد الغرب من وراء صناعة الاعلام وحقق مليارات، ليس فقط على المستوى المادي ولكن ايضاً على مستوى تصدير معالم القوة في هذه المجتمعات وما يغلفها من ادوات تهدف الى تحقيق الهيمنة السياسية والفكرية على العالم، من خلال الاعلام لاسيما الفضائي الذى يعد اهم وسائل السيطرة على اهتمامات الناس وتفكيرهم وعقولهم كما ان المؤسسات الغربية تسعى ايضا الى تطوير وتوسيع قدراتها الاعلامية من اجل فرض نفسها كقوة فاعلة ومسيطرة في الساحة الدولية.
نيويورك تايمز
فيما يخص بعض قضايا واخبار الاعلام في مختلف دول العالم فقد اعلنت صحيفة "نيويورك تايمز" عزمها استثمار 50 مليون دولار خلال ثلاث سنوات لتطوير محتواها الرقمي خارج الولايات المتحدة، مركزة جهودها على المضامين الالكترونية لجذب القراء والايرادات الخارجية. وأعلن مدراء الصحيفة في بيان أنهم أكدوا للموظفين في "نيويورك تايمز" ان "النمو الدولي سيكون الاولوية التحريرية والتجارية للمجموعة". وأضاف البيان ان "نوعية التغطية الدولية للصحيفة وعمقها مصدر فخر منذ زمن طويل وقد جذب ذلك عشرات ملايين القراء الدوليين. لكن محتوانا الالكتروني لا يزال معدا بشكل رئيسي للقراء الاميركيين، لا نزال بعيدين عن تحقيق امكاناتنا بجذب قراء من خارج سوقنا المحلية".
وتضم الصحيفة العريقة عددا كبيرا من العاملين في اسرتها التحريرية لكن على رغم العدد الكبير من الصحافيين فيها تجد "نيويورك تايمز" صعوبة في الانتقال الى العصر الرقمي والاستحواذ على قاعدة عريضة في اوساط القراء الدوليين في ظل المنافسة الكبيرة مع الصحف المنشورة حصرا عبر الانترنت.
وأشار بيان الصحيفة الى ان "نيويورك تايمز ستستثمر 50 مليون دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة لفرض نفسها لاعبا اساسيا في قطاع الاعلام وصناعة الرأي في العالم". ولفت المدراء الثلاثة للصحيفة وهم الناشر ارثر سولزبربرغ جونيور والمدير العام مارك تومسون والمدير التنفيذي دين باكويت الى "اننا قادرون على تحقيق نتائج افضل بكثير من خلال اشراك القراء غير الاميركيين على نحو افضل والكتابة من اجلهم وعنهم في آن معا". بحسب فرانس برس.
وقد أطلقت الصحيفة في كانون الثاني/يناير نسختها الالكترونية باللغة الاسبانية غير أن قادتها المحوا في بيانهم الاخير الى ان التغييرات المتوقعة ستكون اوسع بكثير. وسجل عدد المشتركين بالنسخة الرقمية لصحيفة "نيويورك تايمز" ارتفاعا بنسبة 20 % خلال عام ليصل الى 1,09 مليون في نهاية كانون الاول/ديسمبر 2015. وقد وفرت الاعلانات على مواقعها 24 % من اجمالي المداخيل الاعلانية في المدة نفسها.
من جانب اخر ستصدر مجموعة "نيويورك تايمز" مجلة شهرية بالصينية في هونغ كونغ وماكاو تتضمن مقالات عن مستجدات دولية ومحلية. وستسوق مجلة "تشاينيز مانثلي" اعتبارا من الأول من أيار/مايو بمعدل 50 ألف نسخة وهي ستباع في الفنادق والمطارات والأكشاك في هونغ كونغ وماكاو. وتقدم هذه المجلة في صفحاتها الأربع والعشرين "معلومات وافتتاحيات ومقالات مجتمعية من نيويورك تايمز ترجمت إلى الصينية المبسطة لقراء صينيين"، على ما جاء في بيان صادر عن المجموعة الإعلامية الأميركية.
وأوضح البيان أن "حوالى 20 % من المحتويات ستخصص للأخبار المحلية في هونغ كونغ وماكاو". وستتولى مجموعة "نيويورك تايمز إنترناشونال" إصدار هذه المجلة تحت إدارة تشينغ-تشينغ ني رئيس تحرير موقع "نيويورك تايمز" بالصينية. وتعد "نيويورك تايمز" من وسائل الإعلام الأجنبية التي حجبت مواقعها الإلكتروينة في بر الصين الرئيسي.
لوموند ديبلوماتيك بالعربية
في السياق ذاته عادت النسخة العربية من شهرية "لوموند ديبلوماتيك" إلى الصدور من العاصمة تونس بعدما توقفت منذ 2013، حسبما اعلن ناشرها. وقالت شركة النشر التونسية "الصحافة الجديدة" في بيان "تعود النسخة العربية للوموند ديبلوماتيك التي انطلقت من تونس سنة 1988 إلى موطنها الأصلي (..) لتحطّ الرّحال من جديد في نقطة بدايتها تونس".
وقالت الشركة في بيان إن هذه العودة تأتي "في سياق التحوّلات السياسية التي عاشتها تونس منذ 14 كانون الثاني/يناير 2011" تاريخ الاطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي كان يقمع حرية الصحافة والتعبير. وتابعت انه سيتم "في أجل قريب" اطلاق نسخة الكترونية من الشهرية "من أجل تمكين القرّاء في دول العالم العربي والمهجر من الاطلاع على الجريدة". واضافت "بداية من شهر (حزيران) يونيو 2016، ستثرى لوموند ديبلوماتيك بكراس عربي يعنى بمتابعة وبملاحظة وتحليل التحوّلات العميقة التي تعصف اليوم بالعالم العربي والإسلامي".
وسنة 1998، غادرت الصحيفة تونس بسبب مناخ التضييق على حرية الصحافة والتعبير في البلاد، متوجهة الى بيروت ومنها إلى باريس. و"كان العالم العربي مركز اهتمام استراتيجي بالنسبة إلى لوموند ديبلوماتيك بالنظر إلى تداعيات التحوّلات السياسية والجيوسياسية التي تعيشها المنطقة على رسم وتطوير السياسات في العالم" وفق بيان شركة النشر. وأضاف البيان "ستواصل الجريدة تبنّي هذه الاستراتيجية خاصّة في ظلّ التغيّرات التي تعيشها المنطقة منذ سقوط الأنظمة القديمة والمسار المتقلّب للانتقالات الحالية". بحسب فرانس برس.
وتأسست لوموند ديبلوماتيك سنة 1954 كملحق لصحيفة لوموند التي تملك 51 بالمئة من اسهم الشهرية. ومنذ 2008 يدير سيرج حليمي لوموند ديبلوماتيك التي "لها هيئة تحرير مستقلّة وتدار من خلال مؤسسة منفصلة عن لوموند" وفق البيان الذي ذكر أن الشهرية اتخذت منذ 1973 "توجها مناهضا للعولمة".
ذي غارديان
من جهة اخرى عينت كاثرين فاينر رئيسة تحرير النسخة الإلكترونية من "ذي غارديين" في الولايات المتحدة، رئيسة تحرير الصحيفة البريطاينة، لتصبح تاليا أول امرأة تتولى رئاسة التحرير في تاريخ الصحيفة. وهي تحل محل آلن راسبريدجر الذي أعلن في كانون الأول/ديسمبر الماضي نيته مغادرة منصبه في الصيف بعدما لمدة 20 عاما رئاسة تحرير الصحيفة التي فازت مع "نيويورك تايمز" بجائزة "بوليتزر" للعام 2014 عن قضية إدوارد سنودن المستشار السابق للاستخبارات الأميركية.
وأصبحت كاثرين فاينر بالتالي رئيسة التحرير الثانية عشرة للصحيفة اليسارية الميول وأول امرأة تتولى هذا المنصب في خلال 194 عاما. وهي وصفت تعيينها "بأنه شرف عظيم ومسؤولية كبيرة". وقد انضمت إلى طاقم الصحيفة في العام 1997 وتولت عدة مهام فيها، من قبيل مساعدة رئيس التحرير ورئيسة تحرير نسخة. بحسب فرانس برس.
وكلفت بإطلاق النسخة الرقمية من الصحيفة في أستراليا قبل أن تعين العام الماضي رئيسة تحرير النسخة الإلكترونية في الولايات المتحدة التي أنشئت قبل 4 أعوام. وأكد آلن راسبريدجر الذي يغادر منصبه لتولي رئاسة مجموعة "تراست" التي تملك الصحيفة البريطانية أن فاينر "ستثري مهامها الجديدة بخبرتها الواسعة وحنكتها وطاقتها الرائعة".
جوائز بوليتزر
الى جانب ذلك عكست خيارات نتائج جوائز "بوليتزر" للعام 2016 التي وزعت في نيويورك المآسي التي تعصف بالعالم. وتعد هذه الجوائز التي تحمل اسم الصحافي جوزيف بوليتزر وقد قدمت للمرة الأولى سنة 1917 من أعرق التكريمات التي تمنح في مجال الصحافة والابتكارات الفنية. وقدمت جائزتان بشكل استثنائي في فئة صور "الأخبار العاجلة" (بريكينغ نيوز)، مع جائزة لأربعة مصورين من "نيويورك تايمز" هم ماوريسيو ليما وسيرغي بونوماريف وتايلر هيكس ودانييل إيتر عن عملهم حول اللاجئين والمخاطر التي تواجهم، فضلا عن جائزة أخرى كانت من نصيب فرق التصوير في وكالة "رويترز" التي تتبعت اللاجئين الفارين بأغلبيتهم من النزاع الدائر في سوريا في رحلة من مئات الكيلومترات محفوفة بالمخاطر.
وكرمت آليسا روبين المديرة السابقة لمكتب "نيويورك تايمز" في كابول التي انتقلت إلى باريس في فئة "الريبورتاج الدولي" عن تغطيتها لمعاناة النساء الأفغانيات، بعد أكثر من 14 عاما من سقوط نظام حركة طالبان. وكانت جائزة "الأخبار العاجلة" من نصيب "لوس أنجليس تايمز" التي واكبت أحداث الهجوم الذي نفذه زوجان من أصل باكستاني في مركز للخدمات في سان برناندينو وأودى بحاية 14 شخصا.
وفي فئة الأدب غير الروائي، اختير كتاب "بلاك فلاغز: ذي رايز أوف آيسيس" (الأعلام السوداء: صعود تنظيم "داعش") للصحافي جوبي ووريك الذي سبق له أن فاز بعدة جوائز "بوليتزر". وللمرة الأولى منحت جائزة "بوليتزر" لصحافيتين تعملان في مجلة هما الناقدة إيميلي نوسباوم وكاثرين سولتز من "نيويوركر". وحظيت وكالة "أسوشييتد برس" بجائزة "الخدمة العامة" التي تعد أعرق جوائز "بوليتز" بفضل تحقيق أجرته في آسيا عن صيادين يعملون في ظروف عبودية تصدر ثمارهم البحرية إلى الولايات المتحدة. وأدى هذا التحقيق إلى تحرير ألفي عامل من هذا الوضع وتوقيف عدة متهمين.
وكرمت "واشنطن بوست" في فئة "الريبورتاج الوطني" تقديرا للجهود التي بذلتها في إنشاء قاعدة معطيات عن الأشخاص الذين قتلوا على أيدي الشرطة الاميركية. وتماشيا للتوقعات، نال العمل الكوميدي الموسيقي "هاملتون" جائزة "بوليتزر" في فئة الأعمال المسرحية. بحسب فرانس برس.
وتلقت لجنة التحكيم حوالى ثلاثة آلاف طلب ترشيح لهذه الجوائز التي تمنح في 22 فئة. ويحصل الفائز بجائزة الخدمة العامة على ميدالية ذهبية، في حين يقدم مبلغ مالي للآخرين بقيمة 10 آلاف دولار خلال مأدبة غداء من المزمع تنظيمها في نيويورك في الأسابيع المقبلة.
قاعدة بيانات ضخمة
في الولايات المتحدة، تساعد شركات متخصصة في جمع ومعالجة البيانات المتعلقة بالمواطنين، الاحزاب للوصول بشكل اسهل الى الناخبين خلال الحملات الانتخابية، من دون ان يعلم الاميركيون بان المعلومات المتعلقة بهم ستستخدم بهذه الطريقة. وباتت "ان جي بي فان" التي تحدث عنها الاعلام مؤخرا في قضية سرقة معلومات تتعلق بهيلاري كلينتون من فريق خصمها برني ساندرز، واحدة من المؤسسات الرئيسية في هذا القطاع. وهي تدير قاعدة بيانات الحزب الديموقراطي.
وكم هو عدد الاشخاص المخزنة بياناتهم؟، يجيب كيفن ثورمن المسؤول المعلوماتي السابق لحملة هيلاري كلينتون في 2008 ضاحكا "الجميع". وقال "كل الناخبين المسجلين منذ 2004 وربما اكثر لان البعض توفي مذذاك". وتقدر المؤسسة العدد بحوالى 195 مليون شخص اي اكثر من ال142 مليونا المسجلين حاليا على اللوائح. وتشمل الملفات ايضا راشدين لا يقترعون وتأمل الحملات في تعبئتهم.
ويستعين كل المرشحين الديموقراطيين بخدمة ان جي بي فان، ان لانتخابات محلية او انتخابات رئاسية. وتساعد المؤسسة المرشحين على الوصول بشكل افضل الى الناخبين وتجنب اولئك الذين لن يصوتوا ابدا لهم وبالتالي خفض كلفة الحملة. وقالت براندي ترافيس المتحدثة باسم اريستوتل احدى ابرز الشركات المنافسة لان جي بي "اذا كنت ضمن فريق دونالد ترامب فلن تهدر الوقت والمال للوصول الى مناصري كلينتون".
ومنذ 2004 يجمع الحزب الديموقراطي المعلومات عن الناخبين الاميركيين واوضاعهم المدنية وتاريخ اقتراعهم، ما يسمح بتحديد في اي اقتراع شاركوا. انها بيانات عامة. ومن خلال وسطاء يشتري الحزب لاحقا بيانات مخزنة لدى شركات خاصة تتعلق بزبائنهم. على سبيل المثال تبيع متاجر سي في اس هذه المعلومات تماما كما مؤسسة "ناشونال رايفل اسوسييشن" التي تنقل معلومات تتعلق باعضائها.
وقال ثورمن "كما يستعلمون لمعرفة مع اي مجلة لديكم اشتراك". ولا يعرف الزبائن بذلك على الارجح لكن كل هذا قانوني في غياب قوانين واضحة. وقال ساشا اسنبرغ الصحافي الاميركي الذي الف كتابا عن هذا الموضوع "يريدون معرفة اي نوع من المنتجات يشتريها الاشخاص في المتاجر". كما تبيع هذه الشركات العنوان الالكتروني لزبائنها ما يسهل الوصول الى صفحة التعريف الخاصة بهم على فيسبوك عندما تترك مفتوحة.
ويمكن للحزب الديموقراطي التعرف على المستوى التعليمي للفرد والى اصله. وبفضل هذه البيانات التي يتم جمعها وتحليلها من برنامج طورته ان جي بي فان، يعلم فريق الحملة الى من يجب ان يتوجه وحتى يمكنهم تشخيص الرسالة الموجهة. بالتالي امرأة في الثلاثين من العمر من سكان مدينة كبيرة مشتركة في مجلة ادبية لها فرص اكبر للتصويت لهيلاري كلينتون من رجل في الستين من العمر مشترك في مجلة حول الاسلحة النارية يعيش في منطقة ريفية في جنوب البلاد.
ومن خلال الانتقال من منزل الى اخر، يمكن للمتطوعين ان يقدروا ما اذا كان الشخص المحدد اكثر وعيا لظاهرة الاحتباس او لمكافحة البطالة. ولا تعد ان جي بي فان المؤسسة الوحيدة في هذا القطاع الذي يشهد نموا بل هناك العشرات منها في هذا المجال. وبعضها مثل اريستوتل يشكل بنفسه قاعدة البيانات. وقالت شركة "نايشن بيلدر" ان احزابا سياسية فرنسية اتصلت بها تمهيدا للانتخابات الرئاسية في 2017. وللحزب الجمهوري قاعدة بيانات مشابهة مع نظام الشركات المتخصصة نفسه. بحسب فرانس برس.
وتذكر الشركات بان كل هذه البيانات تجمع بشكل قانوني مع العلم ان الاميركيين يجهلون ان الاحزاب تدخل بهذه الطريقة في خصوصياتهم. وقال جو كارن مؤسس شركة فيلباك التي تعمل مع الجمهوريين "عندما تضغطون على زر اوافق من دون قراءة الشروط تسمحون للمؤسسات ببيع بياناتكم. عندها تصبح عامة من دون علم المعنيين". وذكر ثورمن "عندما يشترك اشخاص في امر ما لا يدركون بما يتورطون". وتابع "لكن المعلومات التي نملكها عن الاميركيين لا تتناقض مع ما تجمعه الشركات عنهم. ومقارنة بها فاننا في موقع ضعيف".
ماجاء في هذا المقال لايعبر بالضروة وجهة نظر القناة