آية الله الشهيد الشيخ نمر باقر النمر رجل العلم والجهاد

الإثنين 2 يناير 2017 - 14:22 بتوقيت مكة
آية الله الشهيد الشيخ نمر باقر النمر رجل العلم والجهاد

تمر الذكرى السنوية الاولى لارتكاب النظام السعودي جريمة قتل آية الله المجاهد الشيخ نمر باقر النمر في 2 كانون الثاني/ يناير 2016 وبهذه المناسبة نستعرض مقتطفات من سيرته الذاتية والجهادية.

تمر الذكرى السنوية الاولى لارتكاب النظام السعودي جريمة قتل آية الله المجاهد الشيخ نمر باقر النمر في 2 كانون الثاني/ يناير 2016 وبهذه المناسبة نستعرض مقتطفات من سيرته الذاتية والجهادية.

 

ولادته واسرته:

 

ولد الشهيد الشيخ نمر باقر النمر بمنطقة العوامية -وهي إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية- عام 1379 هـ، 1959م من أسرة مرموقة في المنطقة، برز فيها علماء أفذاذ أبرزهم آية الله العظمى الشيخ محمد بن ناصر آل نمر (قده)، وخطباء حسينيون كجده من أبيه: الحاج علي بن ناصر آل نمر المدفون إلى جانب أخيه آية الله الشيخ محمد بن نمر بمقبرة العوامية.

 

دراسته ورحلته لطلب العلم الديني:

 

بدأ دراسته النظامية في مدينة العوامية إلى أن انتهى إلى المرحلة الثانوية؛ ثم هاجر إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية طلباً للعلوم الدينية الشرعية في عام 1399 -1400 هـ،ومن ثم هاجر إلى منطقة السيدة زينب (ع) قرب دمشق في سوريا لاكمال دراساته الحوزوية.

 

وتوج دراساته الحوزوية بنيله مرتبة الاجتهاد في الفقه بشهادة وتأييد كبار العلماء.

 

وزاول الشيخ النمر التدريس الحوزوي حيث درس المقدمات، ومن ثم بدأ بتدريس السطوح وكان من أفضل المدرسين لكتب المكاسب، والرسائل، والكفاية، كما قام بتدريس كتاب اللمعة الدمشقية مرات عديدة في حوزات إيران وسوريا"(1)، كما ودرس كتاب جامع المدارك، ومستمسك العروة الوثقى، والحلقات للسيد محمد باقر الصدر، وغيرها من الدروس الحوزوية.

 

وتخرج على يديه ثلة من العلماء الأفاضل الذين تبوءوا مراتب دينية واجتماعية وقيادية رفيعة في مجتمعاتهم.

 

خصوصياته الاخلاقية والعملية:

 

 

 

امتاز الشهيد النمر بخلق رفيع وقوة في تمسكه بمبادئ والقيم الدين الحنيف وتبلورت عملياً في مسيرته الفكرية والجهادية.

 

 

 

وامتاز بنظرة ثاقبة في المستجدات الواقعة، وبرؤية تحليلية دقيقة وموضوعية لمجريات الواقع الاجتماعي والسياسي، وذلك لارتباطه الشديد بالقرآن الحكيم؛ وهدى السنة المطهرة، وبما لديه من ثقافة غزيرة ومتنوعة.

 

كما "وقد عرف عن الشيخ الجد والاجتهاد والنشاط والمثابرة والإيمان العميق وقد شهد له الجميع ممن عرفه ودرس معه بأن فاق أقرانه ومع أن الشيخ لا يجامل على حساب الدين والمبدأ فهو شجاع وصريح ولا يخش في الله لوم لائم ويدافع عن الحق بكل قوة إلا أنه لم يحمل في قلبه أي حقد لأحد من الناس على الإطلاق ولذلك يعد الشيخ مضرب المثل في طهارة النفس وسموها ورفعتها" (2).

 

نشاطاته ومشاريعه:

 

أنجز الشهيد عددا كبيرا من المشاريع التي أثر بها الساحة المحلية والإقليمية بالذات، وكان لبعضها تأثيراً ملحوظاً سواءً على المستوى الديني أو الفكري أو الاجتماعي أو السياسي؛ منها:-

 

* بعد انحسار المد الديني والرسالي في المنطقة -وبالذات في مدينة العوامية- منتصف التسعينات عمل على إعادته من خلال تبني عدة نشاطات ساهمت في خلق الوعي الديني والرشد الفكري، وذلك من خلال:

 

1) إمامة الجماعة لجميع الفرائض في أحد المساجد التي لم يكن يصلى فيها جماعة وهو مسجد الإمام الحسين (ع) بحي الزارة في العوامية، الذي سمي بعد توسعته بجامع الإمام الحسين (ع)، وقد مارس فيه ويمارس عدة نشاطات وفعاليات.

 

2) إقامة صلاة الجمعة عام 1424 هـ بمدينة العوامية، والتي انقطعت عن منطقة القطيف لسنوات طويلة تربو على الخمسين عاماً، والتي اقتصر إقامتها في مدينة سيهات على مقلدي آية الله العظمى الشيخ حسين العصفور (قده) ، وقد أثمر عودتها عن إقامتها في مدينتي صفوى وتاروت مباشرة، وبعد سنوات أقيمت كذلك في منطقة القطيف.

 

3) سعى جاهداً لتفعيل دور المرأة في المنطقة، واستثمار طاقاتها في المجالين الديني والاجتماعي، ابتداءً من المشاركة والحضور في صلاة الجماعة ومروراً بالمشاركة في البرامج الدينية المختلفة، ونجح في اشراك مجموعة من النسوة في إدارة بعض المشاريع الثقافية والتعليمية، حيث اكتسب عدد منهن على المحاضرة والكتابة والتأليف.

 

4) أثرى الساحة الإسلامية بما يقارب من الفي محاضرة في مختلف المواضيع الدينية والثقافية والاجتماعية.

 

5) له مساهمات عديدة في الملتقيات والمنتديات والمؤتمرات الدينية والعلمية في المنطقة وخارجها.

 

6) وضع بحوثا وألف مقالات نشرتها مجلة البصائر ونشرات متفرقة في مواقع الإنترنت.

 

7) حمل على عاتقه محاربة العرف الاجتماعي والديني الجاهلي والتقاليد البالية، وكسر الأغلال الاجتماعية السيئة التي تعيق تقدم الإنسان وتحمله أضعاف ما يحتمله، وتحمل في سبيل ذلك مقاطعة بعض الفئات الاجتماعية والدينية له، ومحاولة تشويه الصور التي يرسمها عن البديل الأصيل لتلك الأعراف الخاطئة.

 

8) كان يشجع ويساهم كثيرا في زواج الشبان عبر الدعوة الى خفض المهور وتقليل التكاليف الباهظة للزواج ، وسعى إلى إقناع البعض فيها بالاستنان بالسنة النبوية الشريفة واهل بيته الطاهرين من خلال اعتماد صداق السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.

 

9) أنشأ حوزة لتدريس العلوم الدينية باسم الإمام القائم (عج) في بلدته العوامية في عام 1422 هـ، فكانت بداية انطلاقتها باسم (المعهد الإسلامي)، وقد حوت في صفوفها الدراسية الرجال والنساء في قسمين منفصلين.

 

10) أطلق نداءه المدوي بضرورة إعادة بناء أضرحة أئمة البقيع الغرقد التي هدمها الوهابيون وآل سعود في الثامن من شوال لعام 1344هـ، بعد أن غابت هذه القضية عن الساحة عقوداً من الزمن، حيث ابتدأ النداء على مراحل:

 

* نادى الشيخ النمر في عام 1425 هـ بإقامة مهرجان بسيط لإحياء هذا الحدث تحت عنوان: (البقيع حدث مغيب) وقد تعرض هذا المهرجان لتدخل أمني من قبل السلطات السعودية، مما أسفر عن منع إقامة المهرجان، بعد أن تعرضت الحكومة لضغوط كبيرة وكثيرة من الوهابية التي ثارت ثائرتها بحجة "إقامة شركيات في بلاد التوحيد"، مما سبب ذلك استدعاء الشيخ الشهيد من قبل السلطة، حيث تم تطويق منزله بسيارات رجال المباحث، وقد رفض مصاحبتهم مفضلاً أن يأتي بسيارته، ومارسوا الضغوط عليه ليلغيه.

 

* نادى الشيخ الشهيد بإقامة المهرجان في العام التالي تحت شعار: (البقيع الخطوة الأولى لبنائه) في عام 1426 هـ، وقد تعرض أيضاً للمنع من سلطات الأمن، مما أنتج عن هذين النداءين أن طالبت شخصيات عراقية الحكومة السعودية ببناء قبب البقيع، وقد وعدت الحوزة العلمية في العراق بالتكفل بتكاليف البناء، وقد جمعت تواقيع 8 ملايين نسمة للمطالبة ببناء البقيع.

 

* في عام 1427 هـ نادى الشيخ الشهيد بإقامة مهرجان تحت شعار: (البقيع قبب ومنائر)، وقد تعرض هذا المهرجان أيضاً للمنع، ولكن الجديد هنا هو في أخذ وعد من مسؤول حكومي بإقامة المهرجان واثارة موارد عديدة منها: "المطالبة بحقه الشرعي في بناء قبور أئمة البقيع عليهم السلام وحذف عبارات من الكتب الدراسية والإعلام الرسمي التي تتهم بناة القبور -وما يرتبط بها- بالشرك".

 

* بعد عام أقيم المهرجان وسط ارتباك رجال الأمن ورغم عراقيل السلطة.

 

* أثمرت نداءات الشيخ عن احياء ذكرى البقيع حيث خرجت مسيرات سلمية في بلدان اسلامية وأوربية وأميركا منادية ببناء أضرحة البقيع المهدمة.

 

11) في عام 1428 هـ قدّم الشيخ لنائب أمير المنطقة الشرقية عريضة نموذجية غير مسبوقة تجسد المطالب الشيعية في المملكة، وقد أثنى على هذه المطالب المعارض السعودي السني: سعد الفقيه، بالرغم من أنه كان يحرض الحكومة في ثنايا مدحه، ويدين علماء السنة ويلفتهم للتعلم من الشهيد النمر كيفية المطالبة وفي أي أمر يطالبون به.

 

12) في ليلة العاشر من شهر محرم لعام 1429 هـ نادى سماحته بتشكيل (جبهة المعارضة الرشيدة)، والتي من وظيفتها ومسؤولياتها -حسب ما ورد في محاضرته تلك- معارضة الفساد: الاجتماعي والكهنوت الديني والظلم السياسي الواقع على المواطنين الشيعة في السعودية.

 

* اعتقالات ومضايقات اسرة آل سعود للشهيد النمر:

 

1- لاقى الشهيد مضايقات عديدة من قبل رجال الأمن اذ كانوا يتناوبون على مراقبة منزله باستمرار، والتعرض له عن طريق الاستدعاءات المتكررة وبدون إذن مكتوب، ولكنه لم يتجاوب معها.

 

2- في عام 1424 هـ اعتقل سماحته بعد أقامة صلاة الجمعة في (ساحة كربلاء)، واستمرارها لعدة أسابيع، وقد طلبوا منه - بالإضافة إلى ترك إقامة صلاة الجمعة والبرامج المختلفة- إزالة البناء القائم في ساحة كربلاء ليطلق سراحه.

 

3- في عام 1425 هـ اُستدعي الشهيد من قبل السلطات من أجل إلغاء مهرجان البقيع "البقيع، حدث مغيب" وطوقت منزله سيارات رجال الأمن، ورفض مصاحبتهم مفضلاً أن يأتي بسيارته، وقد قاموا بالضغط على سماحته لكي يلغيه.

 

4- في عام 1426 هـ أُستدعي الشهيد من أجل إلغاء مهرجان البقيع (البقيع الخطوة الأولى لبنائه)، وقد استمر بقاء الشيخ في المعتقل من الساعة التاسعة والنصف صباحاً حتى الواحدة ظهراً، وقد أخذ منهم وعوداً بأن يعطى حقه في المطالبة بالبناء وغيرها من المطالبات.

 

5- في عام 1427 هـ اعتقل الشيخ الشهيد اثناء عودته من البحرين عقب حضوره مؤتمر للقرآن الكريم، واقتيد اثناء اجتيازه جسر الملك فهد إلى المعتقل، اثر تقارير مكذوبة، وتعرض للاساءة بسبب مطالباته الدينية والمدنية منها تدريس المذهب الشيعي في المدارس، وبناء اضرحة البقيع، ومحاضراته الدينية والاجتماعية، واستمر اعتقاله قرابة أسبوع، ماأسفر عن خروج تظاهرات احتجاجية في العوامية ساهمت في اطلاق سراحه.

 

6- في عام 1429هـ استدعي إلى محافظة القطيف، ولما لم يتجاوب مع السلطة اودع في سجن بالدمام اثر رفضه التوقيع على تعهد بعدم إلقاء الخطب - وبالذات الجمعة- والدروس، ما أدى لاعتقاله في السجن الانفرادي بقرار من وزير الداخلية، أو التوقف عن إلقاء الخطب لكن اعتقاله لم يستمر أكثر من يوم وليلة.

 

اطلاق النار عليه واعتقاله:

 

استمرت السلطة بمضايقته وصنع الذرائع لاعتقاله بهدف التخلص منه نهائيا حيث اعتقل في يوليو/تموز 2012 عقب تأييده احتجاجات حاشدة اندلعت في فبراير/شباط 2011 في القطيف بالمنطقة الشرقية.

 

وأطلقت الشرطة النيران عليه ماأدى الى اصابته بجروح اثناء عملية الاعتقال وتذرعت وزارة الداخلية بمحاولته الهرب ومقاومة رجال الأمن.

 

وقالت تقارير إن الشرطة أطلقت عليه أربعة أعيرة نارية أثناء مطاردة سيارته في منطقة القطيف بالمنطقة الشرقية.

 

قرار السلطة باعدام الشيخ النمر:

 

انتقد النمر عام 2012 تعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وقتها وليا للعهد، بعد وفاة ولي العهد السابق نايف بن عبد العزيز.

 

واعتقل النمر في الثامن من يوليو/ تموز 2012 وحكم عليه بالإعدام يوم 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2014.

 

وبعد تولي سلمان آل سعود السلطة في السعودية عقب وفاة شقيقه عبد الله شددت السلطة ضغوطها على اتباع اهل البيت (ع) في مدن البلاد لاسيما في المنطقة الشرقية حيث اصدرت مجموعة من قرارات السجن والاعدام بحق المعارضين.

 

وفي 2 كانون الثاني/ يناير 2016 نفذت السلطات قرار اعدام الشيخ النمر.

 

وبعد تنفيذ حكم الاعدام انطلقت المسيرات الاحتجاجية في بلدان المنطقة والعالم احتجاجا على الحكم الجائر بحق عالم ديني كبير لالذنب سوى ممارسته حقه المدني المشروع في بيان مطالب المسلمين الشيعة في المنطقة الشرقية وغيرها من مدن البلاد.

 

ولم تسلم السلطات جثمانه الطاهر الى ذويه كما عمدت الى اخفاء قبره خوفا من تحوله الى مركز للاحتجاجات ضد اسرة آل سعود الظالمة والجاثمة على ارض الجزيرة منذ اكثر من سبعين عاما والتي تحكم شعبها وفق تقاليد الانظمة الاقطاعية البائدة في العصور الوسطى المظلمة.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 2 يناير 2017 - 14:17 بتوقيت مكة