لم يكن يوم تحرير حلب مجرد نهار طويل، مرت ساعاته ودقائقه ولحظاته ثقيلة وأحياناً متعبة، وفي بعضها الآخر ملتبس في اتجاهاته، بل أيضاً كان طويلاً في تفاصيله، حاله حال المعطيات التي ستكون، ونجزم بأنها أكثر طولاً واستدلالاً من كل ما سبقها، حيث ينتظر أن يتحول إلى التاريخ الذي يحسم الفارق بين ما قبله وما بعده، وأن ما يصلح في الماضي لم يعد جائزاً في الحاضر، ولن يكون بأي حال من الأحوال مستقبلاً.
حلب تطوي صفحة وتفتح أخرى لا مكان فيها بعد اليوم للمساومات ولا موضع للابتزاز، فقد أنجزت ما وعدت به من دون أن يطلب أحد منها ذلك، وتفوقت على ما عداها في المعطيات والنتائج والتحليلات والاستنتاجات، وكرست واقعاً لم يعد من المسموح العودة إلى النقاش فيه أو الجدل حوله، ورسمت خطاً بيانياً متصاعداً ومساراً واضحاً ليوميات وطنية ستكون فيها نقطة الارتباط والتقاطعات بمختلف مستوياتها. فالمسألة ليست مجرد خطوات متلاحقة في سياق تخليص ما تبقى منها من رجس الإرهاب ووجوده وحضوره، بل تتعدى ذلك إلى توسيع دائرة الارتدادات المتوازية والتي سنشاهدها تباعاً، ولم يكن ما جرى في مجلس الأمن خارجها، بحكم أن المتضررين من أجندات الإرهاب والخائفين على المرتزقة وأزلامهم لم يجدوا طريقاً يعرقل استكمال خطوات تنظيف حلب من الإرهاب إلا عبر مجلس الأمن، للتشويش ومحاولة خلط الأوراق التي يبدو أنه من الصعب على أحد بعد الآن أن يخلطها، بما في ذلك مجلس الأمن.
المصدر: الثوره السورية