بانتهاء خروج آخر دفعة من المسلحين من الأحياء الشرقية في حلب الشهباء، تطوي المدينة صفحات مؤلمة امتدت لخمس سنوات من عمر الأزمة السورية، وتبدأ في تطهير أحيائها من رجس الإرهاب استعدادًا للعودة إلى زمنها الجميل المفعم بالطهر والخير والإنتاج والنشاط كعاصمة اقتصادية للدولة السورية. اليوم حلب أمامها َالكثير من العمل لتستعيد حياتها كما كانت، فالمصانع التي دمرتها أيادي الإرهاب والغدر والخيانة والاستعمار، وفككت آلاتها وباعتها في السوق السوداء خردة، بحاجة أن تعود، بل إنها دون شك تحن إلى رؤية آلاتها تدور وتسمع لدورانها، لكونها جزءًا من المشهد الاقتصادي والثقافي، وتعبيرًا خاصًّا عن الإنسان السوري عامة والإنسان الحلبي خاصة الذي يعشق العمل ويتفنن فيه ويبدع فيه، وينافس بإبداعه دولًا لطالما تباهت بجودة صناعتها، وهذا الإبداع والفن والجودة كان أحد الأسباب والأهداف الرئيسية التي دفعت معشر المتآمرين لإيقاف نبض الحياة في مدينة حلب، ظنًّا منهم أن نجاحهم في إيقافه سيخنق الدولة السورية أو يعجِّل بدمارها وزوالها وتمزقها، ويسرع من نجاح مخططهم التآمري المرسوم حيالها، لكن خاب ظنهم، وارتد حقدهم عليهم، وسترتد عليهم نار إرهابهم التي أشعلوها في المنطقة وفي سوريا، ليعيدوا على أنقاضها رسم خرائطها.
المصدر صحيفة الوطن العمانية