من كرامات السيّدة المعصومة عليها السّلام
دار الشفاء الخاصّة بكريمة أهل البيت عليها السّلام
نقلت مجلّة «كوثر» الشهريّة في عددها الأوّل واقعة فتاة من مدينة «بِهْشَهر» تدعى فاطمة، ألمّ بها داء عُضال. صحبها أبوها إلى الطبيب المختصّ دون جدوى، ثمّ ساءت حالتها فاضطرّ أبواها إلى حجز سرير لها في مستشفى «ساسان» في العاصمة «طهران»، وتقرّر أن ترقد في المستشفى المذكور في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك.
اقترحت والدة فاطمة ـ وهي امرأة علويّة من نسل أمير المؤمنين عليه السّلام ـ على زوجها أن يذهبا بابنتهما إلى قمّ خلال ليالي القدر، ويتوسّلا إلى الله تعالى بالسيّدة المعصومة، عسى أن يمنّ الباري على ابنتهما ـ التي كانت تذوب أمام أعينهما كالشمعة ـ بالشفاء. كانت حالتها قد بلغت حدّاً عجزت معه عن السير، وفقدت الرغبة في الطعام.
حَلّ الأبوان في فندق قريب من حرم السيّدة المعصومة في اليوم التاسع عشر من شهر رمضان، فأمضيا ليلتهما ـ ومعهما ابنتهما العليلة ـ في حرم السيّدة. ثمّ جاءت الليلة الحادية والعشرون، ليلة شهادة مولى المتّقين أمير المؤمنين عليه السّلام، فذهبا إلى الحرم المطهّر وشاركا أفواج المؤمنين المحزونين الوالهين في إقامة مراسم العزاء في هذه المناسبة. بعدها عادا إلى الفندق، فتناوبا تلك الليلة على رعاية ابنتهما التي كانت حالتها قد ازدادت سوءاً.
وحلّ الفجر، وطرق سمعهما صوت المؤذّن لصلاة الفجر من مئذنة الحرم الشريف، فأيقظا ابنتهما ليصحباها ـ وللمرّة الأخيرة ـ لزيارة بنت الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام، قبل نقلها إلى طهران لبدء العلاج.
احتضن الأب ابنته، وجاء بها إلى الصحن، وأرقدها بجوار الضريح المقدّس، وعكف على صلاته وتضرّعه، وانصرفت الأم إلى القسم الخاصّ بالنساء لأداء فريضة الصلاة، ولتتوسّل بالسيّدة المعصومة. وتأمّلت الفتاة بعينيها الغائرتَين الضريحَ المقدّس في صمت، ثمّ استولى عليها النعاس فأخلدت إلى النوم.
عادت الأم لتتفقّد حال ابنتها، وقرع الآذانَ صوت المكبّر في صلاة الجماعة، فاستيقظت الفتاة ونهضت قائمة!
تساءلت الأم في فزع: ما بالك ؟!
قالت الفتاة: أريد زيارة السيّدة!
ثمّ تعلّقت بشبّاك الضريح النوراني بيدَين نحيلتين معروقتين، وأغرقته بقبلاتها، ثمّ التفتت إلى أمّها واستأذنتها بالذهاب خارجاً لشرب الماء، فأشارت إليها الأمّ ـ وقد هيمن عليها الجوّ الروحيّ العجيب لحرم السيّدة ـ أن تذهب.
أنهى الأب صلاته وعاد ليجد موضع ابنته خالياً، سأل زوجته عنها فأخبرته أنّها ظمأى، ذهبت لتشرب شيئاً من الماء. اتسعت عينا الأب في ذهول، ثمّ هرع الأبوان إلى الصحن ليُعاينا ابنتهما تقف إلى جانب الحوض، وقد انحنَتُ فجمعتْ شيئاً من الثلج الذي يكسو أرض الصحن المطهّر في ذلك الجوّ الشتائي. أسرع الأبوان إليها بأقدام حافية، فاحتضناها وعادا بها إلى حرام السيّدة المعصومة عليها السّلام، ليشكرا الله سبحانه على ما منّ به على ابنتهما ببركة بنت موسى بن جعفر عليه السّلام، ولم يكن ثمّة حاجة للذهاب إلى طهران ولا للمعالجة، فقد حصلا على شفاء ابنتهما من دار الشفاء الخاصّة بكريمة أهل البيت عليهم السّلام(1).
السيّدة تُدرك زوّارها
نُقل عن المرحوم آية الله السيّد المرعشي النجفي أنّه قال:
أرِقتُ ليلةً من ليالي الشتاء القارس، ففكّرت في الذهاب إلى حرم السيّدة المعصومة لزيارتها. ثمّ إني فظنتُ إلى أنّ الوقت لا يزال مبكّراً، وما تزال أبواب الصحن الشريف مغلقة. فعدتُ أحاول النوم واضعاً يدي تحت رأسي، خشيةَ أن أستغرق في نوم عميق، فشاهدت في عالم الرؤيا السيّدة المعصومة سلام الله عليها وهي تهتف بي: انهض وتعالَ إلى الحرم فأدرِكْ زوَاري الواقفين خلف أبواب الصحن، فانّهم أشرفوا على الهلاك من شدّة البرد!
قال السيّد: نهضت وارتديت ملابسي على عجل، وأسرعت إلى الصحن الشريف، فشاهدت مجموعة من الزوّار الباكستانيين بملابسهم المحليّة الخاصّة وهم في حالة يُرثى لها، يرتجفون خلف باب الصحن من شدّة البرد. طرقت الباب، فعرفني أحد خدّام الحرم ـ واسمه الحاج حبيب ـ ففتح الباب، فوردت الصحن مع اُولئك الزوّار الذين هرعوا لزيارة السيدة، في حين توضّأت أنا وانصرفت إلى أداء الصلاة والزيارة(2).
السيّدة تغيث أحد الزوّار المهاجرين
نقل مؤلّف «كرامات معصوميّه» عن أحد المهاجرين العراقيين القاطنين في مدينة قم المقدّسة أنّ والدته أُصيبت بمرض خطير، وأنّه دار بها على الأطبّاء، فلم يحصل على نتيجة، ناهيك عن الأدوية النادرة التي كانوا يصفونها لحالتها، فيعسر على هذا المهاجر توفيرها. يقول هذا الأخ:
حَدَث يوماً أن وُصف لي طبيب حاذق، فاصطحبت والدتي له، فعاينها ووصف لها علاجاً. ثمّ إني عُدت بوالدتي إلى البيت، وبدأت بحثي عن الدواء الذي وصفه لها، فما وجدته إلاّ بعد عناء ومشقّة عظيمة. ولمّا كنت في طريقي إلى المنزل، وقع بصري على القبّة المقدّسة للسيّدة المعصومة سلام الله عليها، فأُلهم قلبي زيارتها والتوسّل بها إلى الله تعالى، فدخلت الحرم المطهّر، وألقيت بالأدوية جانباً، وخاطبت السيّدة بلوعة وحُرقة: يا سيّدتي، لقد كنّا في العراق نلجأ إلى أبيكِ باب الحوائج في كلّ شدّة وعُسر، ونستشفع به إلى الله تعالى في قضاء حوائجنا، فلا نعود إلاّ وقد تيسّر لنا عسيرُها؛ وها نحن لا ملجأ لنا هنا إلاّكِ، وها أنا سائلُك أن تشفعي في شفاء أميّ ممّا ألمّ بها.
قال: ولقد منّ الله تعالى على والدتي بالشفاء في نفس ذلك اليوم ببركة بنت موسى بن جعفر عليها السّلام، فاستغنينا عن الدواء(3).
حمزة الاذربيجانيّ
بعد انحلال الاتحاد السوفيتي وانقسامه إلى دول عديدة، فُتحت أبواب السفر بين إيران وجمهورية آذربيجان، فصمّم عدد من مسؤولي الحوزة العلميّة في قمّ على السفر إلى آذربيجان لاختيار عدد من شبابها اللائقين، لدعوتهم للمجيء إلى قم لدراسة العلوم الإسلاميّة، من أجل أن يكونوا في المستقبل مبلّغين في بلادهم يسدّون الخلل الموجود في التثقيف الإسلامي في تلك البلاد، ذلك الخلل الذي سبّبه الحكم الشيوعي الظالم هناك.
وفي «نخجوان» التقَوا بشاب يُدعى «حمزة» طلب منهم السماح له بالسفر إلى قمّ للدراسة في حوزتها، فاعتذر منه أولئك المسؤولون، لأنّ من شروط الاختيار سلامة أعضاء بدن الفرد، وكانت إحدى عيني «حمزة» معيوبة لا تبصر، وكان عيبها ظاهراً للعيان، وبطبيعة الحال فإنّ وجود نقص عضويّ ظاهر لدى الفرد المبلّغ ربّما يؤثّر سلباً في مدى تجاوب الناس معه.
ذرف «حمزة» الدموع سِخاناً، وتساءل: لماذا أُحرم من هذه النعمة مع وجود الرغبة الشديدة للتعلّم لديّ ؟! أصرّ والده أيضاً على قبوله لئلاّ يَترك رفضُه أثراً سيّئاً في نفسيّته، فلم يجد المسؤولون بُدّاً ـ تحت تأثير العاطفة الإنسانيّة ـ من قبوله.
عادوا ومعهم حمزة مع عدد من الشبان المتطوّعين للدراسة، وجرى في العاصمة استقبال لهؤلاء الشباب الآذربيجانيين المتحمّسين، وصُوّرت تفاصيل ذلك الاستقبال وفي ضمن تصوير الفلم عمد أحد المصوّرين ـ لسببٍ ما ـ إلى التركيز على عين الشاب حمزة المطفأة، فركّز عدسته عليها وقرّبها عدّة مرّات خلال مراسم الاستقبال.
بعدها ذهب أولئك الشباب إلى الحوزة العلميّة في قمّ، وتمّ إسكانهم في إحدى المدارس الدينيّة، فسُلّم مسؤول تلك المدرسة نسخة من فيلم من تلك المراسم ليحفظه في أرشيف المدرسة.
وحصل في أحد الأيّام أن عرض مسؤول المدرسة ذلك الفلم في قاعة المدرسة أمام أولئك القادمين الجدد، كنوع من أنواع الترفيه عنهم، فإذا باولئك الشباب ـ وكانت أعمارهم صغيرة نسبياً ـ يقهقهون ويتضاحكون كلّما ركّزت عدسة المصوّر على عين «حمزة»، حتّى أحس صديقهم «حمزة» في تلك الجلسة بالضعة والهوان، وأضحت الحياة تافهة أمام عينيه، فصمّم على جمع لوازمه والعودة إلى بلده، لأنّه أدرك أنّه سيغدو أضحوكة لهؤلاء الشباب الصغار.
نهض «حمزة» ليتشرّف بالذهاب إلى الحرم المطهّر للسيّدة المعصومة سلام الله عليها بقلب منكسر، فذرف دموعه بحرقة، وناجاها بلوعة: يا بنت باب الحوائج، لقد قطعتُ مئات الأميال من أجل أن أدرس تحت ظلالك، فأُصبح مبلّغاً لديني، لكنْ لا طاقة لي على تحمّل كلّ هذا التحقير والاستهزاء، وها أنا أُجبر على العودة إلى بلدي ومدينتي، فأُحرم من نعمة مجاورة حرمك!
وهكذا باح للسيّدة كريمة أهل البيت بمكنونات قلبه، وما انعقد عليه ضميره، ثمّ نهض وفي الحلق شجى، وفي القلب حزن وأسى، فودّع السيّدة المعصومة الوداع الأخير، وملأ من منظر ضريحها النوراني وقبّتها المتلألئة بصره، وعاد أدراجه إلى المدرسة.
لكنّه لم يخطُ خارج الصحن الشريف إلاّ خطوات قليلة، حتّى صادف أحد زملائه في الدراسة، فسلّم عليه حمزة، فردّ عليه السّلام باستغراب وكأنّه لا يعرفه! فناداه حمزة باسمه، فعاد يتأمّل وجه حمزة في حيرة واندهاش، فناداه وتساءل: أأنت يا حمزة ؟!
فأجابه: نعم، ولكن ما الأمر؟
فردّ: فما بال عينك ؟!
ففطن حمزة ـ ويا للفرحة! ـ أنّ عينه المطفأة المحزونة قد شُفيت ببركة السيّدة المعصومة عليها السّلام، وأدرك أن كريمة أهل البيت لم تمسح بيدها على قلبه الحزين وتُعيد إليه كرامته واحترامه فحسب.. بل إنّه سيعيش إلى جوارها كفرد عزيز فخور، وأنّه سيُعَدّ عند عودته إلى آذربيجان أحدى معجزات أهل البيت الأطهار عليهم السّلام في تلك الديار.
حمزة في الوقت الحاضر أحد طلبة الحوزة العلمية في قمّ، يشترك في المجالس والمحافل ويشرح قصّته بحماسة وشغف كبيرَين، ويبدي شكره وامتنانه العميقين لكريمة أهل البيت عليها السّلام.
وهناك أكثر من مائة طالب آذربيجانيّ يشهدون على هذه الواقعة، فضلاً عن الفلم المسجّل الموجود في أرشيف المدرسة(4).
المعصومة وحوزة قمّ العلميّة
نُقل عن المرحوم آية الله السيّد صدر الدين الصدر أنه قال:
تصدّيتُ لتمشية أمور الحوزة العلميّة في قمّ مدّة من الزمن بعد ارتحال المرحوم آية الله الحائري، وكنت أدفع الرواتب الشهرية للطلبة. وحدث مرةً أنْ عجزتُ عن دفع الرواتب في أحد الأشهر، فاضطُررت إلى الاقتراض، ثمّ حلّ الشهر التالي فاقترضت أيضاً، وحلّ شهر ثالث دون أن يصل إلى يدي شيء من الحقوق الشرعيّة، فلم أجرؤ على الاقتراض.
وتجمهر عدد من الطلبة في بيتي لاستلام رواتبهم، فأنبأتهم أنّ دفع الرواتب متعذَّر، وأنّي مَدين بمبلغ كبير لا أجرؤ معه على الاقتراض، فارتفعت أصوات الطلبة بالشكوى، وتساءلوا: فما العمل إذاً ؟! إنّنا لسنا في أمان في المدرسة (نظراً للضغوط الشديدة التي تعرّضوا لها آنذاك في عهد رضا بهلوي)، ولسنا نقدر على العودة إلى أوطاننا، ولا نفقة لدينا تُقيم أودَنا. وهكذا استمرّ الطلبة يعدّدون شكاواهم حتّى اغرورقت عيناي بالدموع، فقلت: تفضّلوا بالانصراف، وسأدفع الرواتب يوم غد إن شاء الله تعالى !
انصرف الطلبة وبقيت أقلّب الفكر، عسى أن أجد مخرجاً ممّا أنا فيه، فلم يسعفني عقلي بشيء، وتناهبني القلق فلم يَغمَض لي جفنٌ في الليل.. وحلّ السَّحَر فتوضّأت ويَمّمت شطر الحرم المطهّر للسيّدة المعصومة سلام الله عليها، فصلّيت صلاة الفجر وعقّبت، ثمّ دَنَوتُ من الضريح المطهّر وقد مَثُلَت وجوه الطلبة الضارعة أمام عيني، فهمستُ أخاطب المعصومة في حالة انفعال وتأثّر شديدين:
يا عمّتي المعصومة، ليس من الإنصاف أن يلجأ إلى جوارك طائفة من الطلبة الغرباء فتتركيهم يموتون جوعاً! إن أمكنك إنقاذهم فعلتِ، وإلاّ فأرسِليهم إلى أخيك الأكبر عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام، أو إلى جدّك أمير المؤمنين عليه السّلام! (أقصد انتقال الحوزة العلميّة من قمّ إلى مدينة مشهد أو إلى النجف الأشرف).
قلتُ هذا ونهضتُ، فغادرتُ الحرم وعُدت إلى حجرتي وقد تغيّرت حالي، ومنظر الطلبة لا يغادر خيالي.
وفيما كنت كذلك فُتح باب الغرفة، واستأذن رجل وقور في الدخول، ثمّ دخل فوضع حقيبته جانباً وقال: اعتذرُ عن إزعاجكم، فقد وصلتُ على التوّ. كنتُ أسافر مع جماعة في سيّارة كبيرة، فلمحتُ قبّة السيّدة المعصومة عليها السّلام وسلّمت عليها، فخطر في بالي أنّ من الممكن ـ وأنا أسافر بهذه الوسيلة التي لا تخلو من الخطر ـ أن لا يُحالفني التوفيق بتسديد ما في ذمّتي من الحقوق الشرعيّة (الخُمس) بعد عودتي، فطلبت من السائق التوقّف في قمّ ساعة ليمكنني المثول لديكم.
ثمّ فتح الحقيبة وسلّمني مبلغاً، سدّدتُ منه المبالغ التي اقترضتُها، ودفعت منه رواتب الطلبة لسنة كاملة(5).
إغاثة الزوّار التائهين
نُقل عن المرحوم الروحاني قيّم حرم السيّدة المعصومة أنّه قال:
كنتُ نائماً في ليلة من ليالي الشتاء الباردة، فشاهدت السيّدة المعصومة عليها السّلام في عالم الرؤيا وهي تهتف بي: انهض وأنِر مصابيحَ المنائر!
استيقظت من نومي وتبيّن لي أنّ الوقت لا يزال منتصف الليل، فلم أُعِر الأمر أهميّة، وعدتُ إلى الرقاد. ثمّ جاءتني المعصومة وهتفت بي ثانية، فلم أحفل، ثمّ هتفت بي ثالثة: ألم آمُرْك بالنهوض وإنارة مصابيح المنائر؟! فأيقنت عندئذٍ أن علَيّ الامتثال للأمر، فنهضت وأنرتُ مصابيح المنائر.
وحلّ الصباح، ففتحت أبواب الصحن، ثمّ جلستُ عند الصحن أتحدّث مع زملائي تحت أشعة الشمس، فإذا عدد من الزوّار يتحدّثون فيما بينهم، وسمعتهم يقولون: لقد شاهَدْنا البارحة كرامةً من كرامات السيّدة، فقد حاصَرَتنا الثلوج ونحن في طريقنا إلى قمّ لزيارة المعصومة، فأضعنا معالم الطريق، وتُهنا في وسط الثلوج لا نعرف أين نتوجّه، حتّى شاهدنا النور يلوح فجأةً من منائر السيّدة المعصومة، فنَجَونا بعد أن أشرفنا على الهلاك(6).
قبر المعصومة تجلٍّ من تجلّيات قبر الصدّيقة
نُقل عن المرحوم السيّد محمود المرعشي النجفي صاحب كتاب «مُشَجّرات العلويّين» أنّه كان يتلهّف لمعرفة موضع القبر الشريف للصدّيقة الزهراء عليها السّلام، فاختار ـ للوصول إلى غايته ـ خَتْماً مُجرَّباً استمرّ على أدائه أربعين يوماً، عسى أن يمنّ الله عليه بمعرفة موضع القبر المجهول.
وانتهت الأيّام الأربعون المشحونة بالدعاء والتوسّل، فشاهد في عالم الرؤيا الإمامَ الباقر أو الصادق عليهما السّلام، فقال الإمام له: عليك بكريمة أهل البيت!
أجاب السيّد المرعشي ـ ظنّاً منه أنّ الإمام يوصيه بقصد الصدّيقة الزهراء عليها السّلام: نعم ـ جُعلت فِداك ـ فلقد أتممتُ هذا الختم لأعرف موضع قبرها على وجه الدقّة، لأتشرّف بزيارتها.
قال الإمام عليه السّلام: أُقصد القبر الشريف للمعصومة في قمّ. وأضاف: لقد شاء الله سبحانه لحكمة أن يظلّ القبر الطاهر للزهراء البتول عليها السّلام مجهولاً إلى الأبد، فجعل قبر المعصومة موضع تجلّ لقبر الصدّيقة، وأفاض عليه من الجلال والجبروت ما كان سيقدّره لقبر الصدّيقة عليها السّلام لو كان ظاهراً ماثلاً.
انتبه السيّد المرعشي من النوم، فأمر عائلته بالاستعداد للسفر لزيارة السيّدة المعصومة عليها السّلام
(7).
ولله درّ القائل:
يا بنتَ موسى وابـنةَ الأطهـارِ
|
|
أختَ الـرضـا وحبيبةَ الجبّارِ
|
يـا دُرّةً مِن بحـر عِلمٍ قد بَدَتْ
|
|
للهِ دَرُّكِ والـعـلوّ السـاري
|
أنتِ الـوديعةُ للإمام على الورى
|
|
فخر الكريم وصاحب الأسرارِ
|
لا زلتِ يا بنت الهدى معصومةً
|
|
مِن كلّ ما لا يَرتـضيه الباري
|
مَن زار قبرَكِ في الجِنان جزاؤهُ
|
|
هذا هو المنصوصُ في الأخبارِ
|
الهوامش:
1ـ مجلّة «الكوثر»، قم ـ العدد الأوّل ص 48 ـ 51.
2ـ « كرامات معصوميّه»، علي أكبر مهدي بور 126 و 127.
3ـ « كرامات معصوميّه» 116 ـ 117.
4ـ « كرامات معصوميّه» 201 ـ 204.
5ـ « كرامات معصوميّه» 43 ـ 46.
6ـ « بارگاه فاطمه معصومه تجليگاه فاطمه زهرا» للسيد جعفر مير عظيمي 147.
7ـ « كريمة أهل بيت» علي أكبر مهدي بور 43 ـ 45.