شاركوا هذا الخبر

في مسير الوداع | كيهان العربي

عاش السيد حسن حياته بفرضية واحدة، ونظرية تفرّعت كثيراً، ولكن بقي جذرها واحداً، استمرّ في العمل عليها من موقع واحد، قائداً لفكرة، وربما ذلك ما أبقاه مشتعلاً إلى هذا الحد، إلى لحظة استشهاده!

في مسير الوداع | كيهان العربي

الكوثر - الصحافة 

لا نعرف الكثير عن جنازات الرؤساء والملوك الغربيين، فالأخبار المتعلقة بها تمر كأحداث عادية. في الغرب، تركز اللجان على الصحافيين، تمثيل الشخصيات الرسمية، وتفاصيل مثل لحظات إطلاق المدافع، بينما لا يعتبر الحضور الشعبي ذا أهمية، طالما أن المؤسسات تظل تعمل بشكل طبيعي.

الجنائز التي شهدت الحضور الجماهيري الأكبر كانت في الشرق، ولا علاقة لذلك بحجم الكتلة السكانية فيها، ولكنه مرتبط بطبيعة العلاقة التي تنشأ مع الفرد في موقع الحكم أو الثقافة والفن أو الدين أو غيرها، تعتبر مراسم تشييع عبدالناصر ونيلسون مانديلا و الامام الخميني من أكبر الفعاليات التي شهدت وداعاً للقادة.

المصريون والعرب الذين شاركوا في جنازة عبدالناصر ودّعوا الرجل الذي قرر المواجهة وطموحه المستمر، بينما ودّعت جنوب أفريقيا مانديلا، رمز التحرر من الفصل العنصري، رغم أنه لم يكن رئيسًا حين توفي. الإيرانيون ودّعوا الامام الخميني، رمز إسقاط نظام الشاه، الذي كان سقوطه مفاجئًا، ما أدى إلى تحول مسار الدولة بما يتماشى مع رغبات الناس.

شهد العقد الثاني من القرن رحيل شخصيتين ثوريتين كبيرتين، هوغو تشافيز وفيديل كاسترو، حيث كان الحضور الرسمي في جنازتيهما من دول أميركا اللاتينية وأفريقيا، بينما كان الغرب يركز على التخلص منهما. ويقول اللاتينيون إن الغرب يضع الزهور على قبر بوليفار ليؤكد أنه قد مات بالفعل.

"السيد حسن نصرالله: قائدٌ استثنائي وعقيدة حيّة"

ثمة حالة خاصة وغريبة في تشييع الشهيد السيد حسن، واستثنائية شرقاً وغرباً؛ فالحجيج إلى لبنان يأتي لرجل بدأ بالهتاف بين الناس و بـ"مغامرة" تنظيمية لم يتوقع أحد نجاحها، فإذا بها تتحول إلى قوة إقليمية، وإذا بالمقاوم الصادق ينمو ليكون مخططاً استراتيجياً فذّاً، ومحاوراً سياسياً مقنعاً، امتلك الحجة المتماسكة في الفضاء الشعبي العام. اعتبر الكثير مهمة "تثقيف الجمهور" أمراً مستحيلاً، وأن كتابات فرانز فانون بشأنها لم تكن إلاّ مناورات فكرية جذّابة وحالمة، فأنت لا تستطيع انتزاع قلوب الناس إلا بمخاطبة غرائزهم، أما أن تأسرهم بالمرور من عقولهم، فتلك محاولة عبثية غير ممكنة التحقق؛ لكنّ نصرالله فعلها !

عاش الشهيد السيد حسن نصرالله  حياته بفرضية واحدة، ونظرية واحدة تفرّعت كثيراً، ولكن بقي جذرها واحداً، استمرّ في العمل عليها من موقع واحد، قائداً لفكرة وحزب وليس دولة أو حكومة، وربما ذلك ما أبقاه مشتعلاً إلى هذا الحد، إلى لحظة استشهاده !

 

أهم الأخبار

الأكثر مشاهدة