الكوثر - صحافة
دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيّز التنفيذ يوم الأحد الموافق 19/1/2025. ولأن المرحلة الثانية، والتي يفترض أن تبدأ في أعقاب مرحلة أولى يستغرق تنفيذها 42 يوماً، تتضمن أموراً حيوية عديدة لم تحسم بعد، فقد تضمن هذا الاتفاق نصاً صريحاً يلزم كلاً من حماس وكيان الاحتلال الدخول في مفاوضات غير مباشرة بينهما في اليوم السادس عشر، أي يوم الثلاثاء الموافق 4/2/2025، كما يلزم الولايات المتحدة ومصر وقطر في الوقت نفسه ضمان استمرارها وضمان سريان وقف إطلاق النار إلى أن تكلل بالنجاح.
لم يلتزم الاحتلال بتنفيذ الاتفاق كاملاً، حيث تأخر وفده في الوصول إلى قطر ولم يُمنح صلاحيات كافية لاتخاذ قرارات حاسمة. ورغم موافقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق، واجه معارضة من التيار المتطرف، مما أدى إلى انسحاب بن غفير وتهديد سموتريتش بالمغادرة إذا تم تنفيذ المرحلة الثانية. من جهته، أكد نتنياهو أن الاتفاق لا يمنع استئناف القتال إذا لزم الأمر.
حماس بين تعنت الاحتلال واحتمالات استئناف الحرب
بعد زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن، أعلن ترامب عن خطة لتهجير الفلسطينيين من غزة وتحويلها إلى "ريفييرا شرق أوسطية"، مقترحًا أن تستضيف مصر والأردن مليوني فلسطيني. في الوقت نفسه، صرّح مبعوثه لغرب آسيا، ستيف ويتكوف، بأن الولايات المتحدة تنوي إعادة التفاوض على المرحلة الثالثة من الاتفاق، مما يشير إلى عدم التزامها به. وفي ظل هذه التطورات، تجد حماس نفسها أمام تحديات كبرى، وسط مخاوف من استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق في مارس المقبل.
أقرأ ايضاَ
حماس تمتلك موقفًا تفاوضيًا أقوى من "إسرائيل" لأسباب عدة:
اولا: تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق يصب في مصلحة الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، حيث سيؤدي إلى:
- تحرير مئات الأسرى، بينهم محكومون بالمؤبد.
- عودة أكثر من نصف مليون فلسطيني إلى شمال غزة، ما يضعف مشاريع التهجير والاستيطان.
- إدخال مساعدات تخفف من الأزمة الإنسانية.
- إبقاء القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية.
ثانيا: استئناف القتال ليس خيارًا سهلاً لكيان الاحتلال، رغم استخدامها للتهديد به كأداة ضغط على حماس، بسبب التعقيدات الداخلية والخارجية.
التحديات الداخلية والخارجية أمام استئناف القتال في غزة
يتزايد الضغط الداخلي في "إسرائيل" ضد استئناف القتال قبل استعادة جميع الأسرى، مما قد يعزز قناعة الجمهور بأن نتنياهو يعطل المفاوضات لمصالحه الشخصية، خاصة أن القتال قد يؤدي إلى مقتل الأسرى المتبقين. خارجيًا، قد تشعل الحرب احتجاجات عالمية، وتدفع بعض الدول الغربية لاتخاذ إجراءات عقابية ضد "إسرائيل"، حتى أن إدارة ترامب نفسها قد لا تؤيد تصعيدًا جديدًا.
من جهة أخرى، استمرار الحرب يحمل مخاطر كبيرة دون ضمانات للنجاح، إذ فشلت "إسرائيل" في تحقيق أهدافها رغم دعم أمريكي غير محدود طوال 15 شهرًا من القتال. لذا، قد يسعى ترامب لإقناع نتنياهو بالمضي قدمًا في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، وتأجيل القضايا الخلافية، مثل إدارة غزة وإعادة الإعمار، إلى المرحلة الثالثة، وهو ما يفسر تصريحات مبعوثه ويتكوف حول ضرورة إعادة التفاوض بشأنها.
يسعى ترامب لربط إعادة إعمار غزة بمخططاته لحل الصراع وفق رؤيته التي تشمل تهجير الفلسطينيين وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، متوافقًا مع نتنياهو في منع حماس من إدارة غزة ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة. لذلك، يحرص على أن تتولى الولايات المتحدة إدارة الإعمار بدلًا من مصر وقطر والجهات الدولية، رغم أن الاتفاق ينص على إشراكهم.
يرى ترامب أن الإعمار، الذي قد يستغرق 10-15 عامًا، يمنحه الوقت الكافي خلال ولايته الثانية لتوسيع اتفاقيات أبراهام وإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم أهدافه وأهداف اليمين الإسرائيلي المتطرف، مما يجعل مفاوضات المرحلة الثانية حاسمة لمستقبل القضية الفلسطينية.
يمكن لحماس أن تشترط تنفيذ الاحتلال التزامات المرحلة الأولى، خاصة إدخال المساعدات وإعادة الإعمار، قبل بدء المفاوضات الجديدة، وكذلك المطالبة بضمان دولي لوقف دائم لإطلاق النار، لضمان عدم تحقيق الكيان المحتل بالمفاوضات ما فشلت في تحقيقه بالقوة.