تفسير الآيات الـ17 الى الـ24 من سورة القلم المباركة | نور الهدى

الثلاثاء 11 فبراير 2025 - 11:37 بتوقيت مكة

في الآيات الـ17 الى الـ24 من سورة القلم، يستعرض لنا القرآن الكريم قصة أصحاب الجنة كنموذج لذوي المال الذين غرقوا في أنانيتهم، فأصابهم الغرور، وتخلوا عن القيم الإنسانية الخيرة، وأعماهم حب المال عن كثير من الفضائل.

خاص الكوثر - نور الهدى

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ 17 وَلَا يَسۡتَثۡنُونَ 18 فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفࣱ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآئِمُونَ 19 فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ 20 فَتَنَادَوۡاْ مُصۡبِحِينَ 21 أَنِ ٱغۡدُواْ عَلَىٰ حَرۡثِكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰرِمِينَ 22 فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ 23 أَن لَّا يَدۡخُلَنَّهَا ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكُم مِّسۡكِينࣱ 24

في الآيات أعلاه من سورة القلم، يستعرض لنا القرآن الكريم قصة أصحاب الجنة كنموذج لذوي المال الذين غرقوا في أنانيتهم، فأصابهم الغرور، وتخلوا عن القيم الإنسانية الخيرة، وأعماهم حب المال عن كثير من الفضائل. وموضوع القصة هو أن شيخا مؤمنا طاعنا في السن كان له بستان عامر، يأخذ من ثمره كفايته، ويوزع ما يتبقى على الفقراء والمعوزين.

ورثه أولاده بعد وفاته وقالوا: نحن أحق بحصاد ثمار هذا البستان، لأن لنا عيالًا وأولادًا كثيرين، ولا طاقة لنا باتباع نفس الأسلوب الذي كان أبونا عليه. ولهذا، فقد صمموا على أن يستأثروا بثمار البستان جميعا، ويحرموا المحتاجين من أي عطاء منها.

إقرأ أيضاً:

ويرتقب الفقراء يوم الحصاد بفارغ الصبر في مثل هذه الأيام، لأنهم تعودوا في كل سنة أن ينالوا شيئ من الفاكهة، كما كان يفعل ذلك الشيخ المؤمن. إلا أن تصميم الأبناء البخلاء على حرمان الفقراء من العطاء، والسرية التي غلفوا بها تحركاتهم، لم تدع أحدا يتوقع أن وقت الحصاد قد حان. تحركوا في الصباح الباكر على أمل أن يقطفوا محصولهم بعيدا عن أنظار الفقراء والمحتاجين، ولا يسمحوا لأحد بمشاركتهم في هذه النعمة الإلهية الوافرة، غافلين عن تقدير الله.

فإذا بصاعقة مهلكة تصيب جنتهم في ظلمة الليل، فتحولها إلى رماد، بينما كان أصحاب الجنة يغطون في نوم عميق. فلما رأوا ما حدث لجنتهم، أدركوا خطأهم وقالوا: هذا بسبب تضييعنا طريق الحق، لأننا أردنا أن نحرم الفقراء والمحتاجين من العطاء، إلا أننا حُرمنا أكثر من الجميع. فقد حرمنا من الرزق المادي، ومن البركات المعنوية التي تحصل عن طريق الإنفاق في سبيل الله للفقراء والمحتاجين.

استيقظت ضمائرهم في تلك اللحظة، واعترفوا بذنوبهم وقالوا: ربنا إننا كنا نحن الظالمين لأنفسنا وللآخرين، ولذا حق علينا مثل هذا العذاب، وما أصابنا منك هو العدل والحكمة. وقالوا: عسى ربنا أن يبدلنا خيرًا منها، إنّا إلى ربنا راغبون، فقد توجهنا إليه ونريد منه إنقاذنا مما تورطنا فيه.

ويستفاد من بعض الروايات أن توبتهم قُبلت، لأنها كانت عن نية خالصة، وعوّضهم الله عن جنتهم بأخرى أفضل منها، مليئة بأشجار العنب المثمرة.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الثلاثاء 11 فبراير 2025 - 09:22 بتوقيت مكة