الكوثر - صحافة
واصلت المقاومة نهجها خلال معركتها مع الاحتلال في غزة، وحتى بعد الحرب أثناء تسليم الأسرى، حيث ظهرت بلباس عسكري كامل واليد على الزناد. في لبنان، عاد الجنوبيون إلى قراهم رغم بقاء الاحتلال، وطردوه من عدة مناطق رغم سقوط شهداء. هذه المشاهد التي صنعها المقاومون في غزة وجنوب لبنان أحدثت خللًا في حسابات العدو. فكيف أثرت هذه الصور في إيصال الرسائل للعدو، وهل كان وقعها أشد من صفارات الإنذار؟
الصدمة التي انتشرت في كيان العدو ظهرت بوضوح في تصريحات المحللين الصهاينة، حيث اعترف رون بن يشاي بأن حماس ليست مجرد كيان ديني متطرف، بل هي تعبير تنظيمي أصيل عن تطلعات أغلبية سكان غزة ثقافيا وأيديولوجيا. أما آفي يسخاروف، فاعتبر أن التقصير السياسي الأكبر لحكومة الاحتلال كان إهمالها لما بعد الحرب، وها هي "إسرائيل" تستيقظ على نفس الكابوس، حيث ستستمر حماس في السيطرة، وبناء الأنفاق، وتجنيد المزيد، الصورة التي خرجت بها المقاومة في الصباح الأول بعد الحرب، بمقاتليها بلباسهم العسكري الكامل وعتادهم السليم، كشفت زيف وعود نتنياهو وأوهام المستوطنين الذين حلموا بالقضاء على المقاومة وصدقوا أكاذيب الانتصارات الوهمية.
مشاهد تسليم الأسرى، وخاصة المجندات، أربكت الأوساط "الإسرائيلية"، حيث أثار التنظيم الدقيق والتخطيط المدروس تساؤلات حول كيفية حصول "القسام" على الزي العسكري والهدايا وشهادات الإفراج. ووصفت المخرجة عينات فايتسمان المشهد بأنه إخراج لانتصار مطلق. هذا الانتصار لم يكن للصهيونية، بل للإنسانية والمقاومة في غزة. وأكدت رندلى جبور أن تنظيم "حماس" في تبادل الأسرى أظهر تماسكها وقدراتها الإدارية والإعلامية، وعكس إنسانيتها مقارنة بوحشية الاحتلال. كما أثبت أن غزة ما زالت صامدة، وأن "حماس" ليست فقط موجودة، بل منظمة وفاعلة بقوة.
اقرأ ايضاً
عكس تصوير لحظات الإفراج عن الأسرى انتصار غزة إعلاميا، حيث ركز الإعلام المقاوم على زعزعة العدو ومنعه من استثمار الحدث لصالحه، مع التدرج في التصعيد الإعلامي. وظهرت آثار ذلك في ردود الفعل "الإسرائيلية" الممتعضة، حيث فضحت الصور زيف ادعاءات الاحتلال بالنصر. اختيار المقاومة تسليم الأسرى بين الناس وركام المنازل، وخاصة أمام منزل الشهيد يحيى السنوار، أكد التمسك بخيار المقاومة ودعم البيئة الحاضنة لها. كما لعبت التعبئة الرقمية دورا كبيرا في تعزيز الصورة الإعلامية للمقاومة عبر مختلف الساحات. وأثبتت هذه المشاهد فشل الاحتلال، كما عبر عن ذلك المتطرف إيتمار بن غفير، الذي اعتبر ما حدث هزيمة كاملة.
عودة الصامدين.. انتصار بالصورة والواقع
تلخص المشهد الشعبي بعودة أهالي غزة، خاصة شمالها، إلى منازلهم المدمرة عبر محور نتساريم بحشود ضخمة، تزامنًا مع زحف أهالي جنوب لبنان نحو قراهم الحدودية. هذه العودة شكلت صدمة للعدو، إذ اعتبر محللون "إسرائيليون" أنها تحطم أوهام النصر المطلق، حيث غادر الجنود غزة بدموع الخيبة. أما في لبنان، فقد أذهلت عودة الأهالي الاحتلال، الذي تمنى أن يرى مثل هذا الإصرار في مستوطنيه.
أكدت هذه المشاهد صمود المقاومة وبقاء بيئتها الحاضنة رغم كل محاولات الاحتلال للقضاء عليها. لعب الإعلام المقاوم دورًا محوريًا عبر استراتيجيات مدروسة، فبادر بصناعة الحدث بدلًا من الاكتفاء برد الفعل، وحافظ على الزخم حتى آخر لحظة. الخوف الصهيوني من الصورة ظهر جليًا في قمع الاحتفالات ووسائل الإعلام، إذ باتت المشاهد أبلغ من الكلمات، تؤكد من المنتصر ومن المهزوم، ومن صاحب الأرض ومن المحتل، فـ"صاحب الأرض سلطان".