من هو أبو خالد محمد الضيف؟

الجمعة 31 يناير 2025 - 07:16 بتوقيت مكة
من هو أبو خالد محمد الضيف؟

لم يكن محمد الضيف مجرد قائد عسكري، بل كان تجسيدًا للصمود والمقاومة الفلسطينية. من شوارع خان يونس، حيث نشأ في بيئة قاسية، إلى قيادة كتائب القسام، شكّل الضيف نموذجًا للثبات والتخطيط الاستراتيجي، فارضًا معادلات جديدة على الاحتلال الإسرائيلي. وبرغم محاولات الاغتيال المتكررة، ظلّ اسمه حاضرًا في ميادين المواجهة، حتى إعلان استشهاده في 30 يناير 2025، تاركًا وراءه إرثًا خالدًا من الكفاح والعزيمة.

الكوثر_فلسطين المحتلة
طوال عقود، ظلَّ محمد الضيف أحد أكثر القادة غموضًا وأشدّهم تأثيرًا في ساحة الصراع. لعب دورًا حاسمًا في توجيه عمليات نوعية، كان أبرزها عملية "طوفان الأقصى"، التي شكّلت منعطفًا استراتيجيًا في المواجهة مع الاحتلال، كاشفةً زيف مزاعم تفوقه العسكري. كان حضوره في الساحة مصدر إلهامٍ لكل الساعين لتحرير فلسطين، إذ برع في التخطيط العسكري وأثبت قدرة المقاومة على كسر هيبة الاحتلال.

نشأة في قلب المعاناة

وُلِد محمد المصري، المعروف باسم محمد الضيف، عام 1965 في مخيم خان يونس، حيث اضطرت عائلته للعيش بعد تهجيرها من قرية "القبية" إبّان نكبة 1948. كانت طفولته شاهدةً على أهوال الاحتلال، من الفقر المدقع إلى القمع المستمر، ما صقل شخصيته الثورية. شهد بعينيه الاحتلال الإسرائيلي لغزة عام 1967، حيث بات اللاجئون الفلسطينيون عرضةً للقمع والاعتقال، ما أسهم في تشكيل وعيه المقاوم منذ سنٍّ مبكرة.

اقرأ أيضا:

 

تعليم وجوار مؤثر

نشأ الضيف في بيئةٍ ضمّت شخصيات فلسطينية بارزة، من بينهم يحيى السنوار ومحمد دحلان. درس في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث تخصّص في الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء، إلى جانب نشاطه في المجالات الثقافية، حيث ترأّس لجنة الترفيه وشارك في أعمالٍ مسرحية، ما كشف جانبًا آخر من شخصيته بعيدًا عن ساحة القتال.

الطريق إلى المقاومة

لم يكن محمد الضيف مرتبطًا في بداياته بأي فصيلٍ سياسي، لكنه انضمّ إلى حركة فتح متأثرًا بأصدقائه، ومن ثمَّ تحول إلى صفوف حماس خلال الانتفاضة الأولى عام 1987. لم تمضِ فترة طويلة حتى اعتقلته قوات الاحتلال عام 1989، ليقضي 16 شهرًا في سجونها دون محاكمة. لاحقًا، اعتُقل مجددًا عام 2000 لدى السلطة الفلسطينية، لكنه تمكّن من الفرار مع اندلاع الانتفاضة الثانية، ليبدأ مرحلةً جديدة في العمل العسكري.

التحول إلى قائدٍ عسكري بارز

في عام 2002، تولّى الضيف قيادة كتائب القسام، مطلقًا مرحلةً من العمليات العسكرية المؤثرة ضد الاحتلال. كان من أبرز إنجازاته التخطيط لعملية أسر الجندي الإسرائيلي ناحشون واكسمان عام 1994، والتي كان لها وقعٌ كبير على مسار الصراع السياسي والعسكري.

بناء كتائب القسام كقوة عسكرية

بعد الإفراج عنه، شكّل الضيف، إلى جانب الشهيدين زكريا شربجي وصلاح شحادة، مجموعةً داخل حماس متخصصة في أسر الجنود الإسرائيليين، ما جعل كتائب القسام رقماً صعبًا في ساحة المواجهة. تطورت هذه القوة العسكرية تحت قيادته، وصولًا إلى معارك كبرى مثل انتفاضة الأقصى، والحروب المتتالية التي خاضتها المقاومة ضد الاحتلال.

من التخطيط إلى طوفان الأقصى

كان محمد الضيف العقل المدبّر لعدة معارك مع الاحتلال، لكن أبرزها كان "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، التي شكلت ضربةً غير مسبوقة للاحتلال الإسرائيلي. ظهر الضيف في خطابٍ نادر، داعيًا الأمة إلى الالتفاف حول المقاومة في مواجهة العدوان المستمر.

الاستشهاد

في 30 يناير 2025، أعلن الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، استشهاد القائد محمد الضيف، إلى جانب مجموعةٍ من قادة المقاومة، من بينهم نائبه مروان عيسى، وغازي أبو طماعة، ورائد ثابت، ورافع سلامة، وأحمد الغندور، وأيمن نوفل. كان هذا الحدث بمثابة خسارةٍ كبرى للمقاومة، لكنه في الوقت ذاته عزّز من مكانة الضيف كرمزٍ خالد في ذاكرة الفلسطينيين والأحرار حول العالم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الجمعة 31 يناير 2025 - 07:16 بتوقيت مكة
المزيد