الضد.. موت الكتب... قراءة الكتب ترفع الشكوك وتقل احتمالية ارتكاب الاخطاء

السبت 11 يناير 2025 - 16:32 بتوقيت مكة

ثنائية الثقافة الشفوية والمكتوبة أعمق من هذا بكثير. فمنذ حوالي 90 عاما، أجرى عالم النفس الروسي ألكسندر لوريا، تجارب لفهم الاختلافات بين الإثنين بشكل أفضل. كان هدفه مقارنة المتعلمين والأميين، واختبار الثقافة الشفوية.

خاص الكوثر - الضد

هذه التجارب التي استمرت لعدة عقود، وأظهرت نتائج مثيرة للاهتمام، كان تعلم الأبجدية والقدرة على القراءة، قادرين على زيادة قوة الإدراك والتفكير، وقد تحسنت مهارات التفكير المنطقي بين أولئك الذين يستطيعون القراءة. لكن النتيجة الأكثر أهمية كانت شيئا آخر.

أولئك الذين لم يكونوا متعلمين، كل ما يعرفونه كان مبنيا على ما رأوه، كان الجدل والمقارنة في رأيهم مقصورا على الأشياء التي رأوها أو سمعوها في حياتهم. ولم يكن هناك شيء أكثر شيوعا بين أعضاء الثقافة الشفوية، بينما يمكن للأشخاص المتعلمين أن يتمتعوا بقوة تفكير أعمق بناء على ما قرأوه.

إقرأ أيضاً:

قد نعتقد أن فترة الثقافة الشفوية قد انتهت، لكن هذا ليس هو الحال. ففي الآونة الأخيرة يتحدث الباحثون عن العصر الثاني للثقافة الشفوية، ويقصدون بذلك عصر الإعلام الرقمي والتلفاز. عصر أصبحت فيه الكلمة لا قيمة لها، واستبدلت بالصور والمحادثات.

وفي الواقع، لم يتغير شيء مقارنة بالعصور القديمة، ويتجه الإدراك البشري مرة أخرى نحو الثقافة الشفوية. ثقافة تقوم على الحدس والشعور، وتعتمد على ما يرى ويسمع. أولئك الذين هم في قبضة الثقافة الشفوية اليوم، يعرفون فقط ما تظهره لهم وسائل الإعلام المرئية. وكل يوم يضيعون في آلاف الصور والمئات من المشاهد، ومعرفتهم تقتصر على محتوى الوسائط.

أصبح الحديث الآن عن المقارنة والشك في الثقافة المكتوبة، وقراءة الكتب، هو الشاغل والأكثر أهمية في هذه السنوات. حيث يقرأ الناس آراء معارضة، ويشككون في صحتها. ومن خلال قراءة المزيد، يتم رفع شكوكهم، وتستمر هذه الدورة حتى التأكد من مكان المشكلة. ومن خلال قراءة الكتب، تقل إحتمالية ارتكاب الأخطاء، ويخوض الإنسان التجربة، ويتعرض الخطأ قدر الإمكان، يتعرف على أعمال الآخرين، ويمكنه تنشيط قوته التحليلية.

لكن لا يوجد شيء من هذا القبيل في الثقافة الشفوية. ويتجنب معظم مشاهدي التلفاز البرامج المخالفة لآرائهم. وجمهور الشبكات الاجتماعية كذلك أيضا. لهذا، فإن نتيجة مثل هذا الحدث ليست سوى قضاء المزيد من الوقت بمشاهدة البرامج ووسائل الإعلام التي تطابق تفكير الجمهور، والغرق باستمرار في محيط من نفس المعلومات المتكررة، وما يفضله المستهلك. ومع هذا الوضع، لن يكون هناك مجال للشك.فتضيع قوة المقارنة، والأهم من ذلك أنه يصبح من الصعب الوصول إلى الحقيقة.

وبات جمهور عصر الإعلام يتشابه مع أسلافه في غياب الكتب والثقافة المكتوبة. أولئك الذين لم يكن لديهم وقت للتفكير في العصور القديمة. والذين استمروا في تكرار أخطاء الماضي، وصدّقوا كل ما كان أمام أعينهم. الحقبة التي تشبه الوضع اليوم، الذي يشكل خريف عالم الكتاب والشتاء عالم البشر.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 11 يناير 2025 - 11:13 بتوقيت مكة