الكوثر_صحافة
من خلال إصدار إعلان دستوري مؤقت، كما هو متعارف عليه، أو ما ينوب عنه، ريثما تتم كتابة الدستور الجديد الذي لن يبصر النور، طبقاً لما أعلنه قائد الإدارة الجديدة، ابو محمد الجولاني ، قبل ثلاث سنوات كحدٍّ أدنى.
اقرأ أيضا:
واكتسبت تلك الدعوات طابعاً ملحّاً، في خضمّ التخبط الذي تواجهه الحكومة الحالية في إدارة البلاد، بسبب غياب أي مصدر تشريعي واضح يحكم باسم الشعب.
ونظراً إلى أنّ التغيير يعني، نظرياً، إسقاط العقد الاجتماعي القائم، والاستجابة للإرادة الشعبية لصياغة عقد اجتماعي جديد يحكم البلاد ويجنّبها الفراغ، فهو كان يحتّم على القوى الجديدة سلوك مسارٍ من اثنين؛ الأول، التوافق على اعتماد الدستور السابق للبلاد، وهو ما لا يتماشى، على الأرجح، مع متطلبات المرحلة الحالية.
أمّا الثاني، فيقضي بإصدار إعلان دستوري ينص على إسقاط الدستور القائم، وتفويض الإرادة الشعبية بصياغة عقد اجتماعي جديد.
تشكيل لجنة قضائية مؤقتة
وطبقاً للمحامي ابراهيم اليوسف، ونظراً إلى أنّ تلك القوى لم تسلك أيّاً من السبيلين المشار إليهما، بات من الضروري تأسيس محكمة ثورية، تحكم وفق "قواعد الثورة وقيمها"، ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
ويقول اليوسف في حديث إلى "الأخبار": "برأيي، يجب على المرحلة الانتقالية أن تبدأ بتشكيل لجنة قضائية مؤقتة، مهمتها تنظيم انتخابات مجلس تشريعي مؤقت، جنباً إلى جنب الفصل في الدعاوى الوطنية والسيادية، وتنظيم العمل القضائي المؤقت".
وعلى المجلس المنتخب، بحسب المصدر نفسه، أن يسمي رئيساً للوزراء، يكون مكلفاً بتشكيل حكومة مؤقتة، قبل أن تؤدي السلطات الثلاث القسَم أمام الشعب لتتولى مهامها.
وتشمل مهام المجلس، المشار إليه، المصادقة على القرارات الحكومية، على أن تُعتمد قراراته كافةً بأغلبية الثلثين، فيما تعمل الحكومة على تأمين الإدارة المؤقتة للبلاد، وتهيئتها لانتخاب "مجلس تأسيسي"، ينحصر عمله في صياغة دستور جديد للبلاد، قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي.
بيد أنّه كما كان متوقعاً، فإنّ التأخر في إصدار صك دستوري يملأ الفراغ التشريعي الحاصل يربك عمل الدولة، نظراً إلى عدم وجود سلطة محددة تتولى مهمة إصدار التشريعات اللازمة.
وفي السياق، يرى المحامي عارف الشعال أنّ "الإرباك الراهن أمر طبيعي، نظراً إلى أنّه لأول مرة في تاريخ سوريا الحديث، تنجح انتفاضة شعبية مسلحة في تغيير نظام الحكم".
المؤتمر الوطني
ويتابع في حديث إلى «الأخبار»: "على ما يبدو، تريد الإدارة الجديدة وضع إعلان دستوري يمرّ عبر (المؤتمر الوطني)، وهي مهمة طويلة نسبياً". وعليه، وإلى حين تحقيق ذلك، ينصح الشعال بإصدار "مجموعة صكوك" لإدارة البلاد، على غرار ما فعله الرئيس السوري الأسبق، حسني الزعيم، بعدما أصدر مراسيم متلاحقة كبديل من الإعلان الدستوري، منحته كامل السلطات الدستورية".
وطبقاً للمصدر نفسه، ما من رادع قانوني يمنع ابو محمد الجولاني من إصدار "صك أو عدد من الصكوك، يتولى بموجبها الصلاحيات الدستورية مؤقتاً، بغية تسيير أمور الدولة".
في هذا الوقت، قدمت مجموعة من المشرّعين السياسيين السوريين مشروع إعلان مبادئ دستورية عامة، بإجماع حوالي 50 شخصاً من ممثلي عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وشخصيات مستقلة سياسية وفكرية داخل سوريا وخارجها. وتمّ التوصل إلى الصياغة العامة للإعلان بعد عقد ورشة قانونية، فيما من المخطط طرحها على الجمهور لتلقّي اقتراحاته، وإجراء التعديلات اللازمة بناءً عليها، بهدف التوصل "إلى دستور متفق عليه من غالبية السوريين".
وتعقيباً على ذلك، يؤكد الكاتب والصحافي، نبيل صالح، لـ«الأخبار»، أنّ "المجموعة اتفقت على مقترحات أولية لإعلان مبادئ دستورية عامة، وهي مطروحة للنقاش أمام أبناء الشعب السوري.
ولاحقاً، سيتم عقد مجموعة من ورش العمل، لتطوير المقترح قبل طرحه في حوارات ومنتديات تُعنى بهذا الشأن". ويردف صالح: "من الواجب علينا، كمجموعة مؤثرة، أن نساهم في رسم مستقبل سوريا المدنية بما يليق بشعبها العريق"، مؤكداً أن صياغة أيّ دستور ينبغي أن تتم من خلال هيئة تأسيسية شرعية، تمثل المكونات السورية كافةً، مع الأخذ في الاعتبار الخبرات القانونية والدستورية والسيرة الذاتية لأيّ لجنة يتم اعتمادها".