الكوثر - مقالات
منذ السابع من كانون الأول، بدأ النزوح الجماعي من مدينة حمص وريفها إلى منطقة الهرمل، حيث بلغ عدد النازحين 62 ألفًا، ما يتجاوز عدد سكان المدينة البالغ 55 ألفًا. يضاف إلى هؤلاء نحو 30 ألف لبناني كانوا يعيشون في القرى السورية القريبة من الحدود، والذين نزحوا بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة.
النازحون، الذين غادروا مدنهم في ظروف قاسية، يواجهون حياة مليئة بالمشاكل الأساسية. العديد من العائلات لم تحمل معهم أي أموال أو مؤن، مما يزيد من معاناتهم. تُقدّر الحاجة الكبيرة للغذاء والدواء في ظل نقص حاد في المواد الأساسية. يتوزع النازحون بين 109 مراكز إيواء تضم 25 ألف شخص، بينما يقيم 37 ألفًا آخرون في المنازل. الوضع في مراكز الإيواء سيء للغاية، حيث تعيش العائلات في ظروف غير ملائمة، مع نقص في الكهرباء والمياه الساخنة، إضافة إلى النقص الكبير في مواد التنظيف وحليب الأطفال والمستلزمات النسائية.
من الناحية الصحية، بدأ يظهر خطر كبير من انتشار الأمراض. تم تسجيل حالات إصابة بالجرب، إضافة إلى حالتي إصابة بالسل، في وقت يعاني فيه المستشفى الحكومي والمستشفيات الخاصة من ضغط هائل على خدماتها. المدينة لا تحتوي على مستشفيات كافية لتلبية احتياجات النازحين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 120 ألفًا. هناك حاجة ماسة لتوفير الأدوية اللازمة، خاصة لأصحاب الأمراض المزمنة.
إقرأ أيضاً:
إلى جانب الأزمات الصحية، يعاني النازحون من نقص في الغذاء، حيث يتم توزيع نحو 4500 ربطة خبز يوميًا على 12 ألف عائلة، وهو ما لا يكفي لسد احتياجاتهم. يعتمد العديد من النازحين على المعونات الإغاثية التي يقدمها حزب الله وبعض الجمعيات المحلية مثل "وتعاونوا" و"عامل". ومع ذلك، لم تظهر أي استجابة من الحكومة اللبنانية أو المنظمات الدولية لمساعدة هؤلاء النازحين.
من الناحية الأمنية، هناك غياب تام للقوات الأمنية في المدينة والمناطق المحيطة بها، مما يزيد من مخاطر تفشي الجريمة والفوضى. كما أن الجيش اللبناني لم ينفذ أي عمليات لإعادة الانتشار على الحدود اللبنانية-السورية، وفرض منعًا على النازحين من الانتقال إلى قرى أخرى في البقاع لتخفيف العبء عن المدينة.
الجهود الحكومية للإغاثة محدودة جدًا، حيث اقتصر التحرك الرسمي على زيارة سريعة لوزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، الذي لم يقدّم سوى خطة غير واضحة للتنسيق مع المنظمات الدولية. حتى الآن، لم تُقدّم أي مساعدات فعالة من قبل المنظمات الإنسانية الدولية مثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أو الصليب الأحمر.
النازحون، خاصة اللبنانيون الذين يعيشون في سوريا منذ عقود، يعيشون في حالة من التهميش، حيث لا تجد قضيتهم اهتمامًا رسميًا أو إعلاميًا. الحكومة اللبنانية تركز على القضايا السياسية والإعلامية بينما تترك الواقع الإنساني في الهرمل يزداد تعقيدًا.
في ظل هذه الظروف المأساوية، لم تجد الأزمة الإنسانية في الهرمل أي استجابة سريعة من الحكومة أو المنظمات الدولية، مما يهدد بوقوع كارثة صحية وأمنية قد تزداد تفاقمًا في الأيام المقبلة.