خاص الكوثر - شهيد القدس
خطابي لأهالي كرمان الأعزّاء...........
أخاطب أهالي كرمان الأعزّاء أيضاً بنقطة؛ الأهالي المحبوبين الذين قدّموا خلال الأعوام الثمانية من الدفاع المقدس أسمى التضحيات وبذلوا للإسلام قادة ومجاهدين رفيعي المنزلة. أنا خجلٌ منهم دائماً. لقد وثقوا بي لثمانية أعوام من أجل الإسلام؛ وأرسلوا أبناءهم إلى المقاتل والحروب القاسية مثل عمليات كربلاء ۵، ووالفجر ۸ ، وطريق القدس، والفتح المبين، وبيت المقدس و… وأسّسوا فرقة كبيرة قيّمة أسموها «ثار الله» محبّة بالإمام المظلوم الحسين بن عليّ (عليه السلام) ، ولطالما كانت هذه الفرقة كالسّيف الصّارم، أدخلت الفرح والسّرور على قلوب شعبنا والمسلمين مرّات عديدة ومسحت عن وجوههم الحزن والآلام.
أعزّائي! لقد رحلت عنكم اليوم حسب ما اقتضته المقادير الإلهيّة. أنا أحبّكم أكثر من أبي وأمي وأبنائي وإخوتي وأخواتي، لأنّي قضيت معكم أوقاتاً أكثر منهم؛ وبالرغم من أنّي كنت فلذة كبدهم وكانوا هم قطعة من وجودي، إلّا أنّهم أذعنوا بأن أنذر وجودي لأجل وجودكم ولأجل الشعب الإيراني.
أتمنّى أن تبقى كرمان دائماً وحتّى النهاية مع الولاية. هذه الولاية هي ولاية عليّ بن أبي طالب وخيمتها خيمة الحسين بن فاطمة، فطوفوا حولها. إنني أخاطبكم جميعاً. تعلمون أنّني كنت أهتمّ في حياتي بالإنسانيّة والعواطف والفطرة أكثر من الأطياف السياسيّة. وهذا خطابي لكم جميعاً حيث أنّكم تعتبرونني فرداً منكم وأخاً لكم وواحداً من أبنائكم.
أوصيكم بأن لا تتركوا الإسلام وحيداً في هذه البرهة من الزمن وهو متجلٍّ في الثورة الإسلاميّة والجمهوريّة الإسلاميّة. الدفاع عن الإسلام يحتاج ذكاءً واهتماماً خاصين. وأينما طُرحت في القضايا السياسيّة نقاشات حول الإسلام، والجمهوريّة الإسلاميّة، والمقدّسات وولاية الفقيه، [فلتعلموا] أنّ هذه هي صبغة الله؛ فلتقدّموا صبغة الله على أيّ صبغة أخرى.
وأخاطب عوائل الشهداء....
أبنائي وبناتي، يا أبناء الشهداء، يا آباء وأمّهات الشهداء، أيّتها الأنوار المشعّة في بلادنا، يا إخوان وأخوات وزوجات الشهداء الوفيّات المتديّنات! الصوت الذي كنت أسمعه في هذا العالم بشكل يومي وأستأنس به فيغمرني بالسّكينة كصوت القرآن وكنتُ أعتبره أعظم سند معنوي لنفسي، هو صوت أبناء الشّهداء الذي كنتُ أستأنس به يوميّاً في بعض الأحيان؛ وصوت آباء وأمّهات الشّهداء الذين كنت ألمس في وجودهم وجود والدي ووالدتي.
أعزّائي! فلتدركوا قيمة أنفسكم ما دمتم روّاد هذا الشّعب. اجعلوا شهيدكم يتجلّى في ذواتكم، بحيث يشعر كلّ من يراكم بوجود الشهيد في أنفسكم، ويشعر بنفس الروحانيّة والصلابة وكافّة الخصائص.
ألتمس منكم الصّفح عني وبراءة الذمة. لقد عجزتُ عن أداء حقّ الكثيرين منكم ولم أوفِّ أيضاً حقّ أبنائكم الشهداء، فاستغفر الله وأطلب العفو منكم.
وأرغب أن يحمل أبناء الشهداء جثماني على أكتافهم، علّ الله عزّ وجلّ يشملني بلطفه ببركة ملامسة أيديهم الطاهرة لجسدي.
خطاب للسياسيّين في البلاد.....
أرغب في مخاطبة السياسيّين في البلاد بملاحظة مقتضبة سواء كانوا من الذين يطلقون على أنفسهم اسم الإصلاحيّين أو الذين يسمّون أنفسهم بالأصوليّين. ما كنت أتألّم لأجله دائمًا هو أنّنا بشكل عام ننسى الله والقرآن والقيم في مرحلتين، بل نضحّي بكلّ هذه الأمور. أعزّائي، مهما تنافستم وتجادلتم، فلتعلموا أنّه عندما تؤدّي تصرّفاتكم وتصريحاتكم أو مناظراتكم إلى إضعاف الدين والثورة بنحو من الأنحاء، فسوف تكونون من المغضوب عليهم من قبل نبيّ الإسلام العظيم (ص) وشهداء هذا النهج؛ ميزوا الحدود ولا تخلطوها. إذا كنتم ترغبون في أن تكونوا مع بعضكم، فشرط ذلك هو الاتفاق حول المبادئ والتصريح الواضح بها. المبادئ ليست طويلة وتفصيليّة. المبادئ عبارة عن بضعة أصول هامّة:
أوّل هذه الأصول هو الاعتقاد العمليّ بولاية الفقيه؛ أي أن تنصتوا إلى نصائحه، وتطبّقوا من أعماق القلب توصياته وملاحظاته بوصفه طبيباً حقيقيّاً من الناحيتين الشرعيّة والعلميّة. إنّ الشّرط الأساسي لكلّ من يسعى في الجمهوريّة الإسلاميّة لاستلام مسؤوليّة معيّنة أن يكون لديه اعتقاد حقيقي وعمليّ بولاية الفقيه. أنا لا أقول بالولاية التنوّريّة ولا بالولاية القانونيّة؛ فلا تحلّ أيّ من هاتين مشكلة الوحدة؛ الولاية القانونيّة خاصّة بعامّة النّاس من مسلمين وغير مسلمين، إلّا أنّ الولاية العمليّة خاصّة بالمسؤولين الذين يريدون حمل أعباء البلد الجسيمة على عاتقهم، خصوصاً وأنه بلدٌ إسلاميّ قدّم كلّ هؤلاء الشهداء.
الاعتقاد الحقيقي بالجمهوريّة الإسلامي وركيزتها الأساسية من أخلاق وقيم وصولاً إلى المسؤوليّات؛ سواء المسؤوليّة قبال الشعب أو قبال الإسلام.
توظيف أفراد أنقياء وأصحاب عقيدة يخدمون الشعب، لا أولئك الذين إنْ استلموا مكتباً في إحدى القرى يجدّدون ذكريات الإقطاعيّين السابقين.
. فليجعلوا التصدّي للفساد والابتعاد عن الفساد والبهارج مسلكًا ومنهجاً لهم
أن يعتبروا احترام النّاس وخدمتهم خلال فترة حكمهم وتولّيهم لأيّ مسؤوليّة نوعاً من أنواع العبادة وأن يعتبروا أنفسهم خدماً حقيقيين، ومطوّرين للقيم، لا أن يطمسوا القيم بحجج واهية.
المسؤولون آباء المجتمع وعليهم أن يعتنوا بمسؤولياتهم فيما يخصّ تربية المجتمع والسهر عليه، لا أن يقوموا بسبب عدم اكتراثهم ولأجل بعض العواطف واستقطاب بعض الأصوات العاطفيّة العابرة بدعم أخلاق تروّج للطلاق والفساد في المجتمع وينتج عنها انهيار العوائل. الحكومات هي العامل الرئيس في تماسك العائلة وتشكّل من ناحية أخرى عاملاً هامّاً من عوامل تلاشيها. عندما يتمّ العمل بالمبادئ، فسوف يكون الجميع حينها على خطى القائد والثورة والجمهوريّة الإسلاميّة وسوف تنتج عن ذلك منافسة سليمة ترتكز على هذه المبادئ من أجل اختيار الأصلح.
لمتابعة الجزء الاول من وصية الشهيد سليماني اضغط هنا