الكوثر_ايران
قال السيد عبد الفتاح نواب: بما أن موضوع هذه الندوة يدور حول الحضارة، وخاصة الحضارة الإسلامية، فمما لاشك فيه أن الثقافة والحضارة تعتبران كحلقيتن متلازمتين، أو منفصلتين، وفي ذلك آراء.
فكل مجتمع له ثقافته، ولكن لايُشترط للمجتمع المثقف، أن يكون متحضرا بالمعنى السائد. فبعض المجتمعات لها ثقافاتها، أو تشارك ثقافات بعض المجتمعات الأخرى، لأن الحضارة لها المعنى الخاص بها، كما أن الثفافة لها مفهومها الخاص بها أيضا. في الحقيقة إن الحضارة هي قمة الثقافة. وقبول النظام السائد في المجتمع، هو الذي يُخرج المجتمع من البداوة، ويضعه على سكة السمو الحضاري والإجتماعي، وبعبارة اخرى المجتمع الذي يقبل التنظيم في حياته، وتُوزَع المناصب فيه بشكل صحيح، فذلك مجتمع يتجه نحوالحضارة وتقرير مصيره بنفسه، شرط أن يكون ما يجري فيه يبقى مقبولا لدى الجميع.
المجتمعات المتحضرة
فأحيانا تواجه المجتمعات أنانية وطغيان الحكام، فهل أن الحضارة يجب أن تتماشى مع مثل هذه الثقافة؟ كلا، والأمر ليس كذلك. فهناك بعض المجتمعات القبلية في استراليا أو افريقيا لها اخلاقها وسننها الاسرية الخاصة بها، وهي ثقافتها، لكن تلك المجتمعات مازالت غير متحضرة. ففي الحقيقة إن الثقافة هي عبارة عن مجموعة من المعتقدات الفردية أو المجتمعية وغالبا ما تكون (الثقافة) ذِهنية، خلافا للحضارة التي تكون أمرا اجتماعياً متكاملا. أي إن الحضارة تكون نتيجة سمو الثقافات.
فعندما تبث أي حركة ثقافية أصداءها في المجتمع، تتسبب في ايجاد الارضية المناسبة لنمو الحضارة فيه. والله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: : "ولو أن اهل القرى آمنوا واتقوا...،" أي لو كانت تلك الثقافة، أي ثقافة "الإيمان والتقوى" سائدة في المجتمع، عند ذلك يكون الإيمان والتقوى بمثابة جناحين لنقل الإنسان للحضارة.
فمفردة الحضارة المشتقة من المدنية والسكن في المدن، نرى أن الإسلام في بدايات عهده يرعاها في ذلك المجتمع البدائي بنبرات دقيقة، ويتحدث عن ثقافة ومدنية وكأنه يتحدث عن واقع موجود رغم عدم وجود شروط لتحقيقه. ويقول للوصول لمثل ذلك يجب تطبيق التعاليم الدينية.
إذا فالمتحضرون هم الذين يعيشون في مجتمعات متعاونة تتميز بالصفات الأخلاقية السامية، وكذلك في القضايا الإجتماعية المترسخة فيما بينهم وهم يطبقونها.
انتصار الثورة الاسلامية
إحدى النقاط التي يجب التطرق اليها في هذا اللقاء، هي أننا في الثورة الإسلامية، إذا راجعنا توجيهات قائدها المعظم، نرى أن سماحته يرسم خطة بخمس مراحل للوصول إلى الحضارة الإسلامية. حيث كانت مرحلتها الأولى إنتصار الثورة الإسلامية، وقد نجحت والحمد لله، والثانية تثبيت النظام الإسلامي وسيادته، وهذا ما تحقق فعليا أيضا، والمرحلة الثالثة هي تشكيل الحكومة الإسلامية.
فهي التي تكون نتيجة التصويت الشعبي، وهذا ما جرى حتى الآن، وما بقي هو علينا أن نتحرك نحو تحقيق المجتمع الإسلامي، كي نتمكن من الوصول للحضارة الإسلامية. وقائد الثورة الإسلامية يؤكد في بيانه للخطوة الثانية للثورة الإسلامية، بأننا اجتزنا ثلاث مراحل من المراحل الخمسة للخطة المحددة. حيث انتصار الثورة الإسلامية، وتثبيت النظام والحكومة الإسلامية.
والبيان الذي يُعتبر خطة العمل للعقود الأربعة المقبلة عليها الثورة الإسلامية في هذه الفترة، يجب أن يتحقق خلالها تأسيس المجتمع الإسلامي. و كما تعلمون كل الحضارات كان لها أعداء ومعارضون، لايسمحون لتحقيقها. والحضارة الإسلامية كذلك لها أعداء فشرق العالم وغربه تكالبوا عليها وإنهالوا عليها بالتهديدات المميتة، وأخافوا العالم الاسلامي منها، وعمدوا لتهويل الخطر الإسلامي المزعوم، بشتى الطرق، كي لايستقيم للإسلام نظام في المجتمع، ولايحظى بسيادة وحضارة.
الحضارة الاسلامية
لأن الحضارة الإسلامية ستُحبط مخططاتهم، ومن أجل ذلك يسعون، كي لاتقوم أي قائمة للإسلام، لا في ايران ولا في غيرها من الدول الإسلامية التي تريد النهوض نحو الحضارة الإسلامية، ويتصدون لها ويمنعون معوناتها للعالم ويحرمونها من أي دور فاعل في الساحة. وفي الختام الخص الكلام اولا بأن الحضارة هي نتيجة سمو الثقافة، لكن لايمكن القول أن كل ثقافة تؤدي للحضارة، فهناك مجتمعات تحتفظ بثقافتها، لكنها ما زالت غير متحضرة.
والنقطة الثانية هي حول الحضارة نفسها، فالحضارة عند تحققها، يتحقق التقدم والتطور في المجتمع، وعندها يصبح المجتمع متحضرا يحظى بكل القيم الإجتماعية. وفيما يخص الثورة الإسلامية والحضارة الإسلامية المنشودة، قلت إن رأي قائد الثورة بأننا اجتزنا ثلاث مراحل من أصل خمسة مراحل، وانشاء الله نتمكن من تحقيق الخطوتين المتبقيتين.