إذ كشفت الأبحاث العلمية المتخصصة أن هناك ما يزيد عن 10 مواد كيميائية في المنتجات التي نستهلكها خلال الروتين اليومي المعتاد، مثل حاويات الزبادي وزجاجات الشامبو وإسفنج المطبخ، التي قد تكون مساهماً قوياً في إصابتنا بالسمنة وزيادة الوزن.
ما العلاقة بين اكتساب الوزن والبلاستيك؟
قد يبدو الأمر وكأنه طريقة غريبة لاكتساب الوزن، لكن دراسة علمية جديدة كشفت أن البلاستيك الموجود في زجاجات الشامبو وغيرها من المنتجات اليومية يمكن أن يجعل الناس بدينين وغير قادرين على خسارة الوزن بالنسبة المرجوة.
واكتشف العلماء 11 مادة كيميائية يمكن أن تؤثر على التمثيل الغذائي في الجسم وتساهم في زيادة الوزن في المنتجات اليومية، مثل زجاجات المشروبات البلاستيكية، وإسفنج المطبخ لغسل الصحون وعبوات مستحضرات غسل وترطيب الشعر.
وقام باحثون من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا بفحص 34 منتجاً بلاستيكياً مختلفاً، يتم استخدامها بشكل دوري يومياً، لمعرفة المواد الكيميائية التي تحتويها.
وبحسب النتائج التي نُشرت بمجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا، مطلع فبراير/شباط 2022، وجدوا أكثر من 55 ألف مكون كيميائي مختلف في المنتجات ذات الحاويات البلاستيكية، وحددوا 629 مادة بينها 11 على الأقل معروفة بأنها مواد كيميائية تعطل عملية التمثيل الغذائي في الجسم.
مواد مسؤولة عن تعطيل عملية التمثيل الغذائي
قال مارتن واجنر، الأستاذ المشارك في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا: "تُظهر تجاربنا أن المنتجات البلاستيكية العادية تحتوي على مزيج من المواد التي يمكن أن تكون عاملاً مهماً ومقللاً من شأنه وراء زيادة الوزن والسمنة".
وبالرغم من أنه قد ساد لفترات طويلة أن مكونات البلاستيك لا يمكنها التفاعل والتأثير على الإنسان عند الاستخدام السطحي عبر البشرة، فإن خبراء تلك الدراسة أثبتوا أنها تتسرب بكميات كبيرة في الواقع وتدخل إلى جسم الإنسان.
جدير بالذكر أن الأبحاث السابقة أيضاً كانت قد كشفت أن بعض المواد البلاستيكية تحتوي على مكونات كيميائية تؤدي إلى اضطراب الغدد الصماء، والتي تُعرف أيضاً باسم "مسببات السمنة".
وبحسب صحيفة New York Post التي تناولت الدراسة، تؤثر تلك المكونات على تطور الجسم وصحته ومستوى الخصوبة، ليتضح أخيراً أنها مسؤولة عن زيادة الوزن أيضاً من خلال تطوير الخلايا الدهنية في الجسم.
إذا أعادت المواد الموجودة في هذه المنتجات برمجة الخلايا في الجسم لتصبح دهنية، والتي بدورها تتكاثر بسرعة وتُراكم المزيد من الدهون في الجسم، ما يسبب السمنة غير واضحة الأسباب، حتى مع اتباع نظام غذائي ورياضي ملائم.
البلاستيك ومخاطره العديدة على جسم الإنسان
وفي حين أن بعض المنتجات البلاستيكية تحتوي على مواد معروفة تؤدي إلى اضطراب عملية التمثيل الغذائي، فإن البعض الآخر لا يحتوي على مواد معروفة، ومع ذلك فهي لا تزال تحفز نمو الخلايا الدهنية بالجسم.
إذ يقول الباحثون إن هذا يعني أن البلاستيك يحتوي على مواد كيميائية غير معروفة حتى هذه اللحظة، والتي تتداخل مع طريقة تخزين الجسم للدهون وكيفية تعامله معها.
وبحسب يوهانس فولكر، أحد مؤلفي الدراسة، لصحيفة New York Post: "من المحتمل جداً أن يكون هناك أكثر من مشتبه به ضمن المكونات، مثل بيسفينول أ، مسبباً اضطرابات التمثيل الغذائي التي تفاقم مشكلة السمنة".
وهذا يعني أن الكيماويات البلاستيكية الأخرى غير تلك التي نعرفها بالفعل يمكن أن تسهم في زيادة الوزن والسمنة، دون أن ندري كيف يحدث ذلك حتى اللحظة.
عامل مساهم في تفشي وباء السمنة
يأتي ذلك في الوقت الذي تُعد السمنة فيه أحد أكثر أسباب الوفاة شيوعاً في العالم، مسببة تداعيات صحية خطيرة بينها أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.
وتزيد زيادة الوزن أيضاً من قابلية الجسم للإصابة بالعدوى المختلفة مثل مخاطر مرض (كورونا-19).
هذا ويعاني حوالي ملياري شخص في العالم من زيادة الوزن، ونحو 650 مليوناً منهم مصنفون على أنهم يعانون من السمنة.
هناك العديد من الأسباب لذلك الوباء الخطير، لكن مؤلفي تلك الدراسة المثيرة للجدل يقولون إن المواد الكيميائية البلاستيكية قد تكون عاملاً ضخماً لم يتم وضعه في الاعتبار من قبل.
وتشتمل المواد الكيميائية المستخدمة في مستحضرات الحياة اليومية على مواد مثل الفثالات والبيسفينول بآثارها المحتملة على الوظائف التناسلية والعصبية والمناعة، لكن البحث الجديد يُظهر أن هناك العديد من المواد التي تُسبب هذه التأثيرات الإشكالية غيرها، وتحتاج لمزيد من التحقيق.
لكن الدراسات المماثلة التي أُجريت على الحيوانات تشير أيضاً إلى أن التعرض المبكر لبعض المستحضرات ذات الحاويات البلاستيكية قد يتسبب في زيادة الوزن في وقت لاحق من الحياة، بسبب سمّيتها للغدد وهرمونات الجسم.
وبالنظر إلى أن نظام الغدد الصماء يتحكم في الشهية والشبع والتمثيل الغذائي والوزن، فإن التعرض للمواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء هو أحد هذه العوامل التي تُسبب حتى مخاطر الإجهاض وتشوهات الأجنة والعُقم.