مولده ونشأته
ولد سيد مجتبى ميرلوحي المعروف بنواب صفوي في عام 1924 في منطقة “خاني اباد نو” (جنوب العاصمة الايرانية طهران)، ترعرع صفوي في عائلة متدينة، وبعد موت والده عاش في بيت عمه محمود نواب ميرلوحي، و”صفوي” هو اسم عائلة والدته والذي اختار أن يكون لقبا له. كان والده من رجال العلم والدين، ثم أصبح حقوقياً يدافع عن مظالم الناس ضد نظام الشاه، ولكن مشادة حصلت بينه وبين وزير العدل آنذاك، أدت إلى سجنه ووفاته.
تعليمه
أمضى نواب صفوي سنواته الدراسية الابتدائية في مدرسة حكيم نظامي ومرحلته الثانوية في المدرسة الصناعية الألمانية ودرس فيها الميكانيك، وأثناء تلك المرحلة شارك في مظاهرات ضد خلع الحجاب عام 1940، وبعد عدة سنوات ذهب إلى “آبادان” للعمل في شركة النفط، لكن اقامته هناك لم تدم طويلاً، حيث كان يشجع على إقامة التظاهرات ضد الاستعمار البريطاني، وقد ألقى خطبة حماسية اغضب البريطانيون فحاولوا اعتقاله فهاجر إلى النجف الأشرف وعمل في مجال صنع وبيع العطور ليكسب لقمة العيش، لكنه أكمل هناك دراسته الدينية، وتعرف على الشيخ عبد الحسين الأميني مؤلف موسوعة الغدير، فدرس صفوي الفقه والأصول والتفسير في مكتبه وعلى يد حاج حسين قمي والشيخ محمد طهراني.
جهاده السياسي
وأثناء وجوده في النجف الأشرف، ظهر رجل في ايران يدعى "أحمد كسروي" سنة 1941 كان يهاجم الإسلام ويسيء الى النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ويروج أكاذيب عن الاسلام في كتاباته التي كان الاستعمار وعملاؤه في الداخل يروجونها ويطبعونها بهدف تسميم أفكار المسلمين وإلهاء علماء الدين المناضلين عن معركتهم الأساسية ضد الإستعمار بمسائل هامشية.
وعندما وصلت اخبار هذا الرجل الى نواب صفوي ترك الدراسة وتوجه إلى إيران ليقوم بواجب الدفاع عن الإسلام ضد أكاذيب هذا العميل المعتوه، فالدراسة لم تكن تشكل أمام نواب صفوي عائقا امام الدفاع عن الاسلام والثورة.
تأسيس منظمة "فدائيو الإسلام"
وفي ايران جمع الشهيد نواب صفوي حوله المؤمنين من طلبة الدين المناضلين والشباب الواعين ورجال الاعمال المتدينين، وأسس عام 1945 منظمة جهادية إسلامية أسماها "فدائيو الإسلام"، ووضعت على قائمة أعمالها الانتقام من المدعو "كسروي".
في البداية حاول السيد نواب صفوي شخصياً الحوار مع كسروي ومنعه من الاساءة الى الإسلام وحرق المصاحف، ولكنه فشل في ذلك، فهدرت منظمة "فدائيو الإسلام" دمه، وتم اغتياله عام 1945. اعتقل إثر ذلك نواب صفوي وأودع السجن، ولكن بضغط من الجماهير أفرجت عنه السلطات.
وبعد العملية المسلحة الجريئة بقيادة نواب صفوي وعبد الحسين واحدي مسؤول الجناح العسكري بالمنظمة اشتهرت "فدائيو الإسلام".
وكان نواب صفوي خطيباً بارعاً يجذب الجماهير بكلماته وأفكاره، فبعد خروجه من السجن شجع الجماهير للقيام ضد حكومة الشاه، فألقت سلطات الشاه القبض عليه ورفاقه وزجتهم في السجن، لكن ضغطت الجماهير ثانية على حكومة الشاه لإطلاق سراحهم فاستسلم نظام البهلوي مرة اخرى أمام الضغوط الجماهيرية.
وفي عام 1948 اتخذت السلطات قراراً بملاحقته مع كل أعضاء المنظمة، مما أدى إلى اختفاء نواب صفوي وانتقال المنظمة إلى طور العمل السري. في الأثناء، عمل نواب صفوي جاهداً إلى إعادة آية الله كاشاني من منفاه في لبنان الى ايران، وقد نجح في ذلك.
وفي عام 1949 تعاون نواب صفوي مع الجبهة الوطنية بقيادة محمد مصدق، وأصدرت المنظمة في حينها حكم الإعدام على رئيس الوزراء وقتها "عبد الحسين هجير"، ونفذت العملية فعلاً على يد عضو المنظمة الشهيد "حسن امامي".
إلا أن التعاون بين منظمة "فدائيو الإسلام" والجبهة الوطنية لم يستمر طويلاً بسبب خلافات بينهما، خلاصته عدم التزام الدكتور مصدق بالتطبيق الكامل للنظام الإسلامي خصوصاً في مجال السياسة، هذا الخلاف أدى إلى سجن نواب صفوي باوامر من مصدق والذي استمر إلى حين سقوط حكم مصدق.
وكان نواب صفوي أول من كتب برنامجاً متكاملاً عن الحكومة الإسلامية وعمره 26 عاماً. ويعتبر كتابه حول "الحكومة الإسلامية" نبراساً لمن يسعى لإقامة حكومة الحق والعدل والإيمان. ففي مقابلة مع مندوب وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية رد نواب صفوي على سؤال عن الهدف الرئيسي لمنظمة "فدائيو الإسلام" قائلاً: "إننا نعتقد بضرورة تطبيق القانون الإسلامي في المجتمع، ونرى أن التعاليم الإسلامية هي وحدها كفيلة بإنقاذ البشرية من الحروب والجرائم، وفي سبيل هذه العقيدة بدأنا العمل لكي نجعل من إيران قدوة للعالم المتحضر.
زيارة الدول العربية
زار نواب صفوي خلال حياته بعض الأقطار العربية ففي عام 1954، التقى بياسر عرفات حين كان طالباً في القاهرة، إذ قال عرفات عن لقائه : لقد شدني نواب صفوي إلى العمل الثوري الحقيقي من أجل القضية الفلسطينية حين قال لي: إن مكانك هو في فلسطين وليس في القاهرة.
واضاف عرفات: وحينها بدأت أفكر لوضع البداية المطلوبة في انطلاقة المقاومة الفلسطينية، وفعلاً جاءت بعدها حركة فتح.
وفي القاهرة أيضاً التقى بالسيد قطب وآخرين من قادة الاخوان المسلمين وبالرئيس جمال عبد الناصر، ثم ألقى في جامعة القاهرة خطاباً ثورياً ضد بريطانيا، وحمل فيه المسؤولين المصريين مسؤولية العمل لتأميم قناة السويس، ودعا في الوقت نفسه إلى إلغاء الاتفاق النفطي بين إيران وأمريكا، ودعا من هناك الى إعدام أركان النظام البهلوي الفاسد الذي كان يحكم ايران من أمثال أميني وزاهدي وتيمور بختيار وغيرهم.
وانطلقت مظاهرات الطلبة المصريين بعد سماع خطابه الذي ألقاه بالعربية وهو يندد بالاستعمار وعملائه مما ادى الى إخراجه من مصر.
وشارك نواب صفوي في مؤتمر إسلامي عقد في "بيت المقدس" لمناقشة قضية مصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل اليهود، فألقى خطابا ثوريا باللغة العربية في المؤتمر دعاهم إلى تحرير القدس والقيام ضد الحكومات العميلة للاستعمار، وعندما ذهب مع 70 من المشاركين في المؤتمر الى جولة تفقدية في الأراضي المحتلة، وقف فجأة على صخرة ودعاهم الى الصلاة في مسجد كان يبعد عن القدس، كيلومتراً واحداً وقال: "من يستعد للشهادة فليأت معي". فانطلق نواب صفوي أمام دهشة جنود الاحتلال المسلحين وذهب نحو المسجد، وعندما وصل إلى المسجد أذن ووقف للصلاة، فاقتدى به جميع المشاركين في المؤتمر.
وهناك التقى بالملك الأردني الحسين بن طلال، وقال له بحسب ما نشر في مجلة "المثقف" الأردنية: "عليك أن تسير في طريق إصلاح بلادك وفقاً لأحكام الإسلام، وأن لا تهادن أعداء الله".
استشهاده
وفي عام 1955 قام أحد أفراد منظمة فدائيو الاسلام باغتيال رئيس الوزراء وقتها المدعو حسين علاء، ولكن المحاولة فشلت. فاعتقل السلطات نواب صفوي وبعض رفاقه في يوم 18نوفمبر.
واستمرت محاكمته مع أخوته المجاهدين لمدة شهرين، وفي صباح يوم 16 يناير عام 1956 اعدم باطلاق الرصاص عليه بينما كان الشهيد يتلو آيات القرآن الكريم.
وقال عنه قائد الثورة الاسلامية اية الله الخامنئي بعبارة کتبه بخطه على صورته بعد إعدامه “السلام على رائد عصرنا في الجهاد والشهادة”.