قال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. آل عمران: 104.
وقال عزّ من قائل: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. المجادلة: 22.
أيُها الشعب العراقي الشجاع والأبي.. يا أبنائي الأعزاء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد مرَّ العراق بمخاضات عسيرة وقدَّم في خِضمِّها التضحيات الجسام من أجل بناء عراق حرٍّ كريمٍ تغمره عدالة الإسلام، وتسوده كرامة الإنسان، ويشعر فيه المواطنون جميعاً على اختلاف قوميّاتهم ومذاهبهم بأنّهم إخوة يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم وتحقيق مُثلهم الإسلاميّة والإنسانيّة العليا. ولكن ما حصل في العراق بعد سقوط نظام حزب البعث البائد، جاء مخيباً للآمال وبعيداً عن ذلك الهدف الذي من أجله قُدّمت تلك التضحيات الكبيرة والدماء الزكيّة وفي مقدّمتها دماء الشهيدين السعيدين الصدرين العظيمين(قدّس الله سرهما)، فكان الاحتلال الأمريكي للعراق، وما نجم عنه من دخول الإرهاب والإرهابيّين، والفساد المستشري وفقدان الخدمات الضروريّة وغيرها من المفاسد. والآن لم يتبقَ من بصيص أمل سوى في الانتخابات التي عن طريقها يجب إيصال الصالحين إلى سدَّة السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، وفي كلّ مرّة نؤكّد على ضرورة المشاركة الفعَّالة والواسعة فيها، وعلى ضرورة انتخاب المؤمنين المخلصين الأكفّاء الذين يتوسّم فيهم حفظ الأمانه وأداء المسؤوليّة وخدمة الناس.
ولكن نتائج الانتخابات فيما مضى لم تكن مرضيّة، لأسباب منها سوء المقاييس التي قامت على أساسها التحالفات، ومنها عدم إيصال الأعداد اللازمة من الصالحين للبرلمان، ولهذا يجب أن تكون الانتخابات حرّة ونزيهة وأن يكون البرلمان المنبثق عنها ممثّلاً للشعب تمثيلاً حقيقيّاً لا صوريّاً، وأن لا يكون مرتهناً لإرادات استكباريّة معادية للعراق، وهذان العيبان حصلا -للأسف الشديد بصورة أو بأُخرى- في الانتخابات السابقة، فكان من محصّلتها ذلك الخلل الكبير في تشكيل الحكومات، وحصول الاضطرابات والاختلالات الأمنيّة وانهيار الاقتصاد وامتداد أيادي الصهيونية الأمريكيّة للعبث بأمن ومقدّرات الشعب العراقي بشكل لم يسبق له نظير!
ومن هنا وعلى أمل تغيير الأوضاع إلى ما هو أحسن، ولقطع دابر العملاء والمفسدين؛ فإنّني اُؤكّد على الأُمور الآتية كما كنتُ قد أكّدت عليها في الانتخابات السابقة:
أوّلاً: ضرورة المشاركة الفعّالة والواسعة في الانتخابات بالذهاب إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بالرأي وعدم التهاون في ذلك.
ثانياً: يجب إيصال المؤمنين الأكفّاء إلى البرلمان، ممّن يهدفون إلى خدمة بلادهم وشعبهم بصدق وأمانة ويعرفون بسيرتهم الحسنة بين الناس والبعيدين عن تأثيرات المستكبرين.
ثالثاً: يحرم إعطاء الصوت والتأييد لكلّ من يدعو لبقاء قوّات الاحتلال على أرض العراق، أو لا يدعو إلى إخراجها.
رابعاً: يحرم انتخاب من ينصب العداء لقوى الحشد الشعبي حُماة الوطن والقيم، أو من يستتر خلف دعاوى دمج الحشد مع القوّات الأمنيّة لتضعيفه أو تمييعه، سعياً وراء إرضاء الأجانب الأعداء والفاسدين الذين يعدّون العدّة للمكر بالعراق ومحاربة قيمه ومجاهديه وأهله الصالحين.
وإنّني أبتهل إلى الباري عزّوجل أن تتمخّض عن الانتخابات حكومة مرضيّة من قبل الشعب العراقي تقوم بدورها في تقديم الخدمات وإصلاح الأُمور ومحاربة الفساد حقّاً وحقيقة، والقضاء على البطالة ورعاية الشباب بُناة المستقبل، والاهتمام بالشرائح الاجتماعيّة المحرومة والمستضعفة، وحفظ سيادة العراق واستقلاله من القوى الاستكباريّة العالميّة، ومقاومة أيّة بادرة للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي الفلسطينيّة والإسلاميّة، فإنّ في ذلك رضا الربّ سبحانه وعزّة المسلمين وسؤددهم.
أسأل الله تعالى أن يتغمّد شهداء العراق برحمته وخصوصاً شهيدي الجهاد والمقاومة أبي مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني وسائر شهداء الإسلام.
٢٤ / صفر المظفر / ١٤٤٣ ھ
كاظم الحسينيّ الحائري