ابن زايد وابن سلمان..هل انقلبا على بعضهما البعض؟

الخميس 12 أغسطس 2021 - 10:05 بتوقيت مكة
ابن زايد وابن سلمان..هل انقلبا على بعضهما البعض؟

في عمق قلق أبو ظبي على سلامة نظام الحكم، تأتي السعودية كتهديد حقيقي. فلم يكن عبثا جنوح ولي عهد أبو ظبي"محمد بن زايد"، إلى محاولة التحكم بسلوك نظيره السعودي "محمد بن سلمان"، المندفع والقليل التجربة، بعدما ساهم بنفسه في رفعه إلى مرتبة الحاكم الفعلي للمملكة، قبل أن يفطن الأخير إلى مكائد جاره، فيخرج الخلافات المتراكمة معه إلى العلن دفعة واحدة، بعد سنوات من التحالف المصطنع، الذي أمْلته لحظة اضطراب إقليمي كانت تفرض مثل هذا التلاقي، حماية لهما معا.

كتبت صحيفة "الاخبار" اليوم الخميس: التهديد السعودي لنظام الإمارات يصبح أبلغ أثرا عندما يحصل تقارب بين المملكة وبين سلطنة عمان، التي ينظر إليها حكام أبو ظبي بوصفها خطرا استراتيجيا بالتأسيس، يمس الوجود. فالإمارات «المسلوخة» عن الساحل العماني، هي دولة ذات وظيفة لا تنفصل عن كينونتها، وتتسع يوما بعد يوم، وتتضح خطورتها أيضا يوما بعد يوم، منذ أن كانت منصة للمصالح البريطانية أيام صيد اللؤلؤ وتجارة التوابل، ثم قاعدة عسكرية أميركية بعد طفرات النفط، وما استدعته من مغامرات كثيرة بينها حروب الخليج الفارسي، والتدخلات العسكرية المستمرة حتى اليوم في بعض ميادين ما سمي «الربيع العربي»، إلى أن أصبحت أخيرا مركزا للتجسس العالمي لـ«الموساد» الإسرائيلي.

ما حدث أخيرا من تقارب بين السعودية وسلطنة عمان قد يعتبر أخطر تهديد للإمارات، في دورها السياسي والاقتصادي المعزز بكونها حاجة للمملكة. فأنْ تيمم الأخيرة وجهها الآن شطر السلطنة، يعني حكما، في عقل أبناء زايد، الإقلاع عن بلدهم كخيار.

فالتاريخ كله يقف بين «الدولة» وبين «السلطنة» اللتين كانتا أرضا واحدة، تحمل اسم «ساحل عمان». والاسم وحده يكفي للدلالة على عراقة المؤسسة السلطانية في عمان التي تعود جذورها إلى منتصف القرن الثامن عشر، مقابل رعونة المؤسسة الرئاسية في الإمارات التي تتكون من إمارات متناحرة - متصالحة توحدت في عام 1971 تحت راية زايد، المنقلب على أخيه شخبوط، بدعم بريطاني.

وهي حكاية صراع قديم على الأرض والولاء، تستخدم فيها الإمارات قوتها المالية ودورها الوظيفي، فيما تضع فيها عمان عراقتها وموقعها الاستراتيجي، الذي تبني عليه سياسة «الحياد الإيجابي» في كل الصراعات المحيطة بها، بما يمكنها من لعب دور الوسيط الفعال، وإن كانت تؤخذ عليها اتصالاتها بإسرائيل، والتي تنضبط هي الأخرى على إيقاع عماني خاص، لا يتشبه لا بالإيقاع السريع للتطبيع الإماراتي والبحريني، ولا بالهندسات السياسية السعودية المفصلة على قياس تطبيع ما زال غير قابل للصرف في أسواق السياسة والتحالفات، التي يراد منها تعزيز موقع الوافد الجديد إلى مؤسسة الحكم السعودية، في زمن المراحل الانتقالية الصعبة، في هذه المنطقة المنكوبة بصراعات لا تنتهي.

وعلى الضفة الأخرى من الجزيرة العربية، المطلة على البحر الأحمر، صراع كامن آخر لا يقل خطورة بين السعودية ومصر على مخزونات الغاز. صراع مفتوح على قوى أخرى من زاوية القلق من أن استخدام الرياض إمكاناتها لاستخراج الغاز ومن ثم التلاعب بأسعاره وأسواقه العالمية، كدأْب المملكة في أسواق النفط، قد يؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بمصالح قوى عالمية كبرى، ربما لن ترضى بأقل من إسقاط النظام السعودي ثمنا لمثل هذا التلاعب.

وتجد الإمارات في ذلك الصراع بابا واسعا لممارسة هوايتها المفضلة في تحريض البلدين أحدهما على الآخر، ومن ثم لعب دور «شيخ الصلح» بينهما.

أنْ تيمم السعودية وجهها شطر عمان يعني حكما، في عقل أبناء زايد، الإقلاع عن بلدهم كخيار

ونشرت جريدة «الأخبار»، ضمن سلسلة «الإمارات ليكس»، وثائق سرية تتضمن دراستين ووثائق إطْلاع صادرة كلها عن جهات رسمية إماراتية. تعتبر الدراسة الأولى التي أعدتها جهة تابعة لوزارة الخارجية الإماراتية، والموجهة إلى ابن زايد، أن الطريق البري الذي جرى تدشينه بين السعودية وسلطنة عمان أخيرا، يفتح آفاق التنسيق العماني - السعودي بعيدا عن الإمارات، كما ويشكل بديلا لعمان من الإمارات في حال حصول توتر بين أبو ظبي ومسقط، ويكرس عمان وجهة سياحية للسعوديين، وربما يؤدي إلى تراجع أهمية ميناء جبل علي لمصلحة ميناء الدقم العماني، وتقليل الاعتماد على الحدود البرية السعودية - الإماراتية.

كذلك، يعزز هذا الطريق مكانة عمان في لعب دور الوساطة بين السعودية وإيران، ويزخم المساعي السعودية لاحتواء السلطنة تجنبا لحدوث شرخ خليجي ينتج منه حلفان: يضم الأول عمان والكويت وقطر؛ والثاني الإمارات والسعودية والبحرين.

ومن بين أهداف الطريق عند البدء بإنشائه في عام 2019، كان تعويض نقص الصادرات السعودية جراء «حصار» قطر، وتعزيز التعاون الأمني السعودي - العماني. أما التوصيات الإماراتية للرد على ذلك التطور، فتشمل التقرب من عمان، والتوقف عن مهاجمتها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وزيادة الاستثمارات الإماراتية فيها، وتعزيز التواصل معها، تزامنا مع تحسين العلاقة مع السعودية وتوسيع الخدمات الموجهة إليها، عبر زيادة حركة المسافرين ونقل البضائع، وتعزيز نقاط الحدود البرية، وتطوير ميناء الفجيرة، وإتمام مشروع القطار السريع الذي يربط البلدين، بأمل إنجازه في عام الجاري.

الدراسة الثانية التي تتناول غاز البحر الأحمر، تشير إلى أن هناك خلافا مصريا - سعوديا كامنا حول التعامل مع مخزونات البحر الأحمر، على رغم ترسيم الحدود البحرية بينهما، وتتحدث عن تقديرات استخباراتية مفادها أنه إذا أدى مضي السعودية قدما في مشروع استخراج الغاز من البحر الأحمر، إلى زيادة المعروض الغازي، وأثر على الاتفاقيات بين الدول المنتجة والمصدرة للغاز، فقد ينجم عن ذلك تبني هذه الدول سياسات تهدف إلى إسقاط نظام الحكم في المملكة.

وتتمحور التوصيات الإماراتية (لتمريرها إلى السعودية)، إزاء ما تقدم، حول وجود فرصة لإنشاء مدينة خاصة بأعمال أبحاث وتطوير لصناعات الطاقة في مدينة نيوم، مع إمكانية إبرام شراكات في المستقبل مع شركات وجامعات إسرائيلية.

كما تستبطن التوصيات تحريضا للسعودية على مصر - على أن تلعب الإمارات دور الموازن بينهما - خلاصته حمْل شركة «أرامكو» (إنما بنية التعطيل والعرقلة) على القيام بأعمال الحفر في المناطق التي أعلنت عنها الحكومة المصرية، والضغط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإنهاء دور القضاء في ملف ترسيم الحدود البحرية، وأيضا إبقاء التواصل الإماراتي مع مصر في أعلى درجاته، لتخلص التوصيات إلى أن توازن القوى في البحر الأحمر، مصلحة إماراتية.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الخميس 12 أغسطس 2021 - 10:05 بتوقيت مكة