استند الامام الخميني في خطابه الديني والثوري الى تصورات المفاهيم والقيم القرآنية ومنها تجربة السيرة النبوية الشريفة. والامام الراحل صنع ذلك الحدث الاسلامي العملاق في وقت كان المشروع الاسلامي منكفئا على نفسه راضيا بالانزواء والتقوقع والرضوخ، فجاءت ثورته لتضع الاسلام بالصدارة فيخضم اصعب الظروف.
ولا شك في ان دعوة قائد الثورة الاسلامية السيد الخامنئي (دام ظله) الى صيانة مبادئ الامام الخميني وقيمه تدل على حرصه الكبير على استحضار فكر الامام الراحل والاستفادة من خصوبته المعطاءة المواكبة لتطورات العصر والقادرة على انتاج التحولات الكبرى على مستوى الامة والعالم.
فالامام الخميني اطلق مدّا جماهيريا وقاده الى النصر المؤزر وجعل من ايران مطلقا للصمود والنهضة والجهاد تجلت معطياته الجذرية في راهننا المعاصر حيث تقود المقاومة عملية تحرير الاراضي والشعوب والمقدرات من نير المستكبرين فيما تبوأت قضية فلسطين العناوين الاولى لوسائل الاعلام العربية والاسلامية والدولية خلال معركة سيف القدس.
كل ذلك بفضل الانعطافة التاريخية التي اوجدها امامنا الداخل قبل 43 عاما. ان المشروع الاسلامي الذي تبناه الامام الخميني وتعمل الجمهورية الاسلامية الايرانية على ترسيخه منذ اكثر من اربعة عقود، جاء ليعمل على انقاذ المسلمين مما هم فيه من حصار وضغط وقهر وهو يتوجه برسالته الى بني البشر كافة لان الاسلام دين جاء للناس كافة، وهو مشروع يناهض كل اشكال الاستغلال والاستكبار والتبعية والاستضعاف.
الامام الخميني لم ينس لحظة واحدة التاكيد على دور الشعب والجماهير المليونية في صنع الثورة ودعم اركان الدولة وكان سماحته مؤمنا ان الشعب الذي قام بثورته وعاش بركات انطلاقته وثمرات جهاده، لن يفرط بها ولن يتقهقر عنها لانها ثورة مستمرة خلاقة دائمة العطاءات والمنجزات والابداعات.
ان ايران التي تستعد لاجراء الانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة يوم 18 حزيران 2021 المقبل تراهن على الحضور الجماهيري الواسع فيها .فالشعب مدعو لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد وابناء هذا الشعب يعرفون مسؤولياتهم التاريخية لاجراء هذا الاستحقاق الرئاسي وليس لاحد ان يفرض عليهم ما لا يريدونه. فقد افرزت انتخابات سابقة مفاجآت غيّر فيها الشعب مجريات الاحداث خلافا لايحاءات القوى الخارجية، فهو الذي حسم خياره وحدد اولوياته انطلاقا من رؤيته الدقيقة للتطورات الحاصلة في البلاد والمنطقة والعالم.
المؤكد ان ايران تواصل تمسكها بنهج الامام الخميني (قدس سره الشريف) لانه النهج الذي اثبت نجاحه ونجاعته وتاثيره البليغ، وعلى هذا الاساس فان مستقبل البلاد مضمون بهذه المرجعية الدينية الثورية وبمبدأ ولاية الفقيه باعتباره درع الجمهورية الاسلامية الحصينة التي اركعت الاستكبار الغربي الصهيوني ومرغت انف الطغيان الاميركي بالوحل، وبالتالي فان هذا الدور المبدئي الاصيل كان ولايزال هو الرصيد المحرك للتقدم بقفزات جبارة الى مراتب الرقي والقوة والاقتدار.
بقلم حميد حلمي البغدادي