و جاء في نص البيان: «منذ أکثر من سبعة عقود و الإحتلال الصهیوني مستمر بجرائمه الوحشية ضد الشعب الفلسطینی المظلوم و کان قد وصل تبجّح هذا الکیان الغاصب لدرجة جعله یطمح باحتلال أراضي العالم الإسلامي من النیل إلی نهر الفرات لیتحکم بمصیر البلدان الإسلامية کی یتیح لهم أن یعثوا فی الأرض فساداً ؛ و لکن ما تصدی لهذا العدوان علی العالم الإسلامی هو روح الجهاد و صحوة العلماء المؤمنین و الفتاوی التی صدرت بوجوب محاربة الإحتلال في فلسطین و جمیع أنحاء العالم الإسلامي و هذا الکفاح مستمر حتی النصر النهائي و اقتلاع الغدة السرطانية الصهیونية من الأراضي الإسلامية المقدسة و قد تجسدت کل هذه القیم في محور المقاومة الرشیدة و مازالت المقاومة في لبنان و فلسطین في مسارها المتقدم و المنتصر .
منذ ذلك الزمن و کل هذا الإجرام یحدث تحت أنظار العالم و بدعم من القوی الکبری و تواطيء بعض الأنظمة العربية و الإسلامية مع العدو الصهیوني و أصحاب نهج التطبیع و التسلیم کانوا سابقا یمارسون التطبیع تحت الطاولة إلا أنهم أظهروا حقیقتهم و بدؤوا بالتطبیع العلني و التصفیق للصهاینة و فتح السفارات في البلاد العربية و الإسلامية بعدما صرحوا بدون إستحیاء بأن یجب أن یکون للصهاینة وطنهم الخاص في الأراضي المحتلة ناسین أهل فلسطین المشردین .
و لکن قریبا هؤلاء المطبعین و سادتهم سیندمون علی خیانتهم و هذا وعد الله في القرآن الکریم "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَی مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ"
لقد خطط الأمریکان و الصهاینة لإضعاف محور المقاومة من خلال إغتیالهم للشهید اللواء الحاج قاسم سلیمانی باعتباره أقوی شخصیية قيادية و عسکرية تهدد وجود کیانهم الغاصب فإذا بشهادته المبارکة تتحول لعنة تلاحقهم، و نحن نری الیوم بکل وضوح ثمار دمه الطاهر و برکات محور المقاومة، لاسیما الأن و بعد الإعتداء الصهیوني علی أهل القدس و أهالی حي الشیخ جراح، و بعد دخول المقاومة الباسلة علی خط الجهاد ضد العدو الصهیوني، بکل وضوح نشاهد تغییر المعادلات و عودة فلسطین لتتحول إلی رمز للدعوة و المقاومة الإسلامية، و قامت قوی محور المقاومة بتغییر اساليبها المقاومة ضد العدو الصهیوني حیث أصبحنا علی منعطف تاریخي ملامحه تبشر بالنصر القادم عاجلا، و من علامات هذا النصر هو ضرب عاصمة الکیان الصهیوني و مستعمراته في عقر داره، بینما بان فشل منظمات الباتریوت و القبب الحدیدية التي تحولت إلی قبب السخرية مقابل صواریخ المقاومة. و في الحقیقة قد تجلت کلمة "ولی زمن الهزائم و أتی زمن الإنتصارات" فإذا کنا سابقا نشاهد دبابات الجیش الصهیوني إلتي زعموا أنه لایُهزَم تتحول إلی ناقلات رفات الجنود، فالیوم باتت الصواریخ تُمطِر أماکنه الحیوية و بناه التحتية ، و لا ریب أن هذه هي بوادر إنتصارات المقاومة التي ستعید للأمة کرامتها و عزها. فالیوم تحولت کل المقاییس و أصبح الکیان الصهیوني أضعف مما سبق و نحن الیوم أقرب ما نکون إلی القدس .
ولکن لازال الیوم هناك نهج یحاول تغییر اولویات الأمة الإسلامية عبر فعاليات إعلامية، فبینما یطالب أبناء الأمة الإسلامية بتحریر کامل فلسطین، إلا أن بعض الدول و المنظمات الإسلامية من باب الخیانة أو الجهل أو الغدر تعمل علی إحباط إنجازات المقاومة من خلال رفع کلفة أهل غزه و خفض مطالبات الشعب الفلسطینی، و کذلك العمل علی التفرقة بین فصائل المقاومة الفلسطینية، و ما هذا إلا عمالة و خدمة للصهیونية الأمریکية و خذلانا للأقصی المبارك و حقوق الشعب الفلسطیني.
أننا و منذ إنتصار الثورة الاسلامية و قیام الجمهورية الإسلامية في ایران، قیادة و حکومة و شعبا ننادي بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطیني، و هذا النداء لم یکن إلا منبثقا عن المبادیء و معتقداتنا و فقهنا الإسلامي الذي يؤكد علی نصرة المظلوم و التصدي للظالمین، و هذا ما اكد علیه الدستور الایراني المنبثق عن العقیدة الإسلامية. و قد أعلن الإمام الخمینی (رضوان الله عليه) عن یوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، و إستمر الشعب الایراني في هذا النضال و بذل أقصی جهده وبذل النفس و النفیس من أجل فلسطین و إحیاء کرامة الأمة الإسلامية و الشعوب الإسلامية، و من هذا المنطق ندعوا جمیع أبناء الأمة الإسلامية و العلماء و إخوتنا بما یلی :
1- نطالب جمیع إخواننا و أخواتنا بالسعي نحو الوحدة الإسلامية و نبذ الخلافات و نبذ التفرقة و التأسیس للحوار الإسلامي و رفض أنواع العصبية و العنف و التطرف. کما نؤکد علی رفض أي نوع من الإهانة لرموز المذاهب و الأدیان الأخری. و نؤکد بأن هذا هو نوع جدید من المؤامرات التي خططت ضد وحدة الأمة الإسلامية .
2- ندعو الجمیع بالمطالبة بقطع جمیع العلاقات الإقتصادية و التجارية و الثقافية مع الكيان الإسرائیلي و حظر منتجاته و إغلاق سفاراته و قنصلیاته في جمیع الدول الاسلامية، و قطع جمیع المفاوضات الخفية و المعلنة مع الكيان الإسرائیلي، و التخلي عن العار الناتج عن التطبیع و فتح سفارت الصهاینة علی أرض المسلمین .
3- ندعو الجمیع بالتعبیر الصریح عن رفض جمیع أنواع و أشکال التطبیع و المفاوضات و الإستسلام.
4- ندعو جمیع الشعوب و الدول الإسلامية إلی الدعم المالي و الإقتصادي السریع للمقاومة في فلسطین و لبنان .
5- ندعو جمیع المنظمات الجهادية في فلسطین إلی الوحدة والتکاتف من أجل التصدی للکیان الصهیوني الغاشم، لیکونوا یدا واحدة في مواجهته، کما نطالب إخوتنا الفلسطینیین بعدم الوقوع في فخ المطبعین و المتآمرین الذین یحاولون الإلتفاف علی إنجازات المقاومة و کسرها، متلبسین بحجة حقن دماء أهل غزة. و کذلك نحذر الجمیع من الوقوع في فتنة التفرقة، أو الوقوع في فخ التقسیمات الجدیدة تحت مسمیات براقة، و زعم الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطیني .
6- نؤکد بأن القدس هي عاصمة فلسطین، و أن المسجد الأقصی هو القبلة الاولی التي لایجوز و لا یمکن لأي مسلم التخلي عنها في أی حال من الأحوال، و نؤمن بأنها ستعود لأحضان الأمة الإسلامية .
7- نؤکد بأن ضمان حقوق الشعب الفلسطینی لا یمر إلا عبر طریقین ؛ أولهما یتمثل بإجراء إستفتاء حر و شامل یشارك فیه جمیع أبناء فلسطین الأصلیین لتعیین مصیرهم من مبدأ حق تعیین المصیر المصرَّح علیه حسب مواثیق الأمم المتحدة، و الطریق الآخر هو خط الجهاد و المقاومة المبنی علی مبادیء العقل و الفطرة، و أساس الدفاع المشروع ضد المحتل لجمیع أبناء الشعب الفلسطیني ضد العدو الصهیوني المحتل.
8- باسم الحوزات العلمية وفقا لفتاوی المراجع العظام نعلن بصراحة أن دعم المقاومة في فلسطین و غزه و المساهمة في تعزیز قوی محور المقاومة واجب شرعي علی عاتق جمیع أبناء الأمة الإسلامية، حکومات و شعوب، و واجب إلهي على جمیع أتباع الدیانات، و واجب إنساني على کل إنسان ذي ضمیر. کما أن أي مفاوضات مع العدو الصهیوني و أي صداقة و علاقة معه حرام شرعي و إلهی و إنساني .
إن الحوزات العلمية في الجمهورية الإسلامية الایرانية و أنحاء العالم الإسلامي من منطلق التعالیم الإسلامية في القرآن الکریم و السنة النبوية الشریفة و إتباعا لإرشادات مراجعها العظام دامت برکاتهم و سماحة السید القائد الإمام الخامنئي (دام ظله) تؤمن بأن الحل هو وحدة العالم الإسلامي من أجل التصدي لمؤمرات الأعداء. و في هذا الصدد یجب علی الجمیع أن یتکاتفوا من أجل المقاومة و الجهاد. و نعرب عن إستعدادنا و تهیؤ جمیع الطلبة و الأساتذة و العلماء في حوزة قم المقدسة و الحوزات العلمية للتعاون مع محور المقاومة و العالم الإسلامي من أجل تحریر أرض فلسطین العزیزة .
و في الختام أرجوکم أرجوکم ان تقوموا بدورکم في دعم المقاومة في هذا المنعطف التاریخی، و نطالب جمیع إخواننا في العالم الإسلامي الاعلان عن إدانة العدوان الصهیوني الوحشي علی أهلنا في فلسطین، و کذلك رفض جمیع أنواع التواطیء و التطبیع، کما نؤکد علی ضرورة دعم محور المقاومة و الشعب الفلسطیني في مسیرته المقاومة في التصدي لمؤامرات الأمبریالية الأمریکية و الصهیونية حتی تحریر آخر شبر من أرض فلسطین و علی رأسها القدس الشریف و الأقصی المبارك، و هذا هو الواجب الدیني والأخلاقي و الحضاري الکبیر الذي لن یحدّه زمان و لا مکان» .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عليرضا أعرافي
رئیس الحوزات العلمیة
قم المقدسة