وفي وقت لا تزال الالتزامات الحالية للدول فيما يتعلق بالحد من انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة دون أهداف اتفاق باريس الذي يرمي إلى إبقاء ارتفاع معدل الحرارة تحت مستوى الدرجتين مئويتين وإذا أمكن 5ر1 درجة مئوية أكد تقرير خدمة “كوبرنيكوس” أن سنة 2020 انضمت إلى 2016 في صدارة السنوات الأعلى حرارة عالمياً بعد أن شهدت درجات الحرارة ارتفاعاً قياسياً يستلزم “المسارعة” في اتخاذ خطوات تضع حداً لظاهرة الاحترار وفقاً ما نقلت وكالة فرانس برس.
فبينما كان متوقعاً أن يكون التأثير السنوي لأزمة فيروس كورونا المستجد كبيراً لجهة انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تتراوح بين 2ر4 و5ر7 بالمئة بسبب الإغلاقات والحظر وتوقف الكثير من الصناعات ووسائل النقل إلا أن ثاني أكسيد الكربون الذي يتميز ببقائه في الغلاف الجوي لعدة قرون كان أقوى من تأثير الوباء حيث شهدت أوروبا خلال سنة 2020 موجة حرارة استثنائية كانت الأشد إذ سجلت معدل درجات حرارة أعلى بـ 4ر0 عن عام من 2019.
وفي المنطقة القطبية الشمالية وخصوصاً سيبيريا اتسمت سنة 2020 أيضا بموسم نشطت فيه حرائق الغابات على نحو استثنائي وانبعث منها 244 ميغا طن من ثاني أكسيد الكربون أي ما يفوق الثلث مقارنة بالرقم القياسي المسجل عام 2019 وفقاً لما نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وتجلت آثار الاحترار في كل أنحاء كوكب الأرض من ذوبان الجليد البحري وموجات الحرارة الاستثنائية وهطول الأمطار الغزيرة وموسم الأعاصير القياسي الأخير في منطقة البحر الكاريبي الأمر الذي عبر عنه “كارلو بونتمبو” مدير “كوبرنيكوس” حين قال “إن العقد المنصرم هو الأكثر حراً على الإطلاق” مؤكداً الحاجة الملحة لخفض الانبعاثات بمقدار طموح سعياً إلى تفادي الآثار الضارة للمناخ في المستقبل.
وفيما رأى “فنسان هنري بيوش” رئيس خدمة مراقبة الغلاف الجوي في “كوبرنيكوس” أنه ما دام صافي الانبعاثات العالمية لم يخفض إلى الصفر سيستمر تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مسبباً المزيد من التغير المناخي قال “زيكي هوسفاذر” عالم المناخ في معهد “بريكثرو” في حديث لوكالة فرانس برس أن معدل الحرارة العالمي ارتفع 2ر0 درجة كل عقد منذ سبعينيات القرن العشرين ولو لم تكن تأثيرات “النينيو” و”النينيا” قائمة على درجات الحرارة من سنة إلى أخرى لكانت سنة 2020 الأكثر حرارة على الإطلاق.
وشبه العالم “ستيفان رامستورف” من معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بالماء في حوض الاستحمام ” إذا قللنا تدفق الصنبور بنسبة 7 بالمئة فإن المستوى يرتفع بشكل أبطأ لكنه يستمر في الارتفاع ” وبالتالي علينا إغلاق الصنبور لتحقيق الاستقرار المناخي.
وتقرير خدمة “كوبرنيكوس” الأوروبية لم يذهب بعيداً عما جاء في تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة حول المناخ العالمي للعام 2020 والذي بينت فيه أن العام الماضي كان الأكثر حراً على الإطلاق مع ازدياد تركيزات الغازات الدفيئة المسببة للاحترار مثل “ثاني أكسيد الكربون” والميثان وأكسيد النيتروز” رغم التباطؤ الاقتصادي المرتبط بوباء كورونا داعية إلى وجوب أن يكون عام 2021 هو عام التحرك لمواجهة التغير المناخي الذي باتت عواقبه مكلفة جداً على سكان العالم وفقاً للموقع الرسمي للمنظمة.
وحذر تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من النتائج الكارثية للتغير المناخي ولاسيما على الصعيد الإنساني حيث تسبب العواصف الاطلسية التي ضربت أوروبا العام الماضي بمقتل ما لا يقل عن 400 شخص إضافة إلى مقتل 9 ملايين شخص سنوياً نتيجة تلوث الهواء والماء وتسجيل حوالي 8ر9 ملايين حالة نزوح بسبب أخطار الأرصاد الجوية الهيدرولوجية والكوارث التي سجلت خلال النصف الأول من عام 2020 بحسب الموقع الرسمي للمنظمة.
وتطرق التقرير إلى الجانب الاقتصادي للتغير المناخي والذي وصلت خسائره عالمياً إلى 41 مليار دولار نتيجة ضرب العواصف الأطلسية لأوروبا الصيف الفائت وموجات الحر والجفاف الشديدين وحرائق الغابات إلى أدت إلى خسائر اقتصادية تقدر بـ 150 مليار دولار.
بدوره قال المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس “تظهر كل مؤشرات المناخ الرئيسية والمعلومات الواردة عن ارتفاع الحرارة العام الماضي تغيراً مناخياً مستمراً وخسائر وأضراراً جسيمة تؤثر على الناس والمجتمعات والاقتصادات”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر من التأثيرات الكارثية لارتفاع درجات الحرارة خلال عرض التقرير السّنوي حول ارتفاع درجات الحرارة داعياً الدول للتحرك لحماية سكانها من التأثيرات الكارثية للتغير المناخي باعتبار أن الظروف الجوية القصوى واضطراب المناخ الذي يغذيه تغير المناخ الناتج عن النشاطات البشرية يؤثر على الأرواح ويدمر سبل العيش ويجبر الملايين على النزوح عن ديارهم.