وقضت محكمة سعودية أواخر العام الماضي بسجن اثنين من أبناء سعد الجبري بتهمة غسيل أموال والتآمر للهروب من المملكة بشكل غير قانوني، وهي تهم ينفيها أبناء الجبري.
وفشلت محاولة أسرة الجبري لاستئناف الحكم، بحسب السلطات السعودية، فيما تزعم عائلة الجبري أن السلطات تدخلت في الإجراءات القانونية، بما في ذلك التحايل على إجراءات الاستئناف، وهو ما تنفيه الرياض.
وقال مسؤول سعودي في بيان لرويترز إن القضاء ثبت التهم الموجهة ضد أبناء الجبري بعد قيامهم باستئناف الحكم.
ويأتي الاستئناف، الذي لم يتم إعلانه مسبقا، في الوقت الذي عبرت فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مخاوفها لكبار المسؤولين السعوديين، بشأن احتجاز الأطفال ومحاكمتهم، وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية.
وتقول عائلة الجبري إن عمر وسارة، البالغين من العمر 23 عامًا و21 عاما، قدما استئنافا في أواخر نوفمبر في محكمة الاستئناف في الرياض.
ووفقا لعائلة الجبري فإن الشقيقين يقبعان حاليا في أحد السجون في السعودية.
وكان الجبري قدم دعوى قضائية في الولايات المتحدة، اتهم فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإرسال فريق اغتيال إلى كندا لتصفيته نهاية 2018، بذات الطريقة التي قتل فيها الصحفي جمال خاشقجي في تركيا في 2018.
وقال الجبري إن ابن سلمان أراد قتله نظرا لقربه من محمد بن نايف ولأن بحوزته معلومات حساسة عن ولي العهد من شأنها أن تضر بالعلاقة بين واشنطن والرياض.
وكان الجبري من بين أبرز مساعدي الأمير محمد بن نايف، الذي حل الأمير محمد بن سلمان مكانه في ولاية العهد.
وكان محامو ابن سلمان قدموا وثيقة عليها ختم مكتب المدعي العام السعودي، لخصت التهم الموجهة ضد عمر وسارة، ومن بينها قيامهما بتعاملات مالية غير قانونية تشمل "أحد المتهمين" لم يتم الكشف عن هويته، وكذلك التآمر "للفرار من المملكة بطريقة غير قانونية".
وتقول أسرة الجبري إن الشقيقين استأنفا الحكم، لكن لم يتم إبلاغهما أو محاميهما بأي إجراءات استئناف أو حكم نهائي.
وأضافت الأسرة أنه بحلول كانون ثاني/ يناير الماضي، اختفت القضية من سجلات المحكمة. وقالت الأسرة إنها لم تتمكن من مراجعة قاعدة بيانات وزارة العدل على الإنترنت، لأنها غير متاحة للجمهور.
وقال خبيران قانونيان إن عدم إخطار المستأنفين بإجراءات محكمة الاستئناف أو نتيجته يعد "أمرا غير عادي".
وعندما سأل المحامي الذي يمثل الشقيقين موظفي المحكمة عن وضع الاستئناف، أجابوا أن القضية تم تجميدها، دون الخوض في التفاصيل، وفقا لأسرة الجبري.
وقال خالد وهو نجل الجبري ويعيش في كندا، إن الاستئناف "لم يحصل قط"، مضيفا أن هذه المخالفات تشير إلى وجود تدخل من قبل محمد بن سلمان.
وقال مسؤول إن التهم التي أدين بها أبناء الجبري "لا تتعلق بالقضية المرفوعة ضد والدهم".
لكن مع ذلك، تزعم وثيقة غير مؤرخة، تقول أسرة الجبري إنها جزء من القضية المرفوعة ضد والدهم من قبل السعودية في كندا، أن عمر وسارة أخفيا واستخدما حسابات مصرفية تابعة لوالدهما الذي "نسق وخطط" عملهما، دون مزيد من التفاصيل.
وكانت شركات حكومية سعودية رفعت دعوى قضائية في كندا مطلع هذا العام ضد الجبري، متهمة إياه بسرقة مليارات الدولارات.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان بعثته لرويترز إنها تشعر "بقلق عميق" إزاء التقارير التي تتحدث عن اعتقال أبناء الجبري وإصدار الأحكام بحقهم.
وأضافت أن واشنطن "تدين بشدة أي عمل غير عادل ضد أفراد عائلات المتهمين بارتكاب جرائم".
وتابعت الوزارة: "كنا على اتصال مباشر مع كبار المسؤولين السعوديين وسنواصل إثارة مخاوفنا"، مشيرة إلى أن الجبري كان "شريكا مهما في مكافحة الإرهاب وساعده عمله في إنقاذ عدد لا يحصى من الأمريكيين والسعوديين".
كما أعربت وزارة الخارجية الكندية عن قلقها بشأن احتجازهما.
وبدأت محاكمة عمر وسارة في محكمة جنايات الرياض في سبتمبر 2020، بحسب الأسرة، التي قالت إن الجلسات عقدت خلف أبواب مغلقة ومنع الأقارب ووسائل الإعلام والدبلوماسيون الأجانب من دخول المحكمة.
وأضافت الأسرة أنه لم يتم السماح للشقيقين بمقابلة محاميهما قبل المحاكمة، فيما أكدت أن الحكم صدر بتوقيع اثنين فقط من القضاة الثلاثة المشرفين على القضية.
وتظهر نسخة من الحكم، قدمتها الأسرة، توقيعين تحت اسمي قاضيين ولا يوجد توقيع تحت الاسم الثالث.
وحكم على عمر وسارة في تشرين الثاني/ نوفمبر بالسجن 9 سنوات وست سنوات ونصف على التوالي، وفقا للأسرة والوثيقة التي قدمها محامو محمد بن سلمان هذا الشهر لمحكمة أمريكية.
كما فرضت المحكمة عليهما حظرا للسفر وغرامات بلغ مجموعها 1.5 مليون ريال سعودي (400 ألف دولار أمريكي).
وأكد محامي الشقيقين براءتهما، وقال إن التهم لم تكن مدعومة بأدلة مباشرة، وفقا لنسخة الاستئناف المكونة من 16 صفحة.
كما يطعن الاستئناف في الاعترافات التي استشهد بها الادعاء العام السعودي كدليل في إدانة الشقيقين، على اعتبار أنها حصلت بالإكراه.
وبحسب الأسرة فقد تم نقل القضاة الثلاثة الذين أشرفوا على القضية بالإضافة إلى مساعدهم الإداري إلى محاكم أخرى.
ويقول طه الحجي، وهو محام سعودي يعيش في المنفى في ألمانيا، إن "كل هذه التفاصيل تشير إلى وجود تعتيم وتدخل سياسي من قبل السلطات السعودية، وتظهر عدم استقلالية القضاء في المملكة".