هكذا حوّل أطفال فلسطين محنة كورونا الى منحة

الأحد 21 مارس 2021 - 10:45 بتوقيت مكة
هكذا حوّل أطفال فلسطين محنة كورونا الى منحة

إن للمتقين مفازا-الكوثر: وفي يونيو/حزيران 2019 كانت هدى قد شرعت في حفظ القرآن بمركز البخاري لتحفيظ القرآن الكريم في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وأتمت 10 أجزاء منه قبل استفحال فيروس كورونا في المناطق الفلسطينية وإعلان الإغلاق أواخر مارس/آذار الماضي، ليدفعها ذلك إلى حفظه كاملا خلال مدة الحجر المنزلي.

بدا لافتا هذا العام تزايد عدد الأطفال الفلسطينيين الذين حفظوا القرآن الكريم عن ظهر قلب خلال فترة الحجر المنزلي بعد أن اختصروا زمناً كبيراً.

وعن غيرها الكثير اختلفت حكاية ما قبل النوم لدى الفتاة هدى الباشا (17 عاما)، فبدلا من قصة تقرؤها وتغط في نوم عميق كان القرآن أنيسها في ليل حالك فتحفظ منه وبشكل يومي 5 صفحات وأكثر.

حفظ القرآن

وفي يونيو/حزيران 2019 كانت هدى قد شرعت في حفظ القرآن بمركز البخاري لتحفيظ القرآن الكريم في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وأتمت 10 أجزاء منه قبل استفحال فيروس كورونا في المناطق الفلسطينية وإعلان الإغلاق أواخر مارس/آذار الماضي، ليدفعها ذلك إلى حفظه كاملا خلال مدة الحجر المنزلي.

ودفع قصر المدة والفرصة التي منحها مركز البخاري لطلبته بمواصلة الحفظ والتسميع عن بعد هدى وكذلك مجموعتها من الحافظات إلى مضاعفة جهدها، وتقول للجزيرة نت "حفظت 6 أجزاء خلال شهر رمضان وحده".

وكان لتشجيع المركز والآليات التي اتبعها دور كبير ضاعف فرصة هدى ونظرائها في المركز للحفظ الكامل خلال فترة الحجر، كما استغلت الغياب عن المدرسة نتيجة الإغلاق والحفظ قبل الوصول إلى مرحلة الدراسة الثانوية، وبالتالي الانشغال عن ذلك.

 تسميع ذاتي

وعلى خطى هدى سلكت شيماء خلف (15 عاما) واختارت لنفسها وقتا من الليل وبعد إنهاء واجباتها المنزلية لحفظ القرآن، ووضعت لذلك برنامجا يقوم على الحفظ ليلا والإعادة صباحا والتسميع في اليوم ذاته لترسخ الآيات أكثر.

وتروي شيماء للجزيرة نت قصتها، حيث استشعرت سعادتها وفخرها بنفسها ومواصلتها الحفظ والتسميع إلكترونيا، وتقول "خلال 3 أشهر من حجر كورونا حفظت 15 جزءا، وبذلك أتممت حفظ القرآن كاملا".

ونهجت شيماء آلية التسميع الذاتي لحفظ القرآن، ولم تجعل أحدا يسمِّع لها، بل كانت تسجل ما تحفظه عبر الهاتف ثم تصحح نفسها بنفسها وتحفظه ثانية "وكل ذلك مرده الحماسة الشديدة للحفظ بأقصر مدة ممكنة".

في مركز البخاري أتم نحو 35 طالباً حفظهم للقرآن، وبعضهم أجيزوا بالسند المتصل، وهذه المرة الأولى التي يصل فيها الحافظون إلى هذا العدد وخلال فترة قصيرة مثل هذه، ومثلهم العشرات في المراكز الأخرى وتلك التابعة لوزارة الأوقاف الفلسطينية.

تحد كبير

ويكمن السر هنا في تحويل "المحنة إلى منحة"، وكيف أن خلية من معلمات القرآن الكريم تفوق 50 معلمة عملن كخلية نحل وتجاوزن أزمة كورونا بوضع برنامج للتسميع عن بعد، مما ساهم في تشجيع الطلبة وإقبالهم اللافت وبشكل كبير على الحفظ والاستمرار منتصرين بذلك على كل عوامل التثبيط.

ثمة ما كان يدفع آية مرعي، وهي معلمة قرآن في مركز البخاري لتخطو إلى الأمام مع طالباتها (11 طالبة) وتنهي وإياهن ختمة القرآن، وكان ذلك بمثابة "تحد" كبير لها ولهن على السواء، فوضعت وبشكل يومي آلية للتسميع تقوم على الاتصال بالفيديو مع الطالبة وفي أوقات متعددة.

طاقة كبيرة

كان عامل الوقت وإرادة الطلبة أهم دوافعهم للحفظ، وتقول مرعي في حديثها للجزيرة نت إن حالة الضيق والقلق التي عاشها الناس بفعل فيروس كورونا جعلتهم يحجمون عن فعل أي شيء "لكنها بالنسبة لحفظة القرآن كانت فرصة لا يمكن تعويضها، حتى أن بعضهم كان يسمّع أكثر مما هو مطلوب منه".

وهذا الرأي تتبناه أسماء هندية مديرة مركز البخاري الذي يضم 4 نواد فيها حوالي 600 طالب، أكثر من 90% أعمارهم بين 8 و17 عاما ويتخرج منهم العشرات من الحفظة سنويا.

وتقول للجزيرة نت إن الأطفال في هذا العمر يملكون أكبر طاقة وقدرة على الحفظ "وتغرس في هذا العمر ثمار المستقبل"، فضلا عن التفرغ الذهني والزمني الذي لا يمكن الحصول عليه إلا بهذه الفترة.

إقرأ أيضا : إليك .. أفضل الطرق لحفظ القرآن الكريم (1)

 منافسة وحوافز

ووضع المركز -وفق هندية- برنامجا يقوم على التحدي والمنافسة في الحفظ وتقديم الحوافز والهدايا العينية بزيارة الطلبة في منازلهم والالتقاء بهم ضمن ضوابط الوقاية، فضلا عن تشجيع الأهالي ومشاركة أولياء الأمور -وتحديدا الآباء- بشكل كبير وملحوظ هذه المرة أكثر من السابق.

ويصنف الحفظة للقرآن كاملاً بين حافظ بالختمة الأولى وبين المجاز المتصل بالسند حفظا وتجويدا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهؤلاء يتقدمون لاختبارين سنويا تحددهما وزارة الأوقاف لأكثر من 1300 مركز تحفيظ تتبع للوزارة وتشرف عليها.

 تفوق عالمي ومحلي

بدوره، يقول عاطف صالح الوكيل المساعد لشؤون الدعوة في وزارة الأوقاف للجزيرة نت إن 90 حافظا تقدموا للامتحان الثاني خلال هذا العام والذي انعقد أواخر أغسطس/آب الماضي من أصل 150 حافظا كان المفترض أن يمتحنوا، لكن ظروف كورونا في مناطقهم حالت دون ذلك، وقد نجح من المتقدمين 70 حافظا، وقرابة 60 حافظا منهم من الأطفال والفتيان الصغار.

وتميز أطفال فلسطين من حفظة القرآن وبشكل خاص هذا العام بأن انتفعوا من جائحة كورونا، فاستطاعوا أن يحفظوا في مدة قصيرة جدا لم تتجاوز 5 أشهر ما كان سيأخذ منهم نحو سنتين أو أكثر.

ويشهد لفلسطين -بحسب صالح- تميزها عالميا وإحرازها مراتب متقدمة بين الأولى والثانية في معظم المسابقات التي شاركت فيها خلال العامين الماضيين في دول العالم العربي والإسلامي حفظاً وتجويداً وبالقراءات المختلفة.

المصدر : الجزيرة نت

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأحد 21 مارس 2021 - 10:09 بتوقيت مكة