وفي أجواء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قائد محور المقاومة اللواء قاسم سليماني، نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان وبلدية الغبيري في بيروت ندوة افتراضية بعنوان "النجم المضيء"، شارك فيها رئيس بلدية كرمان في ايران المهندس مهران عالم زاده، والمستشار الثقافي الايراني لدى لبنان الدكتور عباس خامه يار، ورئيس بلدية الغبيري معن خليل ومؤلف كتاب "قاهر أميركا" الدكتور محسن صالح ولفيف من الشخصيات السياسية و الفكرية والثقافية والوجوه الاجتماعية وذلك عبر تطبيق زوم.
وبعد تقديم من الاعلامية سوزان خليل، نقل مباشر من كرمان مكان ضريح الشهيد سليماني وصورة حيّة لتوافد زوار مرقد الشهيد سليماني ورفاقه الابرار، تحدث رئيس بلدية كرمان في ايران السيد السيد مهران عالم زاده فقال: إن الفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني، كان عدوُّه لا يجرؤُ على مواجهتِه خوفاً من هيبتِه. وكان على قَدر من الحقارةِ بحيثُ هاجمَه في ظلمةِ الليل ومن بعيد فارتقى أميرُ إيران الشجاع شهيداً.
وأشار الى أن الشهيد سليماني منذ البداية لم تكن الأرضُ مكانَه. لكنهُ جاءَ الى هذه الأرضِ للدفاع عن شعبِ إيران. لقد كانت أمنيتُه أن يلاقيَ ربَّه على طهارة، وكان بهذا الهدفِ یواجهُ خصمَه بشجاعة، بينما كان بلطفِ جناحِ الفراشةِ مع اليتامى!".
ورأى السيد مهران عالم زاده أن هذا القائد العزيز كان يقفُ في الخطِ الأمامي حيث يقتضي الأمر. وتارةً يرفضُ أن يُنزِلوا طفلَ الشهيد عن الكرسي ليجلس، وتارةً يدافعُ عن نساء بلاده غير المحجبات أمامَ عدوانية بعض الإفراطيين".
وأوضح أنه ما رأيناهُ العامَ الماضي في التشييع المليوني للحاج قاسم سليماني ومحبتَه الكبيرة بين كافةِ أطيافِ المجتمع، كان في الواقع نتيجةَ "نمط حياة" هذا الرجل العظيم.
وأشار السيد مهران عالم زاده الى أنه "في يوم الذكرى الاولى على شهادة قائد القلوب، حاولنا أن نغيرَ ملامحَ المدينةِ وننثرَ عطرَ هذا الشهيد العزيز في أجواء ديار أهل الكرم، وذلك بهدف الترويج لمدرسة هذا الشهيد العظيم المقام".
وعرض السيد مهران عالم زاده لترتيبات بلدية كرمان في المناسبة، فقال: ولهذا الهدف، رفعنا ما يقارب 8000 رايةً كتبَ عليها "رجل الميدان" في سائر نقاط البلاد، في الساحات، المعابر والأماكن المختلفة في المدينة، منها الأرصفة والجسور.
ثم ألقى المستشار الثقافي الايراني الدكتور عباس خامه يار حيث اعتبر "إننا اليوم أمام مشهدين عظيمين يجسّدانِ الصورة الواضحة للحق والخير في مقابل الباطل والشر. الصورة الأولى في بلادنا المقاوِمة، إحياءٌ أمميٌّ لاستشهاد اللواء قاسم سليماني وأبومهدي المهندس، مئات الوثائقيات والبرامج والتقارير والمنشورات في مواقع التواصل والصحافة والقنوات، وباقةٌ من القصائد واللوحات من محبي النهج الحسيني ودرب المقاومة. إحياءٌ عالميٌّ بكل ما تملك الكلمة من معنى، من كافة الطوائف والمذاهب في الذكرى الأولى على استشهاد البطل الذي دافع عن الأرض والعرض والأطفال والنساء وعن الإنسان".
وقال الدكتور عباس خامه يار" في المشهد المقابل: همجية وعنجهية وحرقٌ للبلاد من أجل البقاء، وصراعٌ داخليٌّ بين أقطاب الاستكبار من اجل الهيمنة. وانقساماتٌ عظيمة تذكّرنا بتاريخ جرائمهم في منطقتنا وتقسيمهم وتفريقهم من خلال ضرب وحدتنا بخططاتهم الصهيونية".
وشدد الدكتور عباس خامه يار على أنّ العالم بعد استشهاد القائد سليماني لن يكونَ مثل العالم من قبله. وقلنا مراراً وتكراراً إنّ "الشهيد" قاسم سليماني سيكونُ أكثرَ خطراً وتهديداً لهم من "قاسم سليماني". إنّ شهادتَه تركت في قلوب الناس أثراً يتعاظمُ يوماً بعد يوم، وغضباً لا يضعفُ في قلوب المجاهدين والسالكين طريق الجهاد والمقاومة".
وأشار الى أن الشهيد سليماني كان البطل الأممي التاريخي، الذي تخاف المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي اليوم من كتابة حروف اسمه وتدوال ملامح صورته، رسمَ منعطفاً تاريخياً، بدأنا نشهدُ عليه في جبهات الشيطان الاستكبارية. ما رأيناه أمس في أمريكا هو البداية فقط".
وبعد ذلك تحدث "الدكتور محسن صالح"، الباحث في الفلسفة السياسية وأستاذ العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية عن مضمون كتابه "قاهر أميركا"، فقال: "إن الشهيد سليماني كان أحد أبرز قادة حرس الثورة، واستطاع أن يحقق انجازات في الحفاظ على الثورة وحماية الدولة. قضى هو والمجاهدون معه على كافة المخططات الشيطانية الاميركية التي كانت تريد شراً بالجمهورية الاسلامية الايرانية، من الحرب المفروضة الى ضرب قوى محور المقاومة".
وأضاف الدكتور محسن صالح: "ساهم الشهيد سليماني في تمكين وتدريب وتمويل قوى وفصائل المقاومة في العراق وفلسطين وسوريا ولبنان واليمن. هذه القوى بقيادته شكلت محوراً تصدى لكل الغزوات والفتن ووضع حداً للهيمنة الصهيو-اميركية".
وشدد الدكتور محسن صالح على ان "كتابات الاميريكيين والغربيين تؤكد القيادة الفعالة لسيد شهداء محور المقاومة في القضاء على أدوات الارهاب التى قادتها الولايات المتحدة في منطقتنا من داعش الى النصرة الى مختلف المجموعات الارهابية. بقيادة الشهيد سليماني، شكل محور المقاومة وخاصة في لبنان وفلسطين تهديداً وجودياً حقيقياً للكيان الصهيوني الذي دعمه الغرب وأميركا بالمال والسلاح ليكون حارساً لمصالحه. كما أنه اوقف زحف ثقافة الهيمنة الاميريكية وأوجد فكراً بديلاً وثقافةً جهاديةً حقيقية مأخوذة من سيرة اهل البيت (ع) ومنطلقات الامام الخميني وولاية السيد الخامنئي. قضى على ثقافة وست فاليا بفصل الدين عن الدولة وكان عنواناً كبيراً لثقافة تفاعل الجهاد الاكبر والجهاد الاصغر. في شخصيته اجتمع الديني والسياسي وانتصر في البعدين. حمى الثورة والدولة ونقل ذلك الى شعوب المنطقة فأنتصرت به على أعداء الامة. شعرت أميركا بعدم قدرتها على وقف انتصاراته فقامت باغتياله عن بعد لأن عقله هزمها في الميدان.
وختم الدكتور محسن صالح كلمته "سيبقى الشهيد سليماني رمزاً وفعلا لكل حركات التحرر في بلادنا وفي العالم. الشهيد سليماني لم يمت وانما قتل كل احلام اميركا في المنطقة"
والكلمة التالية كانت للسيد ياسر الموسوي نجل سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي ومّما جاء فيها: " الحاج قاسم هو شخصية أحببناها قبل أن نعرفها عن قرب. وبعد لقائنا به مرات عديدة ، أصبحت القلوب أكثر تعلقاً به. شخصية لم تكن تحتاج للكثير من الفلسفة لسبر أغوارها، بل كانت سماتها واضحة جلية. شخصية جمعت المتناقضات ما بين بأس شديد في ميادين القتال ولين ورحمة لا نظير لهما في حياته الاجتماعية. فكان مصداقاً لقوله تعالى "أشدّاء على الكفار رحماء بينهم". وقد تجلى عطفه بصورة خاصة مع عوائل الشهداء.إذ كان يرى أنّ هذه التضحيات يجب أن تقدّر، لذا لم يكن ليبخل بوقته الثّمين والضّيق، بل يخصص لهم من وقته ما يحاول به أن يعوضهم ولو باليسير عن عطف آبائهم.
من جهته رئيس بلدية الغبيري الاستاذ معن الخليل تحدث في الندوة فقال: "في الذكرى الاولى لاستشهاد الانسان والاب والاخ قبل ان اقول القائد لأنني اجزم ان سر قيادته وحكمته نابع من كونه انسان يعيش مع من حوله بصفه الاب والاخ .
وأضاف الخليل "فنحن ننطلق بعملنا من شعار سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه وهو سنخدمكم بأشفار العيون".
وأشار الى أن الغبيري اليوم هي عاصمة المقاومة وترابها يحتضن رياض الشهداء الحاج عماد مغنيه السيد مصطفى بدر الدين الشهيد سمير القنطار وغيرهم منذ انطلاقه المقاومة وصولا الى شهداء الدفاع المقدس في وجه التكفيري والارهابي.
وشدد الخليل على ان "هذه المدينة الصغيرة بمساحتها الجغرافية قدمت لهذه المقاومة خمسة وعشرين شهيدا من ابنائها واكثر من 200 شهيد من المقيمين فيها الذين قدموا وسكنوا فيها خلال الحروب التي مرت على لبنان لاسيما اجتياحات العدو الاسرائيلي والحصار الاسرائيلي للمناطق اللبنانية قبل التحرير".