ولكم فيما يلي نص الحوار:
كيف وأين قابلتم الشهيد سليماني لاول مرة؟
كان أول لقاء لي مع شهيدنا العظيم حوالي سنة 1991 م في مقر قيادة حرس الثورة الإسلامية بحضور المرحوم حجة الإسلام السيد عبد العزيز الحكيم (رحمه الله تعالى)، حيث كنت حينها قد ذهبت إلي مناطق الأهوار المجاهدة في العراق للقاء المجاهدين ومعرفة أحوالهم والمشاركة في أوضاعهم الحياتية والجهادية لنقل الصورة الواقعية عن أحوالهم إلي القيادة الإسلامية ومسؤولي المعارضة الإسلامية العراقية الموجودين في الجمهورية الإسلامية في المجلس الأعلى وعلى رأسهم شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، وأتذكر أنه كان قد شارك في ذلك الإجتماع عدة ضباط آخرين.
ونقلت صورة المأساة المعيشية التي كان يعيشها الشعب العراقي بشكل عام بسبب الحصار الأمريكي وما كان عليه الوضع المأساوي المعيشي للمجاهدين في الأهوارسواءا من العشائر أم المقاتلين المضحين، وكانوا قد عانوا الأمرين الحصارين المفروضين من قبل أمريكا والنظام البعثي القائم آنذاك بزعامة صدام حسين. وكانت ردة فعل الحاج قاسم سليماني (رضوان الله تعالى عليه) التصميم على مساعدتهم بكل ما يمكن تقديمه لنضال الشعب العراقي ضد الإستعمار الأمريكي والديكتاتورية الصدامية وهو كان في غاية المسئولية والإهتمام بالمستضعفين والدفاع عن الأهداف العظمي لثورة الإمام الخميني (رض) العالمية .
ما هي رؤية الشهيد بالنسبة للوحدة الاسلامية بحسب معرفتكم به؟
قد يمكن للمفكر أن يُنظِّر لفكرة يؤمن بها خلال خطاب أو مقال أو كتاب أو نظرية، أما شهيدنا العظيم فإنه رهن حياته كلها في سبيل ما يعتقد به من خدمة الأهداف العظمى التي نادى بها إمام الأمة العظيم وفي مقدمتها وحدة الأمة الإسلامية والإعتقاد بها من المقدمات التي لا يمكن المساس بها، فلم يميز يوما ما ولا في موقف واحد بين الشيعي والسني، فكان يدافع عن الأهداف المقدسة بغض النظر عن الانتماءات المذهبية والعرقية، ولاعطاء مثال واحد شاهدناه بوضوح في المعركة الأخيرة التي وقعت في العراق بين داعش والشعب العراقي فإنه دافع بقوة عن الشعب العراقي بغض النظر عن إنتمائهم المذهبي أو حتى العرقي فقد كان في الأوائل بحفظ المناطق السنية من الوقوع بيد الداعش وهذا ما جعله دائما يشجع المجاهدين في الحشدالشعبي على مشاركة أهل الجنوب وهم من الشيعة في تحرير المدن السنية في شمال العراق وكلنا يعرف دور الحاج قاسم في تحرير مطار تلعفر وقضاء تلعفر وتأكيده على التسريع في تحرير الموصل وهي مناطق محسوبة على السنة ويشكل الشيعة فيها الاقلية .
وقد أوصل مساعدات الجمهورية الإسلامية من التسليح والتدريب إلى الإخوة سكان المناطق المحسوبة على أهل السنة حتى شرع الحشد الشعبي للعشائر السنية وضمها إلى قيادة الحشد الشعبي.
ونتذكر جميعا دور الحاج قاسم بالدفاع عن أربيل عاصمة "إقليم كردستان" عندما وصلت قوات داعش الارهابية إلى قرب المدينة وكادت تسقط فاستنجد البرزاني وقادة الإقليم بالأمريكان فلم يستجيبوا لهم، فرجعوا إلى السعودية وقطر لانقاذهم ومساعدتهم في منع تقدم الدواعش الى أربيل فلم يستجيبوا لهم أيضا، وبالنتيجة توجهوا إلى الشهيد العظيم الحاج قاسم وطلبوا منه المساعدة للدفاع عن أربيل فلم تمضي ساعات إلا وقد جاء الشهيد بالقوات والتسليح المناسب للدفاع عن أربيل وتحرير المناطق التي كانت داعش قد إحتلها. ولم يتأخر عن الواجب المقدس بالدفاع عن بلاد المسلمين متقاضيا عن الإختلاف المذهبي والقومي.
كيف كانت علاقة الشهيد بالمرجعية الدينية في النجف الاشرف؟
حسب المبادئ الثورية والدينية التي كان يعتقد بها الشهيد سليماني توطدت العلاقة بينه وبين المرجعية الدينية في النجف الأشرف وبالخصوص المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد السيستاني (حفظه الله تعالى) ، فكان يحضر إلى بيت سماحته كلما يزور العراق ويطول لقائه لعدة ساعات لشرح الأوضاع السياسية العالمية بالإضافة إلى الأوضاع الميدانية الجهادية ضد داعش، وكان يسعى (رضوان الله عليه) أن يرفع كل ما يمكن أن يكون مؤثرا سلبيا على الموقف الميداني والسياسي، مما ولد علاقة عميقة بين المرجعية وبين الحركة الجهادية والقادة الميدانيين. ويكفي أن أول من سمي الشهيد السليماني والشهيد المهندس (قدس سرهما) بقادة النصر هو سماحة السيد السيستاني في رسالته إلى قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي (دام ظله).
كيف كان يتعامل الشهيد سليماني مع أبناء الشعب العراقي ومقاومته؟
لا يحتاج هذا الجواب إلى أكثر ممّا أبرزته وسائل الإعلام من الأفلام الوثاقية للحاج قاسم وهو يحضر مع المجاهدين العراقيين في جميع السوح دون تأخر، فهو عراقي يحب عراق الأئمة (عليهم السلام)، كما هو إيراني في انتمائه إلى إيران الثورة العظمى، وهذا هو الذي جعل الشعب العراقي يخرج عن بكرة أبية في وقت واحد تشييع جثمانه وأنا شخصيا قد شاهدت في تاريخ حياتي عدة مشاهد تشييع العلماء لعظماء من القادة الروحانيين وكبراء الشعب العراقي ولكني لم أشهد تشييعا بهذه الضخامة والحضور المليوني للشعب العراقي. ويمكنني أن أقول كلمة واحدة إن الشعب العراقي شعب يتيم يشعر باليتم بعد رحيل الحاج قاسم سليماني.
ما هو الدور الذي لعبه الشهيد في هزيمة داعش والعصابات الارهابية؟
لقد كانت داعش في العراق وكانت في سوريا، وكانت في لبنان وكان الحاج قاسم فيها جميعا، وأينما كنت تذهب من أطراف المعركة كنت تجد آثار الحاج قاسم أو شخصه أمامك. فإليه اُهدي النصر. وأتذكر جيدا عندما كانت آمرلي محاصرة من قبل الدواعش من جميع جهاتها، فإنّ الشهيد سليماني جمع قادة المجاهدين الذين سُمّوا بعد ذلك بالحشد الشعبي وطلب منهم الزحف والتقدم إلى كسر حصار آمرلي وعندما وجدهم يطلبون المهلة الزمنية من أجل رسم خطة لكسر الحصار وتوفير لوازم المعركة، قال لهم: مباشرة وبسرعة فائقة، وقد قام من مكانه: إما أنا فسوف أركب السيارة وأذهب بنفسي فمن شاء فليلتحق بي. وبالفعل تحرك بالسيارة، فما كان من الباقيين إّلا الركض والأسراع دون تأخير وبكل عجالة ثمّ إلتحقت بهم قوافل المقاتلين وتم النصر بشكل إعجازي ولله تعالى الحمد.
ما هي رؤية الشهيد سليماني بالنسبة لامريكا والاستكبار العالمي؟
كما قال إمام الأمة الخميني العظيم (قدس سره) : (كلّ ما فينا من مصائب فإن مرجعها وأصلها أمريكا. وكما قال أيضاً: أمريكا الشيطان الأكبر. وكما قال الإمام القائد السيّد الخامنئي: لا فرق بين أمريكا أوباما وأمريكا ترامب. هذا ما كان يقوله الشهيد سليماني فهو مجسمة القيم الثورية الإسلامية وبهذا إستطاع أن يقلق الاستعمار بشكل عامّ والأمريكان بشكل خاصّ، وكان حجر عثرة أمام نجاح مؤامراتهم ومخططاتهم الاستعمارية، وقد استطاع أن يربي جيلا في العراق من المؤمنين بهذه الحقيقة الثورية التحررية العظمى، فلذلك إستمرت القوّة المرعبة للأمريكان والواقفة سدا منيعا أمام تحقيق أمنياتهم الاستكبارية مادام هناك تلميذ واحد من طلاب سليماني حي يقاوم الاستعمار في العراق.
كيف كان ينظر الشهيد الى القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي؟
تبقى القضيّة الفلسطينية، قضيّة المسلمين الأولى كما تبقى إسرائيل عدوة المسلمين الأولى حتى تحرير أرض فلسطين جميعها من البحر الى النهر وزوال إسرائيل من الوجود. ولهذا فإن جميع من يطبع مع العدو الإسرائيلي فهو يقف إلى جانب العدو ضد الصديق وإلى جانب المحتل ضد صاحب الأرض وصاحب الحقّ والجميع خونة، هذه هي حقيقة الإسلام الأصيل والحاج سليماني معلم الثوريين الكبير.