قبسات من حياة الامام الصادق(ع)..(4) أولاده ووفاة ابنه اسماعيل، والاسماعيلية

الإثنين 9 نوفمبر 2020 - 08:05 بتوقيت مكة
قبسات من حياة الامام الصادق(ع)..(4) أولاده ووفاة ابنه اسماعيل، والاسماعيلية

اسلاميات-الكوثر: تناولنا في قبسات من حياة الامام جعفر الصادق (عليه السلام) في ثلاث حلقات "نسبه وألقابه وكنيته وأوصافه وهيبته ووقاره وأخلاقه وكرمه وجوده وصدقاته في السرّ وإكرامه للضيوف وتواضعه وسمو أخلاقه وصبره على المصيبة وولادته واستشهاده، وسوف نتناول في هذه الحلقة (الرابعة) أولاده وموقف الامام (ع) من وفاة ابنه اسماعيل، ومن هم الاسماعيلية.

أولاده:

اختلف العلماء في عدد أولاده، والمشهور فيهم ما ذكره الشيخ المفيد في الإرشاد، قال: كان أولاد أبي عبد اللّه الامام جعفر الصادق [عليه السلام] عشرة:

إحدى زوجاته بنت عمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وهي أم لثلاثة من أولاده؛ اسماعيل، وعبد الله، وأم فروة

والثانية أم ولد تكنى (حميدة البربرية) أنجبت له موسى الكاظم [عليه السلام] ، وإسحاق، ومحمد.

والعباس، وعلي، وأسماء، وفاطمة لاُمّهات شتّى.

موقف الامام (ع) من وفاة ابنه اسماعيل

كان إسماعيل أكبر أولاد الصادق [عليه السلام] ، وكان الإمام شديد المحبّة له والبرّ به والإشفاق عليه، حتى ظن بعض الشيعة أنه الامام من بعده، ولما مات في حياة الإمام الصادق [ع] حاول الإمام إزالة هذه الشبهة من الأذهان، فقام بحركة تكشف عن زيف ذلك الظن، فقد روي أنّه بعد أن مات إسماعيل، وغُطِّيَ أمرَ الامام [ع] بأن يكشف عن وجهه وهو مُسَجَّى، ثمّ قبَّل جبهته وذقنه ونحره، ثمّ أمر به فكشف وفعل به مثل الأوّل، ولمّا غُسّل، وأُدرج في أكفانه أمر به فكشف عن وجهه، ثمّ قبّله في تلك المواضع ثالثاً، ثمّ عوَّذه بـالقرآن الكريم، ثمّ أمر بإدراجه في لحده.

روي عن زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ قَالَ: «دَعَا الامام الصَّادِقُ [ع] دَاوُدَ بْنَ كَثِيرٍ الرَّقِّيَّ وَحُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ وَأَبَا بَصِيرٍ وَدَخَلَ عَلَيْهِ المفضل بن عمر، وَأَتَى بِجَمَاعَةٍ حَتَّى صَارُوا ثَلَاثِينَ رَجُلًا، فَقَالَ: يَا دَاوُدُ اكْشِفْ عَنْ وَجْهِ إِسْمَاعِيلَ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: تَأَمَّلْهُ‏ يَا دَاوُدُ فَانْظُرْهُ أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: بَلْ هُوَ مَيِّتٌ، فَجَعَلَ يَعْرِضُهُ عَلَى رَجُلٍ رَجُلٍ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، فَقَالَ: [ع] اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ أَمَرَ بِغُسْلِهِ وَتَجْهِيزِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُفَضَّلُ احْسِرْ عَنْ وَجْهِهِ، فَحَسَرَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ؟ انْظُرُوهُ أَجْمَعُكُمْ، فَقَالَ: بَلْ هُوَ يَا سَيِّدَنَا مَيِّتٌ، فَقَالَ: شَهِدْتُمْ بِذَلِكَ وَتَحَقَّقْتُمُوهُ، قَالُوا: نَعَمْ وَقَدْ تَعَجَّبُوا مِنْ فِعْلِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى قَبْرِهِ، فَلَمَّا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ قَالَ: يَا مُفَضَّلُ اكْشِفْ عَنْ وَجْهِهِ فَكَشَفَ، فَقَالَ: لِلْجَمَاعَةِ انْظُرُوا أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ؟ فَقَالُوا: بَلَى مَيِّتٌ يَا وَلِيَّ اللَّهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَإِنَّهُ سَيَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ يُرِيدُونَ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى ولده مُوسَى [ع] وَقَالَ- وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ،‏ ثُمَّ حَثَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْنَا الْقَوْلَ، فَقَالَ: الْمَيِّتُ الْمُكَفَّنُ الْمُحَنَّطُ الْمَدْفُونُ فِي هَذَا اللَّحْدِ مَنْ هُو؟َ قُلْنَا: إِسْمَاعِيلُ وَلَدُكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ مُوسَى، فَقَالَ: هُوَ حَقٌّ وَالْحَقُّ مَعَهُ وَمِنْهُ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ‏ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها».

بحث حول الاسماعيلية

لقد شهدت مرحلة إمامة الإمام الصادق عليه السلام، ظهور جُملة من الجماعات والفرق المنحرفة عن خط أهل البيت عليهم السلام، ولعلّ ما ساعد على ظهور هذه الفِرَق المغالية في أغلبها، هو الإنفراج السياسي الذي شهده شيعة أهل البيت عليه السلام في تلك المرحلة.

ومن جملة هذه الفرق، الفرقة المسمّات بــــ " الخطابية " نسبةً لقائدها " أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع "، والذي وردت في ذمّه مع أصحابه أكثر من أربعين رواية عن الإمام الصادق (ع)، حتى أنّه (ع) قد تبرأ منهم وكفّرهم ولعنهم ورماهم بالشرك في بعضها.

فالخطابية وبعد أن قتل رئيسهم " أبو الخطاب " ذهب غالبيتهم ممن مازال يعتقد بالإمامة، إلى القول بإمامة " اسماعيل بن الامام جعفر الصادق "، وأنّه هو الإمام بعد أبيه (ع)، رغم تأكيد الامام الصادق على وفاة ابنه اسماعيل واشهد اعيان الشيعة على وفاته ودفنه.

بعد وفاة الإمام الصادق (ع)، وبقاء السواد الأعظم من الشيعة على إمامة ابنه موسى بن جعفر عليهما السلام، ادّعت (الخطابية)، أنّ " اسماعيل بن الامام الصادق " لم يمت، بل غاب عن النّاس بعد أن أخفاه أبوه (ع) مخافة أن يُقتل، وقالوا بأنّه هو المهدي المنتظر، وسوف يعود ويظهر ليملأ الأرض قسطًا وعدلاً، وهذه الفرقة هي التي سُمِّيت بــ " الاسماعيلية "، في تلك المرحلة من الزمان.

مصير الاسماعيلية

وقعت انقسامات كثيرة بين أتباع فرقة الاسماعيلية، فصاروا فِرقاً وجماعات، منهم « الواقفة الإسماعيلية، والدروز، والمستعلية، والأخيرة انقسمت إلى: المستعلية الحافظية، والمستعلية الطيبية (بُهرة) والأخيرة انقسمت أيضاً إلى: طيبية داودية ، وطيبية سليمانية، وطيبية علوية، والنزارية والأخيرة انقسمت إلى: النزارية المؤمنة، والنزارية القاسمية (الأغاخانية)»، ولعلّ أهم الاسباب الواضحة، والتي ساعدت وكرّست هذا الإنقسام، هو النزاع الذي حصل بينهم على الملك والحكم، بعد أن تمكنوا من إقامة عدّة حكومات في تونس ومصر وسورية واليمن وغيرها من الأوطان الإسلامية.

في الحلقة الخامسة من (قبسات من حياة الامام جعفر الصادق) نتناول إن شاء الله تعالى .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 9 نوفمبر 2020 - 07:52 بتوقيت مكة