محطّاتٌ عاشورائيّة: في الأوّل من صفر دخولُ السبايا الى دمشق

السبت 19 سبتمبر 2020 - 12:47 بتوقيت مكة
محطّاتٌ عاشورائيّة: في الأوّل من صفر دخولُ السبايا الى دمشق

مناسبات - الكوثر: يذكرُ أصحابُ السير أنّه مع إطلالة الأوّل من صفر سنة 61 للهجرة، وصل ركبُ سبايا ودائع الأنبياء من عيال وأطفال وأهل بيت الإمام الحسين(عليه السلام)، مع الرؤوس المقدّسة الى دمشق.

فلمّا قربوا من دمشق أرسلت أُمّ كلثوم إلى الشمر تسأله أنْ يُدخلهم في دربٍ قليل النظّار، ويُخرجوا الرؤوس من بين المحامل؛ لكي يشتغل النّاس بالنّظر إلى الرؤوس، فسلك بهم على حالة تقشعرّ من ذكرها الأبدان وترتعد لها فرائص كلّ إنسان، وأمر أنْ يُسلك بهم بين النظّار وأنْ يجعلوا الرؤوس وسط المحامل.

فأوقفوهم على (باب السّاعات) وقد خرج النّاس بالدفوف والبوقات وهم في فرحٍ وسرور، ودنا رجلٌ من سكينة وقال: من أيّ السّبايا أنتم؟ قالت: نحنُ سبايا آل محمّد(صلّى ‌الله‌ عليه‌ وآله).
ودنا شيخٌ من الإمام السّجاد(عليه ‌السلام) وقال له: الحمد الله الذي أهلككم وأمكَنَ الأمير منكم. وها هنا أفاض الإمامُ من لطفه على هذا المسكين المغترّ بتلك التمويهات لتقريبه من الحقّ وإرشاده إلى السّبيل، وهكذا هم أهل البيت(عليهم ‌السلام) تُشرق أنوارُهم على مَن يعلمون صفاء قلبه وطهارة طينته واستعداده للهداية. فقال (عليه ‌السلام): «يا شيخ أقرأتَ القرآن؟» قال: بلى، قال (عليه ‌السلام): «أقرأتَ (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)؟ وقرأتَ قوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى‏ حَقّهُ)؟ وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُم مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنّ للّهِ‏ خُمُسَهُ وَلِلرّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)؟» قال الشيخ: نعم، قرأتُ ذلك. فقال (عليه ‌السلام):«نحن والله القُربى في هذه الآيات».
ثمّ قال له الإمام: «أقرأتَ قوله تعالى: (إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً)؟» قال: بلى. فقال (عليه ‌السلام): «نحن أهل البيت الذين خصّهم الله بالتطهير». قال الشيخ: باللّه عليك أنتم هم؟ فقال (عليه ‌السلام): «وحقّ جدّنا رسول الله إنّا لنحنُ هم، من غيرِ شكّ».
فوقع الشيخُ على قدمَيْه يقبّلهما ويقول: أبرأ إلى الله ممَّن قتلكم. وتاب على يد الإمام ممّا فرّط في القول معه. وبلغ يزيدَ فعلُ الشيخ وقولُه، فأمَرَ بقتله.
وكان يزيد جالساً في منظره على جيرون، ولمّا رأى السّبايا والرؤوس على أطراف الرماح، وقد أشرفوا على ثنية جيرون، نعب غرابٌ فأنشأ يزيد يقول:
لـمّا بـدت تلك الحمول وأشرقت تلك الرؤوسُ على شفا جيرون
نـعب الغرابُ فقلتُ قلْ أو لا تقلْ فـقد اقتضيتُ من الرسول ديوني
ودنا سهلُ بن سعدٍ السّاعدي من سكينة بنت الحسين(عليه ‌السلام) وقال: ألكِ حاجة؟ فأمرته أنْ يدفع لحامل الرأس شيئاً فيُبعده عن النّساء، ليشتغل النّاس بالنّظر إليه، ففعل سهل.
وقبل أنْ يُدخلوهم إلى مجلس يزيد، أتوهم بحبالٍ فربقوهم بها، فكان الحبلُ في عنق زين العابدين(عليه ‌السلام) إلى زينب وأُمّ كلثوم وباقي بنات رسول الله(صلّى ‌الله ‌عليه ‌وآله)، وكلّما قصروا عن المشي ضربوهم حتّى أوقفوهم بين يدَي يزيد، وهو على سريره، فقال عليّ بن الحسين (عليه ‌السلام): «ما ظنّك برسول الله لَو يرانا على هذا الحال؟» فبكى الحاضرون، وأمر يزيدُ بالحبال فقُطعت.
وأُقيموا على درج باب الجامع حيث يُقام السّبي، ووُضع الرأس المقدّس بين يدَي يزيد، وجعل ينظر إليهم ويقول:
صبرنا وكان الصبرُ منّا عزيمةً وأسـيافنا يقطعنَ هاماً ومعصما
نُـفلّق هـاماً مـن رجالٍ أعزّةٍ علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

السبت 19 سبتمبر 2020 - 12:02 بتوقيت مكة