الحقد السعودي لم يهدأ بعد سقوط الطاغية صدام، فبعد الغزو الامريكي الذي شاركت فيه السعودية مشاركة فاعلة، جندت الرياض كل امكانياتها المالية والسياسية ومذهبها الوهابي الدموي، لضرب التجربة الديمقراطية العراقية الوليدة التي رأت فيها السعودية "خطرا" قد يؤدي الى تسلم اتباع اهل البيت عليهم السلام زمام الامور بالعراق بوصفهم يشكلون الغالبية الساحقة للشعب العراقي، فقامت بالتواطؤ مع امريكا، بصناعة الجماعات التكفيرية التي انتهت بـ"داعش" وصدرتها الى العراق وأزهقت ارواح مئات الالاف من العراقيين الابرياء ، واصبغت شوارع العراق بدمائهم.
لم تدخر السعودية شيئا في محاولاتها لضرب كل عناصر القوة في العراق، كالمرجعية الدينية ، والشعائر الحسينية، والحشد الشعبي ، والوحدة الوطنية بين ابناء الشعب العراقي باخنلاف طوائفه وقومياته، والعلاقة التاريخية والاجتماعية والدينية العريقة والعميقة بين الشعبين العراقي والايراني، وجندت فضائيات وجنودا من الاعلاميين والصحفيين المرتزقة، ودست الاموال لشراء اصحاب النفوس الضعيفة في العراق لاستهداف عناصر القوة هذه.
العلاقة التي تربط العراق بالجمهورية الاسلامية في ايران، كانت من اهم العناصر التي استهدفتها السعودية منذ سقوط الطاغية وحتى اليوم، وهي العلاقة التي تجذرت اكثر بعد ان وقفت ايران حكومة وشعبا الى جانب العراق عندما وصلت العصابات الداعشية الى ابواب بغداد بدعم امريكي سعودي واضح، وتمكنت هذه العلاقة الاخوية ان تعيد العصابات الوهابية ادراجها وتبعد بغداد وكربلاء والنجف وكل المدن العراقية عن خطر العصابات الوهابية السعودية.
اليوم وبعد فشل المحاولات السعودية لدق اسفين بين الشعبين العراقي والايراني، بدأت فضائياتها و وسائل اعلامها وذبابها الالكتروني وفي مقدمتها قناة "العربية" السعودية، باستخدام وسائل اخرى للتحريض على العلاقة التي تربط العراق بايران، عبر اتهام الاخيرة بانها تقوم "بقطع مياه نهري سيروان والزاب الأسفل عن العراق"، وذلك استنادا الى فقرات إجتزأتها من تقارير حكومية لاستخدامها في حرب التحريض على الشعبين العراقي والايراني.
ايران تعرف جيدا ان الانهار وخاصة الانهار الحدودية مثل الزاب الاسفل وسيروان، رغم انهما ينبعان من ايران ويصبان في العراق، الا ان العراق له الحق في مياههما كما لايران الحق، ولا يمكن ان تتخذ ايران اي اجراء يمكن ان يقطع مياه النهرين عن العراق كما تحاول وسائل اعلام سعودية وبخبث ظاهر الايحاء بذلك.
رغم شحة الامطار ومخاطر الجفاف التي تهدد ايران منذ اكثر من 40 عاما، والتي تحولت الى أزمة اثرت بشكل ملحوظ على التوزيع السكاني في العديد من مناطق ايران، والتي دفعت الحكومة الى ترشيد الاستهلاك، وجفاف مناطق شاسعة من ايران، فمن بين 169 سدا كبيرا في ايران، هناك 77 سدا تحتوي بحيراتها اقل من 40 بالمائة من طاقتها الاستيعابية، وهناك 20 سدا فقط من مجموع كل تلك السدود تحتوي بحيراتها على 90 بالمائة، ورغم حاجة ايران لمياه الانهار، الا ان ايران آثرت استخدام اكثر من 40 بالمائة من مياهها الجوفية، خلال العقود الاربعة الماضية، من اجل التقليل من مخاطر بناء السدود على الانهار الحدودية، كما هو في حالة نهري الزاب الاسفل وسيروان، والمعروف ان قليلا من الدول في العالم تلجأ الى استخدام مياههها الجوفية بينما توجد لديها انهار بامكانها السيطرة كليا على مياهها.
اخيرا، ومن اجل ان يلقم الشعبان العراقي والايراني، الحاقدين حجرا، ندعو خبراء من وزارة الموارد المائية العراقية، القيام بزيارة الى الجمهورية الاسلامية في ايران، والاطلاع عن كثب على ما ذكرنا في هذه السطور، وفيما اذا كانت هناك "نية" كما يدعي الاعلام السعودي الطائفي الخبيث، لدى ايران لـ"قطع" المياه عن العراق.