وقالت الباحثة الجامعية المقيمة في الخارج إن إرث الملك سلمان “مفارقة مبنية على تناقض واضح بين السياسات الإصلاحية والقمعية”. وأضافت أن كلتا السياستين أثرت على مجموعة واسعة من الأمراء المؤثرين والعامة على حد سواء، مشيرة إلى حبس أفراد العائلة المالكة ذوي النفوذ في الفنادق والسجون منذ عام 2018.
بيت ملكي محطم
وأوضحت مضاوي، في مقالها الذي ترجمته “القدس العربي”، أن الملك سلمان سيرحل وسيبقى البيت الملكي مُحطّمًا دون إصلاح، حيث طبق نجله ولي العهد محمد الأساليب الأكثر إهانة والمؤامرات ضد منافسيه وعشائرهم الممتدة، وهو عمل قد يطارده في المستقبل مع توليه العرش بعد اختفاء والده من المشهد.
وأضافت أنه قبل حكم الملك سلمان، اعتبر العديد من المراقبين أن الحكام السعوديين لديهم شرعية قوية ذات طبيعة تقليدية، مدعومة بعقد اجتماعي فعال بين الأمراء والعامة. إذ استفاد كلاهما من دعم النفط الضخم وخدمات الرفاهية. كان يُعتقد أن المملكة فريدة من نوعها لأن آل سعود حافظوا على تقاليد التوافق بين أقوى عشائر المملكة وأمرائها. حافظ البيت الحاكم على نوع من الوحدة والاتفاق الضرورين للحفاظ على هذا النظام الاجتماعي والسياسي غير المستقر، ممتدا عبر أجيال من النسل الملكي.
وتابعت مضاوي أنه بالإضافة إلى استعداء الأعضاء المؤثرين في البيت الملكي، يبدو أن مملكة سلمان قد نفّرت أيضا حلفاءها الاجتماعيين التقليديين – أي المجموعات الدينية التي كانت دائما تدعم القيادة بالإضافة إلى الجماعات شبه المستقلة التي تأرجحت تاريخا بين الرضوخ والمعارضة. إذ ترفض هذه الجماعات الآن بشدة جميع سياسات سلمان الوسطية. وقد تم استثناء أولئك الذين تمردوا في بعض الأحيان، بينما أولئك الذين تم رعايتهم من حين لآخر هم الآن في السجن، وفر آخرون من البلاد بحثا عن ملاذ آمن.
الكثير من الأعداء
وتابعت مضاوي الرشيد قائلة إنه لم يتم تجاهل المجموعات القبلية التي طالما أبدت الولاء للملك، بل تم إذلالها أيضا. وأوضحت “كثيراً ما تعرض أبناؤها وممتلكاتهم للخطر.. من قبيلة الحويطات في الشمال إلى عتيبة في الوسط، تم تجاهل شيوخ القبائل وأفرادها أو تم فصلهم تماما وكأنهم بقايا من ماض بعيد. لقد أصبح قادتهم كقطع الديكور بعد أن تم إخضاعهم وإسكاتهم من قبل الملك وابنه. لا أحد يعرف إلى متى سيستمر الصمت بشأن تهميشهم وإذلالهم”.
وأضافت مضاوي “وعدت مملكة سلمان برعاية المواطن الشاب الجديد بدلا من بقايا الماضي القبلي. تم الترويج لدعاة هذا التوجه وحمايتهم مثل سعود القحطاني، اليد اليمنى لولي العهد وذراعه إلى العالم. عندما يتعلق الأمر بالقضاء على الصحافيين المزعجين في الخارج مثل جمال خاشقجي أو تخويف أولئك الذين بقوا في المملكة، فإن هؤلاء الدعاة مروجي البروباغندا يطيعون الأوامر دون شك”.
مستقبل قاتم
وأشارت مضاوي في مقالها إلى أنه في حين وعدت المملكة النساء بتمكينهن، تم سجن أولئك اللواتي كن يطمحن إلى التحرر الحقيقي. وعلى الرغم من أن سلمان وابنه قاما بتعيين عدة نساء في مناصب رفيعة المستوى، مما سمح لهن بالقيادة والظهور، إلا أن حكمهما ارتعد حين طالبت الناشطات بحقوق حقيقية، أبعد من قيادة السيارة أو حضور مباراة كرة قدم. أثبتت العواقب غير المقصودة لتمكين المرأة أنها خطيرة ومتقلبة للغاية بالنسبة للنظام. “لم تكن دور السينما والسيرك كافية لشراء الولاء، أنتجت مملكة سلمان جالية سعودية كبيرة هربت تحت أنف الملك مباشرة”.
وأضافت أن الملك سيغادر المملكة التي وعد ابنه ببداية عهد جديد فيها من الانفتاح والازدهار والتنوع الاقتصادي وفرص وافرة للاستثمار والسياحة. والأمر متروك لوريث العرش لترويج هذه الرواية، ليس فقط عن المملكة الجديدة ولكن – قبل كل شيء – عن نفسه. فقد خلطت تمثيليات ولي العهد الشاب التقييم الجاد مع دعاية العلاقات العامة، والتلاعب بالمعرفة عن الدولة – كل ذلك تم تصميمه من قبل مساعديه وأباطرة وسائل الإعلام، وتقبلته وسائل الإعلام الخارجية.
وقالت مضاوي الرشيد إن “مملكة سلمان شكلا متطرفا من الاستقطاب الاجتماعي، حيث لا تستفيد سوى مجموعة موالية صغيرة من السخاء الملكي. وقد جعل ذلك النظام الملكي عاملا مثيرا للانقسام يعجل بالانشقاقات والعداء، على حساب الوحدة”.
وختمت الكاتبة بالقول إنه مع انخفاض عائدات النفط إلى إسكات الأصوات المعارضة المحتملة والتهديدات المستمرة من المخاطر العالمية مثل وباء كوفيد-19، فإن مستقبل مملكة سلمان لم يكن أبدا أكثر قتامة، مشككة بأن يكون بن سلمان قادرا على تصحيح المسار بعد وفاة والده.