بعد خروج مجموعة توت عنخ آمون من المتحف المصري لعرضها بالمتحف الكبير الواقع في منطقة الهرم، خرجت مجموعة جديدة من مخازن المتحف المصري لتحل محل مجموعة الملك الفرعوني. ويويا وتويا لهما قصة مثيرة جعلتهما محط أنظار المهتمين فور الإعلان عن عرضهما.
آخر فصول الإثارة، والاستفهامات حول يويا وتويا كانت نظرية تقول إن “يويا” هو النبي يوسف الذي ذُكرت قصته في القرآن بسورة تحمل اسمه، استناداً إلى بعض الأدلة التي تتشابه مع حياة ابن النبي يعقوب.
مقبرة يويا وتويا
في العام 1905، اكتشف المنقب الأمريكي “تيفيز” مقبرة فرعونية في وادي الملوك (شمال غرب مدينة الأقصر)، تقع بين مقبرتين ملكيتين فخمتين، حينها تعجب الباحثون من خلو المقبرة الصغيرة من الفنون الفرعونية المعروفة، إذ اعتاد ملوك الفراعنة تزيين قبورهم بالرسومات والصلوات للآلهة، لكن هذه المقبرة كانت مختلفة!
وجود قبر “يويا” بجانب قبر الملوك أثار عدة تساؤلات؛ ما دفع عالم المصريات جاستون ماسبيرو البحث عن السر: مَن هو الوزير الذي خلت مقبرته من الرسوم، والذي دُفن وسط مقابر الملوك؟
قاد البحث علماء الآثار إلى معرفة المزيد عن هذا الرجل، وبدأت النظريات والتأويلات التي تحاول تفسير اختلاف المقبرة عن غيرها تظهر، إذ رجح بعض الباحثين أن المقبرة تخص رجل دولة مهماً لدى ملوك الأسرة الـ 18، وأن هذا الرجل حمى عرش مصر، وهو أمنحتب الثالث، أو “يويا”.
و”يويا” هذا، والد زوجة الملك تحتمس الثالث، لهذا لقب بـ “أبو الفرعون”، وجدّ الملك الموحِّد إخناتون، وشغل منصب مستشار الملك وحمل ألقاباً عديدة.
أكد العلماء أن “يويا” لم يكن مصرياً، ودللوا على ذلك بطوله، وشكل أنفه غير المصري. لكن في العام 1987 فجَّر عالم الآثار المصري أحمد عثمان مفاجأة، إذ أكد أن “يويا” هو نفسه النبي يوسف، مستنداً في نظريته إلى 7 أدلة:
الدليل الأول
اسم “يويا” ليس مصرياً، وكتبه مؤرخو ذلك العصر بعدة طرق، وهو ما دل على جهل المدوّنين من عصره باسمه غير المعتاد على ثقافتهم، وهو الأمر الذي أكده جاستن ماسبيرو بنفسه وقد حضر بنفسه اكتشاف المقبرة، ودوَّن أن المصريين كتبوا اسمه بأكثر من طريقة، من بينها يويا، يو، يايا، ويو آي.
الدليل الثاني
اللقب الذي حمله “يويا” وهو “أبو الفرعون”، يتشابه مع ما ورد عن النبي يوسف بالتوراة في سفر التكوين، “إنها إرادة الله التي جعلته يأتي إلى مصر ليصير أبا الفرعون”. وهو ما جعل عثمان يعتقد أن يويا هو النبي يوسف.
الدليل الثالث
حين فسر يوسف حلم “السبع بقرات” لملك مصر، أهداه الملك هدايا، ورد ذكرها في التوراة، وهي خاتم الملك، دليل مُلكه ونفوذه، وعجلة حربية من أصل عجلتين نادرتين تعودان لملك مصر، وخاتم ذهبي، وهو ما عُثر عليه في قبر “يويا”، باستثناء الخاتم الذي تمت سرقته أثناء اكتشاف المقبرة.
الدليل الرابع
تأكيداً لكون “يويا” ليس مصرياً، لاحظ علماء التشريح أن ملامحه كانت أجنبية بخلاف ملامح وجه زوجته “تويا”، ولم يكن النبي يوسف مصرياً بالفعل، وورد في التوراة أنه تزوج “أسنات” وهي ابنة كبير كهنة أمون، فضلاً على وسامته غير العادية مقارنة بأنه توفي في عمر 110 أعوام.
الدليل الخامس
المومياء لم تتعرض للتحلل مثل بقية المومياوات، وهي دلالة نبوَّته بحسب المعتقدات الإسلامية إذ ورد في حديث للنبي محمد “إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء”، حتى إن ملامح شعره الأشقر لا تزال تظهر على المومياء حتى اليوم.
الدليل السادس
خلو مقبرته من أي رسومات أو نقوش، رغم وجودها وسط مقابر الملوك والأمراء، التي كانت تعج بالرسومات والزخارف، وهو ما يراه العلماء دلالة نبوَّته، إذ لم يكن يعتنق ديانة الفراعنة ولم يكن يؤمن بمعتقداتهم الوثنية، بل كان موحّداً يؤمن بالله، وليس بعدة آلهة كما كان يؤمن المصريون.
الدليل السابع
دفنه في مقبرة ملكية، عكس كل الوزراء في مصر القديمة، وهو ما يراه عالم الآثار المصري أحمد عثمان وغيره ممن يؤكدون النظرية نفسها، دلالةً على كونه “عزيز مصر” كما وصفه القرآن، وأنه كان يحظى بمكانة تقترب من مكانة الملوك والأمراء.
استناداً إلى هذه الدلائل بنى الباحث المصري نظريته، وفسَّر توحيد إخناتون حفيد “يويا” للآلهة، وثورته الدينية على الكهنة والاكتفاء بآله واحد أطلق عليه اسم “آتون”، متخذاً من الشمس رمزاً له.
ومع هذه الأدلة لا يزال هناك من يرفض هذه النظرية ويراها غير منطقية، مثل عالم الآثار المصري الشهير ووزير الدولة لشؤون الآثار السابق زاهي حواس؛ نظراً إلى أن لقب “أبو الفرعون” لم يكن استثنائياً للملك “يويا”، وأن كل ما يرد في هذه النظرية مجرد تخمينات دون ركائز ثابتة على كونه النبي يوسف عليه السلام.