من المناسب أن ارويّ لكم هذه الحكاية، قلتُ ذات يوم لسماحة السيّد القائد: إنّ أحد السادة ـ وهو آية الله السيّد جعفر كريمي ـ يأتي إلى سماحتكم باستمرار، ويطرح عليكم بعض المباحث الفقهيّة والاستفتاءات، والآن يوجد شخص آخر أيضاً من فضلاء الحوزة، وكان أحد تلامذة السيّد الإمام الخميني في النّجف، ويعمل معنا الآن في قسم الاستفتاءات، فاسمحوا له بالحضور أحياناً للتباحث معكم في بعض الجلسات ممّا سيعيننا هذا الأمر في الإجابة على الأسئلة والاستفتاءات التي تُطرح.
فأجاب سماحة السيّد القائد: حسناً، نظّموا الوقت، لكي يحضـر هو أيضاً، فأعددنا له جلسة أو جلستين مع سماحة السيّد القائد؛ ليطرح عليه بعض المباحث العلمية المتعلّقة بالاستفتاءات والمسائل الشـرعيّة، لكن لاحظنا أنّ سماحة السيّد القائد لم يعد يرغب في الاستمرار بهذه الجلسات، فلمّا سألته عن السبب؟.
أجاب سماحته: إنّ السيّد كريمي عندما كان يأتي للمباحثة كان ينقد رأيي بشدّة وأنا أدافع عنه، وهذا ما أفضّله في مثل هذه الجلسات، أمّا بالنسبة لهذا الشّخص الفاضل، فإنّ حياءه يمنعه من مناقشة رأيي، حتى لو لم يكن مقتنعاً بهذا الرّأي، والظاهر أنّ الخجل، أو الاحترام يمنعه من مناقشة هذه الآراء معي؛ لذا فهذه الجلسات غير مفيدة؛ لأنّني أفضّل أنْ تُنتقد الآراء التي أطرحها حتى أُجْبَر للدّفاع عنها وبالتالي نصل إلى نتيجة جيّدة ومفيدة.
كانت هذه أخلاق سماحة السيّد القائد في المباحثة، حتى في جلساته الخاصّة، فهو يُفضّل النّقاش، والبحث، والنّقد في مختلف المواضيع.
*حوار مع حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ أحمد مروي، كتاب السيرة والمسيرة ص 91؛ إصدار مركز حامل اللواء للثقافة والإعلام