ليس فقط معسكر اليسار – الوسط وحده هو الذي خسر أمس. إنتصار المتهم نتنياهو هو هزيمة لسلطة القانون ولكلّ إسرائيلي يريد العيش في "دولة قانون ديمقراطية".. "دولة" لا يوجد فيها أي مواطن فوق القانون. هذا يوم أسود لكلّ شخص سعى لإنهاء كابوس سنوات حكم نتنياهو، الذي تميّز بالتحريض، الانقسام والعنصرية.
على عكس الجولتيْن السابقتيْن من الانتخابات، خاض نتنياهو المنافسة في انتخابات الكنيست التي جرت أمس، وهو متهم بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة في الملفات 1000 و2000 و4000. بعبارة أخرى، ملايين الإسرائيليين صوتوا لصالح مرشح متهم بجرائم. لذلك، ينبغي النظر إلى الانتخابات التي جرت أمس على أنها تصويت على نزع الثقة في أجهزة القضاء والشرطة والنيابة العامة والمستشار القانوني للحكومة.
يدور الحديث عن وضع غير مسبوق. المحكمة المركزية في القدس حدّدت بدء محاكمة نتنياهو في 17 آذار/مارس، بعد أسبوعين من الآن.
بعد قيامه بسحب طلب الحصانة الذي قدمه إلى الكنيست، لن يتمكن نتنياهو من طلب الحصانة مرة أخرى من المحاكمة في هذه الملفات، وتظهر التجربة أن المهمة الأولى التي سيسعى إليها نتنياهو هي إيقاف الإجراءات القانونية في قضيته.
شركاؤه الطبيعيون، الأحزاب اليمينية والأحزاب الدينية المعنية بتغيير ميزان القوى بين السلطات الثلاث، وكبح المحكمة العليا وإلغاء استقلاليتها وإستقلالية المستشار القانوني، لن يوقفوه. على العكس، من المرجّح أن يتعاونوا مع كل ما سيطلبه نتنياهو من مناورات قانونية- سياسية، بما في ذلك تشريع بند التغلّب على المحكمة العليا، بما يمنع عنها إمكانية إلغاء قوانين غير دستورية. هذا يعني أن "إسرائيل" تمضي نحو منحدر حادّ جدًا.
هذا مشروع يتجاوز الدفاع عن رئيس حكومة متهم بجنايات. اليمين في "إسرائيل" يهتم بما أسماه أمس رئيس حزب "يمينا" نفتالي بينت "حكومة سيادة". حكومة ستضم أراضٍ على الرغم من القانون الدولي، وتسلب أراضٍ فلسطينية وتخطّط لنظام فصل عنصري بكل ما للكلمة من معنى. لهذا السبب، يحظر النظر إلى تزامن الظروف على أنه صدفة من أجل تنفيذ سياسة فاسدة يتطلب وجود رئيس حكومة فاسد.
الآن، ستُوجّه معظم جهود نتنياهو لإيجاد "منشقين" من المعسكر المقابل، لكي ينتقلوا إلى معسكره، مما يسمح له بتشكيل حكومة، "على أمل" ألّا يتم إغراء أي منهم بالقيام بذلك، وإلا فإن "إسرائيل" ستتفكك عمليًا من كل قيمها على حد تعبير الصحيفة.
المصدر: موقع العهد