وخلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة قانا الجنوبية، أكد فضل الله أننا في مواجهة الأزمة الداخلية المالية والاقتصادية نبحث دائمًا عن الحلول، لأنه ليس من وظيفتنا أن نأتي لنصرخ، ونحن دائمًا نقول للمسؤولين في الجلسات التي نعقدها في المجلس النيابي أو مع المعنيين، إنه ليس من مهمة المسؤول أن يشتكي، فالمواطن هو الذي يشتكي، وعلى المسؤول أن يجد الحلول المناسبة، وإلاّ لماذا هو في موقع المسؤولية في الحكومة أو المصرف أو الإدارة أو في المجلس النيابي؟
وأوضح: "وإن كان في المجلس النيابي يمكن أن يكون النائب معارضًا، تمامًا كما كنا لسنوات طويلة منذ العام 1992 إلى سنوات قليلة في صف المعارضة لكل النهج المالي والاقتصادي، ولم نكن شركاء في يوم من الأيام في قرارات الحكومات المتعاقبة على الصعيد المالي والاقتصادي، وإلى اليوم نحن لسنا شركاء في هذه القرارات، ومعروف من هي الجهات التي تملك القرار، فمنذ التسعينيات إلى اليوم وجهة القرار لم تتغير إلاّ في بعض الحكومات لفترات قصيرة".
ورأى فضل الله أن واحدة من الخطوات الأساسية لمعالجة الأزمة تكمن في وجود حكومة لأنها هي المسؤولة عن القيام بالإجراءات وإدارة شؤون البلد، ومن دونها لا يمكننا أن نأخذ القرارات ولا إجراء الإصلاحات، ومن هنا سعينا بعد استقالة الحكومة لأن يكون للبلد حكومة جديدة.
وأمل فضل الله أن تتشكل هذه الحكومة، وأن يتم حل بعض التفاصيل العالقة التي يفترض أنها لا تشكل عائقًا مانعًا أمام تأليفها، ونحن قمنا بكل ما علينا أن نقوم به في الفترة الماضية، ولم نتوقف عند أي اعتبار خاص أو حزبي أو مناطقي، لا عند الأسماء ولا عند التوصيفات التي يمكن أن تطلق على الحكومة، ولا عند الحصص، وسعينا لتكون لدينا أوسع قاعدة تفاهم لاقتناعنا أن البلد يحتاج إلى جهود الجميع ولكن هناك من رفض التعاون مع الرئيس المكلف ربما لأسبابه الشخصية أو الحزبية أو لأموره التي لا نريد أن نقف عندها الآن، ولكن الذين رفضوا التعاون، هم الذين كانوا ينادون باستقالة الحكومة ثم يطالبون بتشكيلها، وقبل أن تتشكل سيسمع الجميع الكثير الكثير من الاعتراضات قبل أن نعرف ما هي طبيعتها، وبالتالي ما هو المطلوب، هل أن نبقى في الفراغ على المستوى الحكومي.
وأوضح فضل الله أن البلد يحتاج إلى حكومة تحظى بثقة نيابية، وبالتالي لا بد للرئيس المكلف أن يتفاهم مع رئيس الجمهورية ومع الكتل التي ستمنحه الثقة، فهذه هي القواعد التي يريد البعض أن يخرج عنها، لأن هناك من لا يسمع صوت وصرخة الشعب الحقيقية، وهناك أناس في البلد لا يستشعرون وجع الناس وآلامهم، ولا يبالون لارتفاع سعر الدولار والمواد الغذائية والتموينية، فهم يعيشون في عالم آخر لحساباتهم الخاصة، ولا يريدون أن يشاركوا، ولا أن يتركوا الآخرين ليشكلوا حكومة، وعندما تعلن هذه الحكومة، سيرى الجميع ربما أننا من أكثر الأفرقاء على مستوى الثنائي الوطني الذين سهلنا وساعدنا في تشكيلها، لأننا نعتبر أن هناك ضرورة دستورية ووطنية لتأليف حكومة ببرنامج إصلاحي قابل للتطبيق كي تبدأ خطوات المعالجة للأزمة.
وأمل فضل الله أن تبصر الحكومة النور في القريب العاجل، وأن تضع بيانها الوزاري في أسرع وقت ممكن، لأنه ما دام هناك تفاهم على المبادئ العامة للتوجهات التي ستحكم عمل هذه الحكومة، يمكن أن تضع البيان الوزاري، وتنال الثقة بأسرع وقت، لتبدأ العمل، لأن الأولوية هي للوضع المالي والمعيشي والاقتصادي الذي يستنزف البلد في كل يوم، وهناك من يستنزفه حتى على المستوى الأمني من خلال ما نراه من قطع للطرقات، وحجز حرية الناس، وتعطيل أعمالهم.
وأكد النائب أننا ممن يرفض أي اعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وفي الوقت نفسه، نرفض أن يعامل المواطن بهذه الطريقة التي تعرض لها على يد بعض الأجهزة الأمنية التي لم نراها متحمسة لفتح الطرقات المغلقة، فالذي يريد أن يضبط الأمن، عليه أن يمنع بداية الفلتان الحاصل على الطرقات التي تقطع على المواطنين، وكذلك أن تحفظ الأملاك العامة والخاصة، وحرية المواطن في التنقل.
ولفت النائب إلى أن للأزمة المالية التي يعيشها لبنان أسبابها المتراكمة الداخلية وبعضها خارجي، ولكن هناك من عليه مسؤوليات أساسية، وفي طليعتهم حاكم المصرف المركزي لأن السياسات التي اعتمدها طيلة السنوات الماضية هي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، وطالما حذرنا ونبهنا منها في المجلس النيابي والحكومة واللجان النيابية واللقاءات التي كانت تعقد.
وأضاف فضل الله كان هناك سياسات خاطئة، وبعضها كان مقصودًا كتنفيعات لبعض المصارف بالهندسات المالية وغيرها، وكذلك غياب الشفافية والمعلومات الصحيحة التي لم تكن تعطى للهيئات المعنية في الدولة، لا للحكومة، ولا للمجلس النيابي، وعدم التطبيق الصحيح للقوانين، لا سيما قانون النقد والتسليف، إضافة إلى تخلي الحكومات المتعاقبة عن صلاحياتها، علمًا أنه كان هناك فرد يتحكم لوحده بكل السياسات النقدية في البلد، وعندما كنا نسأل الحكومات، كانوا يقولون بأن البلد لا يحتمل الانتقاد، إلى أن وصلنا إلى هذه النتيجة، وفي هذا الموضوع ليس هناك من أحد فوق المحاسبة والقانون والمساءلة والمطالبة، فلا حصانة على أي أحد في الدولة اللبنانية لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمال العام، أو بحقوق للشعب اللبناني، فهناك حصانات ومحميات طائفية وسياسية ومذهبية، وبعضها يتلطى بالدستور، ويتغطى بالقوانين، وهناك من يعتقد ويتوهم أن عليه حصانات خارجية، وسمعنا بعض المواقف الخارجية التي أطلقت من لبنان وهي خلاف الأصول، فهذه الحصانات لا يمكن لأحد أن يقبل بها، وبالتالي يجب أن يكون هناك محاسبة ومساءلة حقيقية لكل من ارتكب بحق المال ما ارتكب، مهما كان اسمه، فلا يفكرن أحد بأن البلد وصل إلى هنا ويقول أن لا دخل له.
واعتبر فضل الله أن معالجة أموال الناس الموضوعة رهينة المصارف قد تكون في بعض النقاط تحتاج إلى حكومة، ولكن المصرف المركزي بإمكانه أن يضح حلًا مع المصارف، ونحن ممن طرح ملف التحويلات المالية للخارج، وقد تبلغنا أن هيئة التحقيق تقوم الآن ببعض المتابعات لتعرف أي أموال حوّلت للخارج، ولأي سياسيين، ولأي أصحاب مصارف، ولأي نافذين في الدولة من كبار المتعهدين.
ولفت فضل الله إلى أن المطلوب حسب الالتزام المدون في المحضر النيابي، هو التحقيق في التحويلات منذ بداية العام ٢٠١٩ وليس منذ ١٧ تشرين أول، لأن هناك من كان يعلم بما سيحصل، فهرب الأموال من بداية العام، والمصارف كانت تعرف هذا الوضع وكذلك المصرف المركزي، ونحن نريد أن نعرف نتائج التحقيقات، علمًا أنه ليس لدينا ثقة كبيرة بمثل هذه التحقيقات التي تجري، خصوصًا إذا كان من يحقق عليه علامات استفهام.