يتسم تاريخ البشرية بالفضول، بدءا من أسلافنا الذين غادروا إفريقيا لاستكشاف الأراضي الأخرى، ووصولا إلى رحلات الفضاء بحثا عن عوالم أخرى.ومواصلة لهذا النهج، وفي ظل التهديد المناخي للوجود البشري، تهدف الخطط الحالية إلى دفع الجيل التالي من المستكشفين إلى أنظمة شمسية جديدة، بحثا عن عوالم تدعم الحياة.
ورغم أن تكنولوجيا الدفع الصاروخي الحالية المتطورة تعني أن الأمر سيستغرق عشرات أو مئات الآلاف من السنين للوصول إلى نظام النجوم المجاور "رجل القنطور"، المرشح الأكبر لانتقال البشر للعيش فيه.
وداخل "رجل القنطور" أو كما يعرف أيضا بـ"ألفا القنطور"، يوجد النجم القزم الأحمر "قنطور الأقرب" (Proxima Centauri ) أو "بروكسيما سنتوري"/"بروكسيما سي" (Proxima c).
ويبعد "بروكسيما سي" مسافة 4.25 سنة ضوئية عن الأرض، ويدور حوله "بروكسيما بي"، الكوكب الشبيه بحجم الأرض والبعيد عن النجم بدرجة كافية لتكون ظروفه مواتية للحياة.
ويعتقد الدكتور ماريو داماسو من مرصد تورينو الإيطالي، أن كلا من "بروكسيما بي" و"بروكسيما سي" يمثلان أكثر الآمال واقعية لاستعمار عوالم جديدة خارج نظامنا الشمسي.
ولهذا يعمل العلماء على مشروع رائد يحمل اسم Breakthrough Starshot، الذي أسسه كل من الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ، والملياردير الروسي يوري ميلنر ومؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ.
ويهدف المشروع لاستكشاف "ألفا القنطور"، النظام النجمي الأقرب إلى المجموعة الشمسية، بواسطة مركبة فضائية صغيرة لا يتجاوز وزنها بضعة غرامات مدعومة بأشعة الليزر الأرضية تسافر بسرعة تصل إلى 215850569 كم/الساعة، (نظريا، ما يعادل 20% سرعة الضوء)، ما يعني أن الرحلة يمكن أن تكتمل في غضون 40 عاما فقط.
وأثبتت هذه التقنية فعاليتها، حيث قامت كل من وكالة ناسا ووكالة الفضاء اليابانية JAXA بإطلاق مهمة تعتمد شراعا شمسيا، للتحليق في الفضاء الخارجي لمسافات بعيدة بزمن قياسي، اعتمادا على مبدأ عكس أشعة الشمس.
ويقول البروفيسور غروفر سوارتلاندر، من معهد روتشستر للتكنولوجيا لموقع Physics.org: "التكنولوجيا تتقدم، ويمكن أن يحقق الدفع المستند إلى الليزر تسارعا أكبر بكثير من الدفع القائم على الطاقة الشمسية. ومع ذلك، فإن أحد أهم الشواغل أن الشراع يمكن أن ينحرف عن محاذاة شعاع الليزر".
لكن فريق البروفيسور سوارتلاندر، اكتشف طريقة للحفاظ على التوافق باستخدام حواجز شبكية الحيود (الانحراف)، وبدلا من عكس ضوء الليزر، ينقل شراعها الضوء بإحدى الزوايا.
ويمارس الضوء المنحرف كلا من القوة الأمامية لدفع الشراع وقوة جانبية للحفاظ على محاذاته. لكن حمل طاقم بشري يمثل مشكلة أكثر صعوبة كونه أكثر ثقلا، حيث أن السفر لمدة سنة ضوئية في سفينة كبيرة بما يكفي لنقل البشر سيستغرق قرونا، وسيتطلب الوصول إلى كوكب في نطاق "بروكسيما بي" ألف سنة أو أكثر.
وهذا يعني أنه لن يكون بمقدور مجموعة واحدة من أفراد الطاقم البقاء على قيد الحياة من البداية إلى النهاية، لذلك سيتعين على القائمين على مركبة الإطلاق أن ينقلوا الشعلة إلى الأجيال التالية.
وفي حين قد يبدو الأمر وكأنه خيال علمي، إلا أن هناك شبكة صغيرة من الباحثين تعالج مشكلة السفر عبر الأجيال إلى الفضاء بطريقة جدية.
ونظرا لأن الأمر سيستغرق آلاف السنين لاستكمال رحلة التريليون ميل، وضع العلماء الآن، مفهوم "سفينة التوليد"، حيث يولد الناس ويتكاثرون ويموتون على متن سفينة الفضاء.
وأخبر أندرياس هاين، المدير التنفيذي للمبادرة غير الربحية للدراسات البينجمية One Zero: "يمكن للناس العيش في مناطق معزولة، مثل الجزر، لمئات أو آلاف السنين. ونعلم أنه من حيث المبدأ يمكنهم العيش في نظام بيئي صناعي .. إنها مسألة توسيع نطاق الأمور .. هناك الكثير من التحديات، ولكن لا يوجد مبدأ أساسي من مبادئ الفيزياء يتم انتهاكه".