طالبت المرجعية الدينية، بحصر السلاح بيد الدولة وعدم السماح بوجود عناصر مسلحة خارج شرعيتها، معلنة عن شجبها لعمليات القتل والخطف خصوصا حادثة منطقة الوثبة، داعية الجهات المعنية للكشف عن مرتكبي الجريمة ومحاسبتهم، و معبرة عن حزنها لاجتماع عدد كبير من الناس لمتابعة المشاهد "الفضيعة".
وجاء في خطبة الجمعة التي القاها السيد احمد الصافي في كربلاء اليوم (13 كانون الاول 2019):
"مرت قبل أيام الذكرى السنوية الثانية لإعلان النصر على داعش في المنازلة التاريخية الكبرى التي خاضها العراقيون وأبلوا فيها بلاء حسنا لتحرير أجزاء غالية من وطنهم سبق أن استولى عليها التنظيم الارهابي، وقد قدموا في هذا الطريق طوال ما يزيد على ثلاثة أعوام عشرات الآلاف من الشهداء واضعاف ذلك من الجرحى والمصابين، وسطروا صفحات مشرقة من تاريخ العراق بأحرف من عز وإباء، ورسموا خلالها أجمل صور البطولة والفداء، دفاعا عن الارض والعرض والمقدسات.
وفي هذه المناسبة العزيزة على قلوب العراقيين جميعا نستذكر بإجلال واكبار الشهداء الأبرار الذين سقوا تراب الوطن بدمائهم الزكية فارتقوا الى أعلى درجات المجد والكرامة، ونتوجه بأسمى آيات الاحترام والتقدير الى الأحبة من أسرهم وعوائلهم، والى الأعزة الجرحى والمعاقين، والى المقاتلين الأبطال الذين لا يزال الكثير منهم يواصلون الذود عن الحمى ويواجهون بقايا الارهابيين بكل بسالة، ويتعقبون خلاياهم المستترة في مختلف المناطق من غير كلل أو ملل، فلهم جميعا بالغ الشكر وخالص الدعاء.
ولا بد من أن نعيد اليوم التأكيد على ما سبق ذكره من ضرورة أن يكون بناء الجيش وسائر القوات المسلحة العراقية وفق أسس مهنية رصينة، بحيث يكون ولاؤها للوطن وتنهض بالدفاع عنه ضد أي عدوان خارجي، وتحمي نظامه السياسي المنبعث عن إرادة الشعب وفق الأطر الدستورية والقانونية.
كما نعيد التأكيد على ضرورة العمل على تحسين الظروف المعيشية في المناطق المحررة واعادة اعمارها وتمكين أهلها النازحين من العودة اليها بعز وكرامة.
ايها العراقيون الكرام..
إن أمامكم اليوم معركة مصيرية أخرى، وهي (معركة الإصلاح) والعمل على إنهاء حقبة طويلة من الفساد والفشل في إدارة البلد، وقد سبق أن أكدت المرجعية الدينية في خطبة النصر قبل عامين (ان هذه المعركة ـ التي تأخرت طويلا - لا تقل ضراوة عن معركة الارهاب إن لم تكن أشد وأقسى، والعراقيون الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهاب قادرون ـ بعون الله تعالى ـ على خوض غمار هذه المعركة والانتصار فيها أيضا إن أحسنوا ادارتها) ومن المؤكد أن إتباع الأساليب السلمية هو الشرط الأساس للانتصار فيها، ومما يدعو الى التفاؤل هو إن معظم المشاركين في التظاهرات والاعتصامات الجارية يدركون مدى أهمية سلميتها وخلوها من العنف والفوضى والإضرار بمصالح المواطنين، بالرغم من كل الدماء الغالية التي اريقت فيها ظلما وعدوانا، وكان من آخرها ما وقع في بداية هذا الاسبوع من اعتداء آثم على الأحبة المتظاهرين في منطقة السنك ببغداد حيث ذهب ضحيته العشرات منهم بين شهيد وجريح.
إن هذا الحادث المؤلم وما تكرر خلال الايام الماضية من حوادث الاغتيال والاختطاف يؤكد مرة أخرى أهمية ما دعت اليه المرجعية الدينية مرارا من ضرورة أن يخضع السلاح ـ كل السلاح ـ لسلطة الدولة وعدم السماح بوجود أي مجموعة مسلحة خارج نطاقها تحت أي اسم أو عنوان. ان استقرار البلد والمحافظة على السلم الأهلي فيه رهن بتحقيق هذا الأمر، وهو ما نأمل أن يتم في نهاية المطاف نتيجة للحركة الإصلاحية الجارية.
اننا إذ نشجب بشدة ما جرى من عمليات القتل والخطف والاعتداء بكل أشكاله ـ ومنها الجريمة البشعة والمروعة التي وقعت يوم أمس في منطقة الوثبة ـ ندعو الجهات المعنية الى أن تكون على مستوى المسؤولية وتكشف عمن اقترفوا هذه الجرائم الموبقة وتحاسبهم عليها، ونحذر من تبعات تكررها على أمن واستقرار البلد وتأثيره المباشر على سلمية الاحتجاجات التي لا بد من أن يحرص عليها الجميع، كما نشدد على ضرورة أن يكون القضاء العادل هو المرجع في كل ما يقع من جرائم ومخالفات، وعدم جواز ايقاع العقوبة حتى على مستحقيها الا بالسبل القانونية، وأما السحل والتمثيل والتعليق فهي بحد ذاتها جرائم تجب محاسبة فاعليها، ومن المحزن ما لوحظ من اجتماع عدد كبير من الاشخاص لمتابعة مشاهدها الفظيعة يوم أمس، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم".