وقال اللواء الركن سعد العلاق، رئيس مديرية الاستخبارات العسكرية العراقية، إن القبض على صهر للبغدادي في مايو، والذي كان يُدعى محمد علي ساجت كان ذروة نجاح تكتيك العراق المتمثل في تعقب البغدادي من خلال البحث عن أقرب المقربين إليه.
وقال العلاق في مقابلة نادرة: «كنا نراقب تحركات البغدادي بطرق غير مباشرة من خلال أسرته. ووفر لنا ذلك نوعاً من السرية وأعطينا البغدادي انطباعاً بأننا لم نكن نراقب تحركاته».
وساعد ساجت البغدادي في تحاشي السلطات حين سافر، وقال ضباط في المخابرات العراقية لشبكة CNN إنه قدم معلومات مهمة بعد أن أسره العراقيون على مشارف بغداد في أيار/مايو عام 2019.
إذ أرشد قوات الأمن إلى نفق في الصحراء بالقرب من مدينة القائم غرب العراق قريباً من الحدود السورية، حيث عثروا على متعلقات شخصية تخص البغدادي، بالإضافة إلى خرائط وملاحظات عن بعض المواقع مكتوبة بخط اليد.
وقال الضباط إن ساجت أشار أيضاً إلى أن زعيم داعش يمكن أن يكون في محافظة إدلب السورية، وقالوا إن قوات الأمن العراقية تمكنت فيما بعد من التسلل إلى شبكة تهريب البغدادي في سوريا، مما ساعد على تعقبه.
وأطلع العراق قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وسوريا على هذه المعلومات في إطار الإحاطات المعتادة، ثم تولت وكالة الاستخبارات المركزية وغيرها من الوحدات الأمريكية إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، ومعظم أعضائها من الكرد، مهمة العثور عليه.
ولقي البغدادي حتفه مع طفلين كان قد اصطحبهما معه في غارة أمريكية في أكتوبر/تشرين الأول على مشارف قرية باريشا القريبة من إدلب.
ويذكر أن كلاريسا وورد التي تعمل في شبكة CNN أوردت في تقرير لها الشهر الماضي أن نبأ وجود البغدادي في إدلب بدا غريباً للكثير من المحللين، إذ أن إدلب تقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة معارضة تربطها صلات بتنظيم القاعدة، وصحيح أن هناك الكثير من الأفكار الأيديولوجية المشتركة بين الجماعات الجهادية المسلحة، إلا أن داعش والقاعدة والتنظيمات التابعة لها خاضا صراعاً مريراً ضد بعضهما في سوريا، ولذا، بدا مكاناً مستبعداً لاختباء البغدادي، خاصة في قرية تبعد حوالي 5 كم فقط عن الحدود التركية.
وقال العلاق إن الكثير من قادة داعش فروا إلى شمال سوريا ليكونوا أقرب إلى مصادر تمويلهم، وأضاف أن العمليات العسكرية المستمرة حول نهر الفرات في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا أثارت أعصاب البغدادي، وقال: «سافر إلى الغرب ليكون بعيداً عن العمليات العسكرية وساحات القتال».
عملية عين الصقر
ظل العراق يطارد زعيم داعش صعب المنال منذ أعلن الخلافة المزعومة من الجامع الكبير في الموصل في يوليو/تموز عام 2014.
وأُرسل جواسيس إلى المدينة، وعزل العراقيون أحد المناطق مرة واحدة على أقل تقدير اعتقاداً منهم أنهم حاصروه، وقال العلاق إن البغدادي في ذلك الوقت كان يغير موقعه أكثر من 10 مرات في اليوم.
جُمعت تفاصيل المهمة التي أُطلق عليها اسم «عملية عين الصقر» في عرض تقديمي أَطلع ضباط في المخابرات العسكرية العراقية شبكة CNN عليه، وقالوا إن البغدادي كان في العراق في أوج صعود تنظيم داعش، قبل أن تبدأ العمليات العسكرية العراقية في الموصل وحولها في طرد مقاتليه.
وقد هرب البغدادي عبر الأراضي التي يسيطر عليها داعش إلى سوريا في أغسطس/آب عام 2017، وواصل العملاء العراقيون تعقبه وهو في طريقه إلى الشمال، على طول طريق الفرات نحو دير الزور، حيث كان في فبراير/شباط عام 2018، على حد قول مسؤولين.
وقيل لشبكة CNN إن والد زوجة البغدادي الثالثة أدى دوراً رئيسياً في هذا الوقت، وأصبح يُعرف بـ»شبح الصحراء» لقدرته على نقل مقاتلي داعش دون كشفهم بين الموصل في العراق والرقة في سوريا.
وفي فبراير/شباط عام 2018، قالت السلطات العراقية إنها حققت إنجازاً آخر باعتقالها محمد الدُليمي، المعروف باسم أبو إبراهيم. وهو نجل أحد مساعدي البغدادي السابقين الذي كان أحد الناقلين الرئيسيين لرسائل داعش المشفرة في ذلك الوقت.
وقال العلاق إن اعتقاله أدى إلى الحصول على المزيد من المعلومات حول مرشد البغدادي، ساجت، وكان خطوة مهمة أدت إلى اقتناصه.
وقال مسؤولون إن البغدادي غادر مخبأه في دير الزور بعد اعتقال الدليمي. وشارك العراق المعلومات التي حصل عليها مع قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية في محاولة جديدة للعثور على زعيم داعش.
وقال رؤساء المخابرات العراقية إن البغدادي استمر بعدها في التنقل في الصحراء السورية بين تدمر وحمص حتى مارس/آذار من هذا العام على أقل تقدير، قبل أن يتجه شمالاً إلى حيث حوصر الشهر الماضي وقتل نفسه.