ولفت الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الوضع في الشرق الأوسط إلى أن الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة حرصت لدى إنشاء المنظمة على الاستناد الى مبادئ القانون الدولي وفي مقدمتها احترام سيادة الدول والمساواة فيما بينها ورفض التدخل في شؤونها الداخلية ونبذ أعمال العدوان والاحتلال والهيمنة وأناطت بالمنظمة الدولية مهمة تحقيق طموحات الشعوب في السلم والأمن والتنمية والرفاه.
وقال الجعفري: إلا أن عددا من الدول الغربية النافذة سعت للسيطرة على المنظمة الدولية وحرفها عن مجراها وتحويلها إلى أداة لخدمة أجنداتها القائمة على القرصنة والهيمنة.. وبالتالي شهدنا منذ إنشاء المنظمة تصاعدا كبيرا في عدد الأزمات والحروب وممارسات العدوان التي اتخذت الأمم المتحدة موقف المتفرج حيال الكثير منها لا بل تم استخدامها أحياناً للترويج لاتهامات باطلة وبناء المسوغات لتبرير الغزو والاحتلال.
وأوضح الجعفري أن شعوب المنطقة العربية كانت ولا تزال ضحية تلك الممارسات العدائية والأزمات المصطنعة التي لا تزال إحدى صورها تلقي بآثارها الكارثية وظلالها القاتمة على واقعنا الراهن رغم انقضاء ما يزيد على سبعة عقود عليها ألا وهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان وعجز الأمم المتحدة وبشكل خاص مجلس الأمن عن فرض تنفيذ قراراته الخاصة بإنهاء هذا الاحتلال.
وأشار الجعفري إلى أنه أمام هذا الواقع والتحديات القائمة يجد الكثير من الدبلوماسيين والمهتمين أنفسهم أمام تساؤل مشروع حول ما آلت إليه هذه المنظمة التي باتت عاجزة عن إعمال وفرض احترام مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق متسائلا.. هل سيقتصر دورها على التباكي على ضحايا الحروب وأعمال العدوان والاحتلال؟ وهل ستكتفي بتحويل حقوق الشعوب الرازحة تحت نيران الاحتلال في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان إلى مجرد جلسات نقاش إعلامية لذر الرماد في العيون والمناورة لعرقلة الحل؟ وهل من الممكن قبول مواصلة الأمانة العامة لامبالاتها حيال استمرار تجاهل مبعوثها إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف في إحاطاته الجولان السوري المحتل وممارسات الاحتلال القمعية بحق أهله؟.
كما تساءل الجعفري عن أهمية الميثاق إذا كان بعض المؤتمنين عليه هم من ينتهكه بشكل مباشر أو من خلال أدواته، وهل تم وضع أحكام الميثاق ليتم تطبيقها على الدول الصغيرة فقط والتلاعب بها لأغراض تتنافى مع أهداف واضعيها… وهل آن الأوان لنعترف جميعاً بأن الأمم المتحدة مجرد حلم جميل انتهى وبالتالي أن نتساءل ما البديل عنها.
ولفت الجعفري إلى أنه بدلاً من أن نرى سعياً نحو الاستقرار في المنطقة شهدنا مؤخراً فصلاً جديداً من فصول العدوان الإسرائيلي دفع المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر حيث شن الاحتلال اعتداءات متكررة على الأراضي السورية وعلى أراضي دول عربية مجاورة في انتهاك سافر للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن إضافة إلى مواصلته العمل على تشويه تاريخ الجولان السوري المحتل وسرقة آثاره ونهب ثرواته وتغيير طابعه الديموغرافي وهويته الوطنية السورية من خلال الاستيلاء على أراضي أهله الصامدين بهدف توسيع مستوطنات لا شرعية أو إقامة مخططات احتلالية جديدة مثل مخطط المراوح الهوائية "التوربينات" وإجبار أهلنا في الجولان على تسجيل أراضيهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم لدى سلطات الاحتلال تحت طائلة مصادرة اراضي المعترضين على ذلك وتنظيم ما سمي زورا "الانتخابات المحلية" وهي كلها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني الذي يتعامل معه البعض بازدواجية فاضحة في المعايير وبنفاق فاق كل الحدود.
وبين الجعفري أنه ما كان لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي أن تستمر وتتصاعد بهذا الشكل لولا الدعم الأعمى المقدم له من حكومات دول معروفة تتحمل المسؤولية الكاملة عن تبعات ما يقوم به الاحتلال من جرائم وانتهاكات لافتا إلى أن إعلان الإدارة الأمريكية بشأن الجولان السوري المحتل وقبله إعلانها القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال ونقل سفارتها إليها ومحاولات واشنطن تصفية القضية الفلسطينية ما هو إلا صور بشعة لهذا الدعم وهي كلها قرارات مدانة وباطلة شكلاً ومضموناً ولا أثر لها وتمثل أعلى درجات الازدراء بالشرعية الدولية.
وجدد الجعفري تأكيد سوريا أن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أراضيها وأن استعادته إلى خط الرابع من حزيران لعام 1967 وبكل السبل التي يكفلها القانون الدولي ستبقى الأولوية للسياسة السورية والبوصلة التي لن تحيد عنها كما جدد مطالبتها بإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالعمل على إطلاق سراح الأسير صدقي المقت وسراح جميع الأسرى السوريين القابعين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد الجعفري موقف سوريا الثابت والمبدئي الداعم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس مع ضمان حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وفقاً للقرار رقم 194 لعام 1948 ومطالبتها بمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.