وتقود رابطة مكافحة السرطان هذا الصيف حملة توعية حول مخاطر التعرض لأشعة الشمس، شعارها "لا تدع سرطان الجلد يضع حدا لقصتك.. افحص نفسك"، وذلك حسب تقرير للكاتب بيار بيانفولت نشرته صحيفة "لاكروا" الفرنسية.
وبينت الجمعية أن "حالات الإصابة بالورم الميلانيني الجلدي تضاعفت ثلاث مرات بين عامي 1980 و2005"، مضيفة أن متوسط تطوره يفوق 3.4% سنويا لدى الإنسان خلال السنوات الثماني الماضية. وفي عام 2017، سجل إحصاء 15 ألفا و404 حالات جديدة من سرطان الجلد في فرنسا أدت إلى 1783 حالة وفاة.
حملات توعية
وتكشف هذه الإحصاءات أن الفرنسيين لم يدركوا بعد المخاطر بشكل كاف. ويقول رئيس النقابة الوطنية لأطباء الأمراض الجلدية الدكتور لوك سوليموفيتش إنه "مر أكثر من عشرين عاما منذ أن تكثفت الحملات التوعوية، لكن الرسائل لا تصل بشكل تام".
ووفقًا لمقياس عام 2015 للوكالة الوطنية للصحة العامة في فرنسا، يدرك 95% من الفرنسيين أن التعرض لأشعة الشمس يسبب الإصابة بالسرطان.
ويعتقد عُشر الفرنسيين أن وضع كريم واق من الشمس مرة واحدة يكفي للحماية طيلة اليوم، ولا يزال 20% من الفرنسيين يعتقدون أن حروق الشمس تُعِد البشرة عن طريق جعلها أقل تضررا من أشعة الشمس.
كما يعتقد نصف الأشخاص المستجوبين أن حروق الشمس في مرحلة الطفولة ليس لها أي انعكاسات في سن الرشد، بينما الواقع أن الزمن لا يمحو كل شيء.
وفي الحقيقة، تزيد حروق الشمس الحادة في الطفولة، المرفقة بالفقاعات الجلدية، من خطر الإصابة بالورم الميلانيني في سن الرشد، خاصة لدى الأشخاص الذين تحتوي بشرتهم على الكثير من الشامات، أو الذين سبق أن أصيب أفراد من عائلاتهم بسرطان الجلد.
وينصح الدكتور سوليموفيتش "بالانتباه أكثر للشمس حين تكون قد تعرضت لأشعتها بشكل كبير في صغرك"، كاشفا أنه خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، سبّب بعض الأطباء نوعا من الخلط في هذه المسألة، حين أكدوا للأولياء أنهم يستطيعون ترك أطفالهم في الشمس، دون أن يسبب ذلك لهم أي مشكلة.
كما أوضح أنه "في ذلك الوقت، كانت المعلومات حول الورم الميلانيني محدودة. والأهم من ذلك، كانت هناك فكرة راسخة للغاية خلفتها فترة ما بعد الحرب ونقص الغذاء، تفيد بأن الشمس كانت جيدة للنمو وللأطفال الذين يفتقرون إلى فيتامين دي".
الثورة الصناعية
ويميل عدد كبير من الفرنسيين إلى تسمير البشرة، الذي تحول مع مرور الوقت إلى "مؤشر اجتماعي" حقيقي. وهذا ما أشارت إليه الوكالة الوطنية للصحة العامة في فرنسا استنادا إلى مقياس 2015.
وأظهرت الدراسة أنه "حتى نهاية القرن 19، كانت البشرة البيضاء مفضلة وتمثل نمط حياة الفئات الأكثر امتيازا. وكان التسمُّر مرتبطا بالعمل الخارجي للطبقة الكادحة أو الأصول الإثنية، باعتباره مؤشرا يدل على الانتماء إلى الطبقات الاجتماعية المحرومة".
ثم تغير ذلك مع الثورة الصناعية، إذ وجدت الطبقة الكادحة نفسها داخل المصانع عوض الحقول. وبالتزامن مع ذلك، بدأت المنتجعات بالتطور في عهد الإمبراطورية الفرنسية الثانية. وتدريجيا، لم تعد البشرة الفاتحة أو الشاحبة تعتبر علامة على الثروة، بل مؤشرا على الفقر وسوء الصحة. وفي العام 1936، تعزز هذا التطور مع ظهور الإجازات المدفوعة الأجر.
وتلاحظ دراسة الوكالة الفرنسية أنه "في ظل تطور أنشطة ترفيهية ورياضات في الهواء الطلق، وعطلات أو رحلات، أصبح التسمر شيئا فشيئا معيارا للجمال، ورمزا للنجاح ولحياة تسمح بالترفيه، ورمزا للرخاء المادي".
للتسمر ثمن
وفقًا للدكتور سوليموفيتش، تصطدم خطب الوقاية من أشعة الشمس اليوم بهذه الضرورة الاجتماعية التي تقضي بعدم العودة من العطلة ببشرة بيضاء، معتبرا أن "العودة ببشرة خضعت للتسمر يُظهر امتلاكك إمكانيات السفر وقضاء إجازة. ولكن في ظل قصر مدتها، يعرّض البعض أنفسهم للشمس بدرجة أكبر حتى يتسمرون بشكل أسرع".
ويميل الخطاب الصحي إلى تشديد لهجته لتفنيد الفكرة التي تفيد بأن التسمر علامة على التمتع بصحة جيدة. لذلك، صرحت السلطات الصحية الأميركية أن "البشرة المسمّرة ليست بشرة في صحة جيدة".
وتعتبر هذه الخطوات مرحلة جديدة في التواصل الصحي، فهل يكون ذلك قبل المرور إلى مرحلة تعليق لافتة يُكتب عليها "التسمر قاتل" عند مدخل الشاطئ؟