ففي مقابل النمو الهائل لعدد السكان الذي يصل 12 مليار نسمة بحلول عام 2100، هناك حوالي 820 مليون فرد يعانون من الجوع، وحوالي مليارين يشتكون من السمنة المفرطة، و30% من الإنتاج الفلاحي (الزراعي) ما زال يضيع قبل وصوله للمستهلك.
نحو تغيير نمط الحياة
لا يوجد بالنسبة لخبراء البيئة حل لوقف تدهور الأراضي، سوى تغيير النمط المعيشي الذي اعتاده البشر خلال السنوات المنصرمة والتحول نحو الغذاء النباتي، وهو ما جاء في التقرير الذي يؤكد أن الرعي هو السبب الرئيس في تدهور الأراضي، وعليه فإن المطلوب هو تقليل استهلاك اللحوم، وتشجيع التشجير لأن 23% من الغازات الدفيئة تأتي بسبب القضاء على الغابات والمساحات الخضراء.
وبحسب التقرير، فإن استخدام الأراضي يتسبب في إنتاج ما نسبته 13% من غاز أكسيد الكربون الموجود حاليا في الجو، و44% من غاز الميثان، و82% من غاز الآزوت، وهذا الأخير له قدرة على إحداث الاحترار تفوق أكسيد الكربون بحوالي 298 مرة، بينما لغاز الميثان قدرة احترار تفوق 20% أكسيد الكربون.
النظام الغذائي وغازات الدفيئة
كان هذا التقرير الذي جاء تحت عنوان "التغيرات المناخية والأرض"، محل نقاش خبراء البيئة، الذين يمثلون 195 دولة، خلال اجتماعهم بمدينة جنيف السويسرية الأسبوع المنصرم وهو أول تقرير شامل يتطرق إلى موضوع التغيرات المناخية وتأثيرها في الأراضي وكيفية مواجهة آثارها السلبية، ويقترح حلولا لمواجهة هذه التحديات دون التسبب في زيادة تدهور الأراضي أو ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو.
وقالت الباحثة الأميركية كاترين كرامر التي أسهمت في إعداد التقرير -في تصريح للجزيرة.نت عبر البريد الإلكتروني- "إن النظام الغذائي العالمي يتسبب في حوالي الثلث من نسبة الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ونسبة الحريرات (السعرات الحرارية) التي يتناولها الفرد الواحد زاد منذ عام 1961 بحوالي الثلث، واستهلاك اللحوم والزيوت زاد أيضا إلى الضعف، وهذا يجب أن يتغير".
ودعت كرامر "إلى ضرورة إيجاد توازن بين من يعانون الجوع، ومن يشتكون من السمنة، والتقرير الحالي يدعو إلى العمل على ذلك في أقرب وقت".
وحسب ما جاء في البيان الصحفي الذي أصدرته المجموعة الدولية، فإن التقرير سيشكل خارطة طريق في المفاوضات الدولية الخاصة بالاتفاقية الدولية لمحاربة التصحر شهر سبتمبر/أيلول المقبل بالهند، والاتفاقية الدولية لمحاربة التغيرات المناخية التي ستقام خلال شهر ديسمبر/كانون الأول في تشيلي.
التشجير هو الحل
وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة التصحر، إبراهيم تياو في بيان صحفي له، "إن تقرير المجموعة الدولية للتغيرات المناخية يشكل إضافة جديدة لشرح الواقع المؤلم الذي يعيشه الإنسان اليوم".
وأضاف تياو "الكل يعلم أن الإنسان هو المتسبب الرئيس في ظاهرة التغيرات المناخية لكن الجهود التي بذلت حتى اليوم من دول العالم ليست كافية".
في السياق، قال عضو الأمانة العامة في المجموعة الدولية للتغيرات المناخية، المغربي عبد الله مكسيت، "لقد بلغنا مرحلة لم يعد الحديث فيها عن آثار التغيرات المناخية مجديا، وإنما يجب أن نتخذ إجراءات ميدانية عاجلة".
من جهتها، قالت الباحثة في جامعة باب الزوار بالجزائر نادية نجراوي التي كانت من بين المشاركين بالتقرير، "استعرضت تجربة الجزائر في محاربة التصحر والمتمثلة في مبادرة السد الأخضر التي أطلقت خلال سبعينيات القرن الماضي، وكانت تجربة ناجحة لكنها لم تستمر".
وأكدت الباحثة الجزائرية أن "تدهور الأراضي ظاهرة عالمية (ومن ثم الاحتباس الحراري)، والحل يكمن دائما في إعادة التشجير".