هذا هو المثال الأكثر شيوعاً لما يُعرف بالألم المحوّل أو ألم الرجيع، وهو ذاك الألم الذي يشعر به المصاب في موضع غير موضع الإصابة.
ويسبب الألم المحوّل ظاهرة محيرة لكل من يعاني منها، فكيف يشعر بالألم في مكان ما، بينما المصدر الأصلي للألم في مكان آخر؟
في الحالة التي طرحناها بداية هذا التقرير يمكنك التعرف عليها بطريقة بسيطة:
إذا شعرت بألم في كتفك حرِّكها، لو زاد الألم أو قلَّ فهذا دليل على وجود مشكلة في الكتف نفسها، مثل شدِّ في العضلات أو الأربطة.
أما إذا حرَّكت كتفك ولم تشعر بأي فرق فاعلم أن هذا ألم الرجيع.
ولكن ألم الكتف لا يعني فقط مشاكل قلبية، فهناك أسباب عديدة يكشفها ألم الكتفين وغيرها من أعضاء الجسم.
ما سبب الألم المحوّل؟
لا يزال الأطباء غير متأكدين تماماً من أسباب الألم المحوّل.
يعتقد بعضُ الخبراء أن ذلك يرجع إلى مزيج من الرسائل العصبية. يتلقَّى الجهاز العصبي المركزي (CNS) باستمرار وابلاً من الرسائل المختلفة من حول الجسم.
قد تختلط هذه الرسائل في مكان ما على طول الطريق، بين المكان الذي يشير إليه العصب المهيج والحبل الشوكي أو المخ، حيث تتم معالجة إشارات الألم.
مع شبكة واسعة من الأعصاب الحسية المترابطة التي تخدم نفس المنطقة من الجسم، مثل أعصاب أسفل الظهر والفخذين والوركين، قد يكون من الشائع أن تختلط الإشارات أكثر مما تتخيل.
أعراض الألم المحوّل
على الرغم من أن الألم المحوّل عادة ما يكون مؤلماً، فإنه قد يتسبَّب أيضاً في الشعور بالتخدير أو الوخز أو الإحساس بالدبابيس والإبر.
مثال آخر للألم المحوّل هو صداع التوتر، الذي يحدث فيه الصداع نتيجة لتهيّج الأعصاب في الرقبة.
غالباً ما يكون الألم المحوّل في الكتف أو مكان الشعور بالألم ثابتاً، أي لا يزول الألم عند الراحة، وقد يختفي ويعاود الظهور من جديد.
لا يميل ألم الرجيع إلى عبور جوانب الجسم. بمعنى آخر، إذا كانت إشارات الألم ناشئة عن الكبد أو المرارة (الموجودة على الجانب الأيمن من الجسم)، فقد تشعر بألم في كتفك اليمنى. إذا نشأت الإشارات في البنكرياس (على يسار الجسم)، فقد تشعر بألم في كتفك اليسرى.
كيفية علاج الألم المحوّل
سيحتاج الطبيب في البداية معرفة مصدر الألم، كي يحدد أفضل طريقة للتعامل معه، ولهذا سيوجه للمريض بعضَ الأسئلة في البداية للاستفسار عن مكان الألم، ومدته، والتاريخ المرضي، أي إصابات سابقة في منطقة الكتف.
بعد ذلك يطلب الطبيب إجراء بعض الاختبارات الأخرى للتحقق من سبب الألم، مثل تصوير الموجات فوق الصوتية، والأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي.
يمكن لتقويم العمود الفقري معالجة مصدر ألم الرجيع، مما يؤدي إلى تخفيف الألم على المدى الطويل.
قد تكون الأعصاب في منطقة الحبل الشوكي مهيّجة بسبب اختلال العمود الفقري (خلع جزئي) مما يسبب الألم المحوّل. عندها يقوم المعالج بتقويم العمود الفقري.
الألم المحوّل والألم المشع.. هل هناك فرق؟
من المهم ملاحظة أن هناك فرقاً بين الألم المحوّل والألم المشع، وفيه ينتقل الألم الذي يشعر به في منطقة ما إلى أسفل العصب، مما يسبب الألم على طول العصب.
هذا هو الحال في كثير من الأحيان مع عرق النسا، حيث ينشأ الألم في أسفل الظهر ويشع أسفل الساق على طول مسار العصب.
يمكن لتقويم العمود الفقري أن يحدد الفرق بين نوعي الألم.
يميل ألم الرجيع إلى أن يكون أقل تركيزاً، ويكون في منطقة قريبة عادةً من مصدر الألم.
غالباً ما يرتبط هذا النوع من الألم بنقاط تحفيز، يتم تدريب مقوم العظام على البحث عنها عند إجراء اختبار لمحاولة فهم مصدر الألم.
نقاط التحفيز هي عقد صغيرة في العضلات، حيث ترتبط ألياف العضلات.
الألم الناتج في تلك العقد غالباً ما يكون عميقاً وثابتاً، يمكن أن يحدث ذلك عندما تكون في حالة راحة أو عندما تتحرك.
أما الألم المشع فيبدأ في مكان واحد، وينتقل منه إلى مكان آخر كما ذكرنا في مثال عرق النسا.
أسباب الألم الرجيع
يمكن أن تكون العديد من المشكلات الصحية وراء الألم الذي تشعر به في الكتف، بما في ذلك:
– مشاكل في القلب:
عند حدوث النوبة القلبية أو الذبحة الصدرية، قد يعاني المرء من آلام في الصدر، أو ضيق في التنفس. في بعض الأحيان تكون الأعراض عبارة عن ألم في الكتف أو الذراع أو الرقبة، وأحياناً يكون الألم في الفك.
– مشاكل في الرقبة:
عند حدوث مشاكل في الرقبة قد تشعر بالألم في منطقة الكتف، ومن أكثر مشاكل الرقبة حدوثاً العصب المنضغط. ويحدث عندما يكون هناك ضغط بشكل كبير أكثر من اللازم على العصب من الأنسجة المحيطة به.
– مشاكل في الرئتين:
قد تُسبب مشاكل الرئة مثل الالتهاب الرئوي أو الأورام في الشعور بألم في الكتف.
كذلك قد يُسبب حدوث جلطة دموية في الرئتين (الانسداد الرئوي) الإحساس بألم في الكتف، ولكن الألم يكون سيئاً جداً، وتصحبه صعوبة في الاستلقاء أو النوم.
– جراحة البطن بالمناظير:
عند إجراء عملية جراحية بالمنظار في منطقة البطن لإزالة المرارة، أو لتضييق المعدة، أو لأي سبب آخر، قد تصاب بألم في الكتف.
قد يكون هذا نتيجة احتباس ثاني أكسيد الكربون في منطقة البطن، مما يؤثر على العمود الفقري والأعصاب، فيُسبِّب آلاماً في الكتف.
– مشاكل في البطن:
تشمل المشاكل في منطقة البطن وجود الحصى، والتهاب البنكرياس، وتكيسات المبايض، والحمل خارج الرحم (يحدث في قناتي فالوب)، وفي تلك الحالات يحدث ألم في البطن، وأحياناً يظهر الألم بين الكتفين.
مواقع أخرى للألم المحوّل
كما ذكرنا فألم الكتف يعد أكثر الآلام المحولة شيوعاً، ولكنه ليس الوحيد، فهناك عدة أمثلة أخرى من بينها:
– ألم في الخصية بسبب انتفاخ الحالب.
– ألم في منتصف الظهر يشير لوجود مشكلة في المعدة أو البنكرياس.
– الألم في السرة قد يكون طريقة للتعبير عن اضطرابات وظيفية للأمعاء.
– عند الشعور بألم في منطقة الظهر أسفل الكتف قد يكون مؤشراً على تمدد الأوعية الدموية الأبهرية، ويحدث في جدار وعاء الدم الرئيسي الذي يحمل الدم من القلب إلى الجسم.
– آلام منطقة الحوض عند السيدات غالباً ما تدل على التهاب في المبيض.