يعاني السودان من عدم استقرار أمني متفاقم، في ظل خلافات بين المجلس العسكري و قوى الحرية والتغيير حول مسودة وثيقة اتفاق بشأن إدارة المرحلة الانتقالية، تتوسط فيه الوساطة الإفريقية المشتركة (الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا).
وأرجأت "قوى إعلان الحرية والتغيير" في السودان إلى غدا الثلاثاء لقاء تفاوضيا كان مقررا، الأحد، مع المجلس العسكري الانتقالي.
واكد قيادي في "قوى الحرية والتغيير"، وعضو وفد التفاوض مع المجلس العسكري السوداني أن موعد التوقيع النهائي مع المجلس العسكري لم يتم تحديده منذ البداية، وأن عامل الوقت لن يؤثر على الدراسة الدقيقة لبنود الوثيقة كافة والرد عليها بعد اتفاق كل الآراء.
ولفت محمد ضياء الدين، في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك" اليوم الاثنين، إلى أن "هناك اجتماعات متوالية بين القوى الرئيسية الخمس المكونة لقوى الحرية والتغيير، وتقوم تلك اللجان بدراسة بنود الوثيقة المقدمة من الوسيط الأفروإثيوبي" متوقعا الانتهاء من تلك المناقشات وإعداد الرد النهائي على الوسيط غدا الثلاثاء.
وشدد القيادي المعارض على أن القرار مشاركة بين جميع القوى وأن لجنة التفاوض لا تتخذ قرارات منفردة، بل تطرح كل ما تقترحه على قيادة الحرية والتغيير للموافقة أو الرفض، لذلك لن نقبل أي ضغوط داخلية أو خارجية بحجة عامل الوقت، ما يعنينا هو الخروج برأي موحد يحدد أولويات المرحلة الانتقالية.
ونفى ضياء الدين أن يكون الحزب الشيوعي أو حزب البعث وراء تأخر الاتفاق على ما جاء بالوثيقة، مؤكدا أن هناك تكتلات تعبر عن كل قوى الحرية والتغيير تناقش الوثيقة.
أما مسألة التوقيع وتوقيتها فيتوقف على الاتفاق داخل قوى الحرية والتغير، وفق القيادي الذي يقول "إذا اتفقنا فسيتم التوقيع على الوثيقة، كما أن لدينا وفدا في العاصمة الإثيوبية يناقش مع الحركات المسلحة نفس البنود الموجودة في الوثيقة الرئيسة بالخرطوم بحيث نصل إلى توافق بين الجميع".
وجدد تأكيده أنه لا توقيع قبل الوصول إلى اتفاق واضح وصريح ويحمل موافقة كل الأطراف، مضيفا "لسنا منزعجين من مسألة التأخير أو الوقت، الأفصل هو الوصول إلى رؤية لا تقبل التأويل خلال الفترة الانتقالية، وتكرار الحديث عن موعد التوقيع هو محاولة لاظهار قوى الحرية والتغيير بأنها غير متفقة وغير ملتزمة".
وأبدت قوى إعلان الحرية والتغيير، الأحد، تحفظها على نقاط عدة تتعلق بمسودة الاتفاق مع المجلس العسكري، مؤكدة في الوقت ذاته أنها "تخضعها للدراسة وسط مكونات قوى التغيير".
وبحسب مصادر مطلعة، فإن هناك نقاط خلافات تحول دون توقيع المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقوى إعلان الحرية التغيير التي تقود الحراك، على الاتفاق الذي أعلن الوسيط الأفروإثيوبي التوصل إليه مطلع يوليو الجاري.
وكان المجلس العسكري وقوي الحرية والتغيير في السودان اتفقا برعاية الاتحاد الأفريقي على إقامة مجلس سيادي تكون رئاسته بالتناوب لمدة ثلاث سنوات أو تزيد قليلا، وتشكيل حكومة مدنية من كفاءات مستقلة برئاسة رئيس وزراء مستقل، وإرجاء إقامة المجلس التشريعي إلي ما بعد تشكيل الحكومة.
المعارضة ترفض منح حصانات مطلقة لمجلس السيادة
الى ذلك، أجمعت أغلب كتل قوى "إعلان الحرية والتغيير" اليوم الاثنين على رفض منح حصانات مطلقة لأعضاء مجلس السيادة الإنتقالي المقترح تشكيله لإدارة البلاد في السنوات الثلاث المقبلة.
وبحسب مقترح وثيقة دستورية قدمتها الوساطة الأفريقية الإثيوبية، فإن أعضاء مجلس السيادة سيتمتعون بحصانة تمنع محاسبتهم على أي جرم طوال مدة الفترة الانتقالية.
وأثار المقترح جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية وفي الشارع السياسي بسبب المخاوف من إفلات من تورطوا في مجرزة فض الاعتصام والتي راح ضحيتها أكثر من 100 متظاهر، لا سيما مع توقع أن يكون خمسة من العسكريين أعضاء في مجلس السيادة.
وبحسب "العربي الجديد"، فإن أغلب الكتل والأحزاب المكونة لقوى إعلان الحرية والتغيير رفضت بشكل مطلق النص الخاص بالحصانات وطالبت بإلغائه تماماً، كما طالبت بتقييد الحصانات وتقنينها.
وشملت اعتراضات الكتل على ضرورة تكوين المجلس التشريعي مهامه في فترة أقصاها ثلاثة أشهر، فضلا عن مطالبتها بتقليص صلاحيات مجلس السيادة ورفض تغوله في صلاحيات مجلس الوزراء.
ومن المنتظر أن تنهي اليوم الاثنين جميع الكتل دراسة وثيقة الإعلان الدستوري والإعلان السياسي تمهيداً لاستئناف التفاوض يوم غد الثلاثاء.
عبد الفتاح البرهان يلتقي المبعوث الأميركي
من جهة أخرى، التقى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي اليوم، المبعوث بالأميركي الخاص للسودان، دونالد بوث، وبحسب وكالة السودان للأنباء، فإن اللقاء تناول تطورات عملية المباحثات الجارية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير بهدف التوصل لاتفاق يتم بموجبه تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.
وأوضح بوث، في تصريحات صحافية، أن اللقاء الذي جمعه برئيس المجلس العسكري كان جيدا ومثمرا وعبر عن تفاؤله بقرب تحقيق السودانيين لأحلامهم بتشكيل حكومة بقيادة مدنية ورئيس وزراء مستقل، مشيراً إلى أنه سيلتقي بكل الأطراف.
وأكد بوث أن الولايات المتحدة مهتمة وملتزمة بمساعدة السودانيين في التوصل لاتفاق بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية، وأنها تريد أن ترى السودان وقد تجاوز المرحلة الحالية، مضيفا أن الولايات المتحدة ستعمل مع شركاء السودان الدوليين الآخرين للتأكد من أن السودانيين حققوا اختراقا في هذا الشأن، حتى يتسنى دعمهم من المجتمع الدولي.
ويشهد السودان أزمة سياسية منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل/ نيسان الماضي إثر احتجاجات شعبية، لتستمر الاحتجاجات ضد المجلس العسكري الذي تسلم السلطة للمطالبة بنقلها للمدنيين.