وبحسب كتاب “القتل في اسطنبول: جمال خاشقجي وولي العهد”، فقد كانت المخابرات البريطانية في حالة تأهب قصوى عندما كان “خاشقجي” موجودا هناك بتاريخ الـ29 سبتمبر 2018، وأرسلت رسالة للمخابرات السعودية بأن اغتيال خاشقجي على أراضيها “ليست فكرة جيدة”.
ويأتي هذا الكشف بعد أيام من نشر تقرير للأمم المتحدة أوصى بإجراء مزيد من التحقيق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتهمة قتل جمال خاشقجي.
وبحسب “ديلي إكسبرس” فإن هناك أدلة قوية تشير إلى أنه قُتل بناء على أوامر من بن سلمان.
وفقا لمذكرات اعترضها مقر الاتصالات الحكومية –وهو منظمة استخباراتية وأمنية مسؤولة عن توفير إشارات الاستخبارات وضمان المعلومات إلى الحكومة والقوات المسلحة في المملكة المتحدة-، فقد كان المسؤولون السعوديون يراقبون خاشقجي.
وأكدت مصادر في المخابرات البريطانية: “لقد علمنا في البداية أن هناك شيئًا ما كان يحدث في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر، أي قبل حوالي ثلاثة أسابيع من دخول خاشقجي إلى القنصلية في 2 أكتوبر، على الرغم من أن الأمر استغرق مزيدًا من الوقت لتظهر تفاصيل أخرى”.
وتضمنت هذه التفاصيل أوامر أساسية للقبض على خاشقجي وإعادته إلى السعودية لاستجوابه.
وكان من المقرر أن يتحدث خاشقجي في مؤتمر لمنظمة التحرير الفلسطينية في 29 سبتمبر 2018، أي بعد عام من خروجه من المملكة العربية السعودية.
يكتب “ويلسون” أن اثنين من رجال المخابرات السعودية وثلاثة من كبار المسؤولين العسكريين قد طاروا إلى اسطنبول بهدف الانتقال إلى لندن بحلول نهاية الأسبوع.
كان من الواضح أن السعوديين اختاروا لندن ليكون “موقعًا أجنبيًا” للهجوم.
وكتب ويلسون: “من الواضح أن محتويات الاعتراضات أثارت مخاوف من احتمال استهداف لندن كموقع لاختطاف جمال”.
وأضاف ويلسون: “رغم أن الهجوم قد خطط ضد خاشقجي، إلا أن التحذير البريطاني للمخابرات السعودية تم أخذه بعين الإعتبار، ولم يحدث شيء، وغادر جمال خاشقجي لندن بسلام”.
والأربعاء الماضي، حمّلت مقررة أممية، “مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى”، مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي، بقنصلية الرياض في مدينة إسطنبول التركية.
وأشارت إلى أن قتلة الصحفي السعودي استخدموا “وسائل الدولة” لتنفيذ جريمتهم.
جاء ذلك في إفادة قدمتها أغنيس كالامارد، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية، خلال جلسته الـ41، المنعقدة بمقره بمدينة جنيف السويسرية.
ونقلت قناة “يورونيوز” الإخبارية الأوروبية، عن كالامارد، قولها إن “قتل خاشقجي تم بموافقة مسؤولين (سعوديين) رفيعي المستوى”.
وأضافت أن “فريق القتل المكون من 15 شخصا، الذي شارك في قتل خاشقجي، استخدم وسائل الدولة لتنفيذ عملية القتل التي تحتاج إلى موارد بشرية ومالية كبيرة”.
ورفضت كالامارد، تأكيد السعودية على ضرورة التعامل مع قضية مقتل خاشقجي على مستوى القضاء الداخلي فقط.
وأشارت إلى أن الجريمة وقعت في تركيا، “والقتل يعد جريمة دولية، وانتهاك لمعاهدة فيينا” التي تحدد أطر العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
وأوضحت كالامارد، أن “التحقيق السعودي فشل في تتبع التسلسل القيادي المسؤول عن تلك العملية”.
ولفتت إلى أنها “وجدت دليلا موثوقا يستدعي تحقيقا مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.
وتابعت أنها بينما عقدت، في إطار تحقيقها، اجتماعات مع مسؤولين في تركيا والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والسويد، إلا أنها لم تتلق “أي رد حتى الآن” من السعودية لعقد اجتماعات مع مسؤولين بالمملكة.
ومطلع أغسطس/ آب 2016، تم تعيين كالامارد، مقرر خاص للأمم المتحدة لمتابعة عمليات الإعدام، مع تفويض لدراسة حالات الإعدام خارج نطاق القضاء.
وقتل خاشقجي، في 2 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، في قضية هزت الرأي العام الدولي.