كل ما لا تعرفه عن.. "حمزة (سيد الشهداء)"

الإثنين 17 يونيو 2019 - 13:32 بتوقيت مكة
كل ما لا تعرفه عن.. "حمزة (سيد الشهداء)"

شخصيات خالدة – الكوثر: حمزة بن عبد المطلب، هو عمّ النبي محمد (ص)، ومن شهداء غزوة أحد، والملقّب بأسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء.

 

كان من كبار قريش ويعتبر أحد أكبر مساندي الدعوة النبوية - قبل وبعد إسلامه - وكان من أقوى حماة النبي مقابل الإيذاءات والممارسات العدوانية التي كان (ص) كثيراً ما يتعرّض لها من قبل مشركي قريش.

بإسلامه انحسرت الممارسات التعسّفية الموجهة ضد النبي (ص)، وقد شارك المسلمين في أيام شعب أبي طالب، وحضر غزوتي بدر، ثم أحد والتي استشهد فيها في سنة 3 هـ.

 

كنيته ولقبه

كلّ ما اشتد فقد حَمُز، وقد سُئل: أي الأعمال أفضل؟ قيل: أحمزها، يعني أمتنها وأقواها وأشدّها، والحمزة: الأسد؛ لشدّته وصلابته. واشتقاق حمزة من قولهم: قلبٌ حَمِيز، أي ذكيٌّ ملتهِب. لقّب بأسد الله وأسد رسوله. وبعد استشهاده خصّه رسول الله بـالصلاة على جنازته ونال لقب "سيد الشهداء".

كان له من الولد يَعلى الذي كان يُكنّى به حمزة (أبا يَعلى) وعُمارة بن حمزة، وقد كان يُكنّى به أيضاً وأمه هالة بنت أُهَيب (وُهَيب) بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.

 

قبل البعثة

نشأته

أبوه عبد المطلب بن هاشم وأمّه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أو بنت وُهيب بن عبد مناة. هناك روايات تفيد بأن ثويبة مولاة أبي لهب، أرضعت النبيصلى الله عليه وآله وسلم وحمزة وجعفر وغيرهم، كما يوجد تصريح صادر عن النبي بأنّ حمزة كان أخ النبي (ص) من الرضاعة.

ومن يرى بأنه كان أكبر من النبي بأربع سنين. إلى ذلك البعض يعتقد أن إرضاع ثويبة للرسول (ص) لا يصحّ أصلاً، ونظراً لذلك من المحتمل أن يكون عمر حمزة قد جاوز عن ما ذكر.

حسب المؤرخين:...أصيبت قريش بسنة من القحط، فقرر رسول الله (ص) أن يأخذ علياً من أبيه وهو صغير وأخذ حمزة جعفراً، ليكفّا أبا طالب مؤنة الأولاد ويخفّفا عنه ثقلهم.

وكان حمزة صاحب قنص (أي: يصطاد). وكان من بين أولاد عبد المطلب الذين تصدّوا للرئاسة في قريش، وحظي بمكانة مرموقة، فقد كان يُتخذ حليفاً من قبل الآخرين.

 

بعد البعثة

بعدما بُعث الرسول (ص) وجاء الموعد ليُنذر عشيرته الأقربين (يوم الإنذار)، كان حمزة بن عبد المطلب من ضمن الحاضرين. وتذكر المصادر بأنه كأخيه أبي طالب كان يحامي عن الرسول مقابل ما كان يقوم به المشركين من ابتزازات من قبل إسلامه، فكان يردّ عليهم وخاصة ما يصد عن قبيلة قريش ولا سيما أبي لهب للنبي (ص).

 

إسلامه

قد ذُكرت في بعض المصادر حوافز وأسباب لـإسلام حمزة بن عبد المطلب. منها ما نقله ابن إسحاق في سيرته نقلاً عنه (ع) بأنّه في يوم من الأيام بعد البعثة غدا على رسول الله (ص) فقال له: "يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه وإقامة مثلى على ما لا أدري ما هو، أ رشداً هو أم غي شديدة؟ فحدِثني حديثاً فقد اشتهيت يا بن أخي أن تحدثني". فأقبل رسول الله (ص) فذكّره ووعظه وخوفه وبشّره، وعلى إثره ألقى الله عز وجل.pngفي نفسه الإيمان بما حدثّه الرسول فشهد له، فطلب منه أن يُظهِر دينه.

وقد روي عن علي بن الحسين زين العابدين (ع) أنه قال: لم يدخل الجنة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب -وذلك حين أسلم- غضباً للنبي (ص) في حديث السلى الذي ألقي على النبي (ص).

قد أسلم في السنة الثانية من المبعث، وقيل: بل كان إسلام حمزة بعد دخول رسول الله (ص) دار الأرقم في السنة السادسة من مبعثه، وقبل إسلام أبي ذر الغفاري.

يرى البعض أنه لما أظهر الرسول دعوته، أخذ من انتحل دين الإسلام ومنهم حمزة بن عبد المطلب، يدعو ناحية سراً حتى فشا الإسلام بـمكة. كان مصاحباً للرسول (ص) ولم يهاجر إلى الحبشة. وبقي مع المسلمين في فترة شعب أبي طالب.

 

بعد الهجرة

قد آخى الرسول بين المهاجرين والأنصار في المؤاخاة الأولى في مكة، فصار حمزة مع زيد بن حارثة أخوين، مَن أوصى إليه حمزة يوم أحد حين حضره القتال إن حدث به حادث الموت. وفي المؤخاة الثانية تآخى حمزة وكلثوم بن الهدم في المدينة، قبل غزوة بدر.

وقيل أن أول لواء عقده الرسول (ص) بعد قدومه إلى المدينة لحمزة بن عبد المطلب، حينما بعثه في 30 راكباً -نصفهم من المهاجرين و نصفهم من الأنصار- فبلغوا سيف البحر لعير قريش قد جاءت من الشام تريد مكة، فيها أبو جهل في 300 راكب من أهل مكة. فاصطفوا للقتال، فتوسّط بينهم مجدي بن عمرو الجهني -فكان حليفاً للفريقين- حتى انصرف القوم وانصرف حمزة راجعاً إلى المدينة في أصحابه، ولم يقع القتال بينهم.

 

غزوة بدر

اصطفّ المسلمون والمشركين في منطقة تقع فيها آبار بدر، صباح الجمعة، 17 شهر رمضان، وقال بعضهم بأنّها كانت يوم الإثنين 17 أو 19 من شهر رمضان، في السنة الثانية للهجرة.

کان أبو جهل يوبّخ عتبة، وأجبره أن يبدأ بالمبارزة في حرب كان يحاول إطفاء نارها، وهكذا بارز هو وولده، الوليد إضافة إلى شيبة وبدؤوا الحرب. فأخرج لهم الرسول الأكرم، حمزة -وكان أقربهم إلى المشركين- والإمام علي (ع) وعبيدة بن الحارث لساحة القتال، فقتل حمزة شيبةَ، وقتل علي (ع) الوليد، ولكن عبيدة لم يتمكن من هزيمة عتبة فكرّ حمزة وعلي (ع) عليه وقتلاه.

 

استشهاده

قد برز جيش المسلمين [إلى أحد] لمجابهة الكفار، يوم السبت لسبع ليال خلون من شوال أو النصف منه.

فعلى رواية قالت ابنة الحارث لـوحشي بن حرب -وكان عبداً لها- : إنّ أبي قتل يوم بدر، فإن أنت قتلت أحد الثلاثة فأنت حرّ، إن قتلت محمّداً، أو حمزة بن عبد المطّلب، أو علي بن أبي طالب، فإني لا أرى فى القوم كفواً لأبي غيرهم.

البعض يرى بأنّ هند بنت عتبة كانت قد أعطت وحشياً عهداً لئن قتل محمداً أو علياً أو حمزة لأعطيته رضاه. وفي رواية أخرى كانت قَد نذرت لئن قدرت على حمزة لتأكلنَّ من كبده.

كان وحشي يريد قتل علي في بادئ الأمر إلا أنه كان قد خرج عليه وهو حذر مرس، وكثير الإنتباه، فانصرف إلى حمزة وهو يصول ويجول، فترصد له حتى إذا حانت الفرصة فرماه وأرداه قتيلاً. وعلى رواية كان حمزة بن عبد المطلب يقاتل بين يدي رسول الله (ص) يوم أحد بسيفَين ويقول: "أنا أسد الله وأسد رسوله" وجعل يقبل ويدبر، فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة فوقع على ظهره، وبصر به الأسود، فزرقه بحربة فقتله. وقيل طعَنه الحبشي بحربة أو رمح فبقره. وكان ذلك في النصف من شوال، أو السابع منه على أشهر الأقوال.

 

التمثيل به

قام وحشي بشقّ بطن حمزة قتله وأخرج كبده فجاء بها إلى هند بنت عتبة بن ربيعة، فمضغتها، ثمّ لفظتها.

يقال بأنّ هند بنت عتبة بعد أن جاءها وحشي بكبد حمزة وقدّمها إليها، نزعت ثيابها و حليّها، فأعطتها له ووعدته بعشرة دنانير إذا قدم مكة. ثمّ جاءت فمثّلت بحمزة، وجعلت من ذلك مسكتين ومعضدين وخدمتين حتّى قدمت بذلك مكة. فلقّبت بـآكلة الأكباد.

وذكرت المصادر بأنّ رسول الله (ص) لما وقف على حمزة حيث استشهد فنظر إلى منظر لم ينظر إلى شئ قط كان أوجع لقلبه منه ونظر إليه قد مثل به. فتأثر النبي تأثراً غير مسبوق، وقال (ص):"لو لا أن تحزن صفية أو تكون سُنة من بعدي ما غيبته ولتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير، ولئن أنا أظهرني اللّه على قريش في موطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم، فلما رأى المسلمون حزن رسول اللّه (ص) وغيظه على ما فعل بعمّه، قالوا: واللّه لئن أظهرنا اللّه عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثّلها أحد من العرب بأحد قط. فنزل جبرئيل (ع) بآية 126 من سورة النحل.


تجهيزه ودفنه

أتت صفية -أخت حمزة- بثوبين لتكفّن أخاها، فكفّن حمزة بأوسعها وكفّن بالثاني رجل من الأنصار صريع إلى جنبه. وعن رسول الله (ص): لقد رأيت الملائكة تغسل حمزة.

وكان حمزة أول من صلّى الرسول عليه ذلك اليوم من الشهداء. حيث جاء في المصادر بأنّ النبي صلّى على قتلى أُحد عشرة عشرة. يصلّي على حمزة مع كل عشرة. وفي أخرى أنه وضع رسول الله حمزة فصلّى عليه وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلّى عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة. ثم جيء بآخر فوضع إلى جنب حمزة فصلّى عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة، حتى صلّى عليه يومئذ سبعين صلاة.

 

البكاء عليه

تفيد الروايات بأنّ النبي لما رأى حمزة قتيلاً بكى، فلما رأى كيف مثّل به شهق.

وتذكر الروايات أيضاً أنّ الرسول مرّ على نساء بني عبد الأشهل لمّا فرغ من أحد فسمعَهن يبكين على من استشهد منهم بأحُد فقال رسول الله (ص): "ولكن حمزة لا بواكي له"، فسمعها سعد بن معاذ فذهب إلى نساء بني عبد الأشهل فأمرهن أن يذهبهن إلى باب رسول الله فيبكين على حمزة، فذهبن فبكين.

فلم تبك امرأة من الأنصار بعد ذلك اليوم على ميّت إلا بدأت بـالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها.

 

مقبرته

وقد كانت السيدة فاطمة بنت الرسول (ص) تزور قبر حمزة رضي الله عنه، ترمه وتصلحه، وقد علّمته بحجر. وكانت بنت الرسول (ص) تستعمل تربة حمزة كمسابيح، فاستعملها الناس بعد ذلك.

قام الأمويون -وبسبب عداءهم لـأهل بيت النبي (ص)- بتصرفات سلبية تجاه قبر حمزة وشهداء أحد. يقال بأن أبا سفيان وفي أيام عثمان قد مر بقبر حمزة وضربه برجله وقال ما تعبيره يا صاحب القبر، إن الأمر الذي تنافسنا عليه وحصلنا عليه بشق الأنفس وبقوة السيف، أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعبون به.

وبعد مضي حوالي 40 سنة من غزوة أحد، أراد معاوية أن يجري عينا بالأحد، فأمر بنبش قبور الشهداء، ومن ضمنها قبر حمزة، والظاهر قد نقل مع عدد منهم إلى مكان آخر.

كان قد بني مسجد على قبر حمزة، إلا أنه وبعد سيطرة الوهابية على شبه الجزيرة وتحت قيادة آل سعود، دمر المسجد بقبته ومنارته بالكامل سنة 1344 هـ. وبعد أن تم تخريب ذلك المسجد، قاموا ببناء مسجد آخر بالقرب منه، في الجهة الغربية لمقبرة شهداء أحد، اشتهر بمسجد أحد، ومسجد علي ومسجد حمزة.

 

منزلته وفضائله

في رواية عن الرسول -وهو في مرضه الذي قبض فيه- موجّه لـفاطمة يصف فيها عمّه الشهيد، خير الشهداء وأحبهم إلى الله.

كما قال (ص) فيه: "خير إخوتي علي، وخير أعمامي حمزةعليهما السلام1.png .

وعند مصرعه يوم أحد قال صلوات الله عليه: "رحمك الله أي عمّ فلقد كنت وصولاً للرحم، فعولاً للخيرات".

وفي إحدى رسائله يحتجّ الإمام علي بن أبي طالب على خصومه ويتباهى بعمه حمزة وأخيه جعفر وغيرهم، ويقول: منّا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف.

وكان يُسمّى سيف حمزة بن عبد المطلب، اللياح، وفرسه الورد.

 

أولاده

كان له من الولد يعلى وعامر وعُمارة، الذي قدم العراق مع المسلمين وشارك معهم في الجهاد.

وقد كان ليعلى بن حمزة أولاد. عمارة والفضل والزبير وعقيل ومحمد درجوا، والمشهور لم يبق لحمزة وُلد ولا عقب.

ولو أن هناك من أعتبر من نسله في القرن العاشر.

 

الموسوعة الالكترونية لمدرسة أهل البيت

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الإثنين 17 يونيو 2019 - 13:32 بتوقيت مكة