بات من المعروف أن اعتكاف القضاة الذي بدأ يأخذ منحى تصعيديا أتى على خلفية توجه الحكومة لاقتطاع جزء من مخصصاتهم بدءا بتخفيض مساهمة الخزينة في صندوق التعاضد العائد لهم وتخفيض تقديمات منح التعليم والاستشفاء ما اعتبره مصدر قضائي بأنه يمس بـ"أمن القضاة الإجتماعي"، بدون أن يغفل الإشارة إلى أنّ "إعتكافنا المفتوح" يسعى ،من ضمن ما يسعى اليه وربما هو الامر الأهم ، إقرار استقلالية السلطة القضائية عن السلطة السياسية وإن كان حسن سير المسار القضائي يتطلب من دون أدن شك تعاون جميع السلطات بحيث لا يكون هناك "سلطة او تبعية"لواحدة على الأخرى.
يشدّد المصدر القضائي على أنّ اعتكاف القضاة يصيب "مقتلاً" في الموازنة نظراً للآثار السلبية المترتبة على هذا الاعتكاف جراء تعليق البت بمئات الدعوى القضائية وبالتالي حرمان خزينة الدولة من ايرادات مالية كبيرة بفعل الامتناع عن جباية الرسوم القانونية للدعاوى خصوصا مخالفات السير التي تدر أموالاً كبيرة على الخزينة.
أما اللافت والمستغرب فهو عدم تلمس أي أفق للحلحلة لاسيما في ضوء الواقع القائم والملتبس بين مجلس القضاء الأعلى والقضاة أقله انتصارا لمبدأ العدالة في لبنان.
ومع استمرار القضاة في اعتكافهم انضم اليوم مساعدهم إلى الاعتكاف المفتوح أي المساعدين القضائيين الذين بدأوا اعتكافهم المفتوح اليوم بعد اعتكاف تحذيري ليوم واحد نفذوه في جميع قصور العدل في بيروت والمناطق وللسبب عينه أي المس بمكتسباتهم المحقة على ما يقول أحد المساعدين القضائيين الذي انضم إلى "تجمع للمساعدين القضائيين "تقرر إقامته في مهلة زمنية قصيرة لمواكبة التطورات المحيطة بعمل القضاة، "لأن كرامتنا هي من كرامة القضاة والقضاء قررنا التحرك ولأننا نرفض المس بحقوقنا"مضيفاً "نحن ننفذ اعتكافاً مفتوحا جاهدين بأن لا نلحق الضرر بمصلحة المواطنين والمتقاضين فنستثني من الاعتكاف المهل القانونية والملفات المتعلقة بالموقوفين.
بين مطرقة الحقوق المكتسبة والمشروعة للقضاة ومساعديهم وسندان الحكومة الساعية وراء خفض عجز متراكم منذ عشرات السنين، لا يبدو أن هناك ضوءاً يلوح في نهاية نفق يشل عمل القضاء ويعطل مصالح المواطنين ويحرم خزينة الدولة من ايرادات هي بأمس الحاجة إليها.